كتابات خاصة

لماذا تأخرت عملية تحرير تعز؟

ياسين التميمي

أدلى نائب الرئيس رئيس مجلس الوزراء خالد بحاح بتصريح جديد بخصوص تعز، أعاد فيه إطلاق الوعود بشأن قرب موعد تحرير محافظة تعز، وزاد هذه المرة أن قال إن خطة تحرير المحافظة جاهزة.

أدلى نائب الرئيس رئيس مجلس الوزراء خالد بحاح بتصريح جديد بخصوص تعز، أعاد فيه إطلاق الوعود بشأن قرب موعد تحرير محافظة تعز، وزاد هذه المرة أن قال إن خطة تحرير المحافظة جاهزة.
وكان أهم ما قاله لجريدة القدس اللندنية أن لا تحفظ على دور الإصلاح في مقاومة تعز، بل على العكس هذا دور مرحب به ومن كل من يساعد على “استعادة الدولة من قبضة مليشيات الغدر”.
يشار إلى بحاح باعتباره المسئول اليمني الأكثر قرباً من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قيل إنها تتحفظ على المضي قدماً نحو تحرير محافظة تعز.. الواقع لا شيء واضح بهذا الخصوص، وعما إذا كان بحاح رجل الإمارات أم رجل السعودية.
 فالإمارات هي رأس حربة في عملية تحرير عدن والعند، وهي رأس حربة في تحرير محافظة مأرب، لكنها أيضاً جزء في التحالف الذي تتولى المملكة العربية السعودية قيادته، وهذا التحالف يقوم بمهمة محفوفة المخاطر، ويخوض معركة وجود يكون فيها أو لا يكون، والأهم من كل ذلك أن خسائر الإمارات البشرية هي الأعلى، ما يفترض أن تكون هذه الدولة أقل حرصاً على مقاربة معادلة توزيع القوى في اليمن بحذر شديد.
ولكن لا أحد ينكر حقيقة العداء الإماراتي للإخوان الذين يعتبر الإصلاح جزء منهم، وهو عداء أحمق وطائش، ولا تفسير منطقي له سوى أن واشنطن والغرب الذي يمنح التحالف العربي غطاء للتحرك في اليمن ومواصلة مهمته العسكرية، هو الذي يضغط ربما في تحديد أجندة المعركة، مما يجعلها تبدو غير منطقية، وتنصرف إلى غير مقاصدها وأهدافها.
مثال على ذلك أن معركة تحرير عدن استتبعتها عملية إقصاء للمقاومة وتشكيك في مهمتها وإساءة إليها، كان هذا جزء من أجندة أمريكية لا يمكن بالضرورة أن تعبر عن مصلحة الإمارات ولا عن مصالحها الحيوية، وأي من مصالح الدول الأعضاء في التحالف العربي.
فالجميع يعلم أن أمريكا لديها حساسية من القاعدة، وهي المساحة التي يلعب فيه المخلوع صالح والحوثيون ويسوقون أنفسهم من خلالها.
تتأخر معركة تحرير تعز لاعتبارات عديدة، أولها أن تحرير تعز سيؤثر بعمق في عملية تقرير المصير السياسي للجنوب، ولهذا جرى التعامل مع تعز بالتقسيط، حيث قام التحالف بتحرير باب المندب التابع للمحافظة ويكاد يحرر مدينة المخا وميناءها وهما جزء من تعز أيضاً.
 وبتحرير باب المندب أحرق التحالف العربي ورقةً كانت بيد المخلوع صالح والحوثي، وجعلتهم طرفاً مؤثراً في مجرى الأحداث في اليمن، كونهم يسيطرون عل مضيق استراتيجي هام على خط الملاحة الدولية.
تحرير تعز سيؤمن ملاذاً لكل القوى الوطنية بمختلف انتماءاتها، وسيمنحها عمقاً مهما في الحركة وفي التأثير في مجرى الأحداث، وهو أمر قد لا يكون محبذا للقوى التي تريد تقرير مصير اليمن على نحو يجعل من هذا البلد متطابقاً تماماً مع مصالحها.
إشكالية مقاومة تعز أن قضيتها يمنية بالأساس ليس لها لون مذهبي ولا طائفي ولا جهوي، أمر جعل من مقاومة تعز قوة أخلاقية، وعدوها يفتقر إلى الأخلاق، وإلى الحجة، خصوصاً وأن المخلوع والحوثيين لم يستطيعوا إقناع أحداً حتى الآن بأنهم يحاربون القاعدة و”الدواعش” في محافظة تعز.
إن حسم المعركة في تعز سيزيد من الضغط على صنعاء، لأن تعز تمثل مخزوناً لا يستهان به من المقاتلين الذين أكسبتهم المعارك خبرة ومراساً، ويمكن أن يمثلوا مدداً للحسم إن على صعيد استعادة صنعاء أو في دعم خيارات اليمنيين المجمع عليها في مؤتمر الحوار.
هذا الأمر لا يروق لأي من الأطراف المنخرطة في الصراع، ذلك أن المعركة في اليمن على الرغم من مظهرها العسكري الصارخ تُدار من مطابخ السياسة أكثر من أنها تدار في غرف العمليات الحربية.
ليس ثمة ما يثير الاهتمام إذا في قول نائب الرئيس إن هناك خطة جاهزة لتحرير تعز، أو أن ينفي وجود تحفظ على وجود مقاومة تابعة للإصلاح في هذه المحافظة… لكن الشيء المثير للاهتمام بالنسبة لي هو أن تعز سوف تخوض معركة النصر، وحينما قررت أن تقاوم فإن ذلك يعني أن تعز لا يمكن إقصاءها بعد اليوم، فكما انتصرت للثورتين الأولى والثانية وكانت مركز الثقل فيهما، فإنها لن ترضى بأقل من أن تكون  جزء أساسيا في تقرير مصير اليمن على نحو يليق بنضالاتها وتضحيات رجالها ونسائها، وبإيمانها العميق بالوحدة الوطنية وباليمن ككيان غير قابل للتجزئة.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى