آراء ومواقف

فيلم 10 أيام قبل الزفة.. هذا ما لفت انتباهي

محمد السامعي

شاهدت هذا الفيلم اليمني المثير للجدل الذي ذاع صيته بشكل كبير.. ربما أول فيلم يمني حصل على هذه الشعبية منذ فترة طويلة.. الفيلم من بطولة الفنانين خالد حمدان وسالي حمادة، وإخراج عمرو جمال. أخيرا شاهدت فيلم “10 أيام قبل الزفة” بعد انتظار طويل.

شاهدت هذا الفيلم اليمني المثير للجدل الذي ذاع صيته بشكل كبير.. ربما أول فيلم يمني حصل على هذه الشعبية منذ فترة طويلة.. الفيلم من بطولة الفنانين خالد حمدان وسالي حمادة، وإخراج عمرو جمال.
اللافت للانتباه في الفيلم الذي مدته ساعتين، إنه ركز على جملة كبيرة من القضايا والهموم والمشاكل، والشوق والحب والوفاء والجفاء ونكران الجميل والتعاون والكفاح وزرع المحبة والشرور والأنانية والتضحية وغيرها.
يحكي الفيلم عن قصة الشاب اليمني الذي يكافح كثيرا من أجل الحصول على شريكة حياة يحبها، ويعمل جاهدا بشكل كفاحي فريد من أجل توفير تكاليف الزفاف، والانتظار المتكرر لإتمام هذه الفرحة التي تقف أمامها صعوبات كبيرة وعوائق مؤسفة تحول دون إتمام الهدف في الوقت المحدد، ما قد يؤدي إلى يأس الشاب وحزنه ومحاولة قراره ترك الزواج من الفتاة التي يحبها، قبل أن يكون الحظ حليفه ويحقق هدفه بإتمام الزفاف بتكاليف بسيطة في شقة صغيرة مستأجرة بعد تشرد مؤسف جراء ظروف الحرب.
ركز الفيلم على العديد من الهموم التي يعاني منها المواطن العدني أو المواطن اليمني بشكل عام، جراء الظروف الصعبة الحالية، مثل الانقطاع المتكرر للكهرباء وضعف تغطية الهاتف، إضافة إلى مأساة الصرف الصحي كما هو مبين في بعض المشاهد، مع التطرق إلى الدمار التي جلبتها المواجهات والاشتباكات وكيف أصبحت بعض المنازل مجرد أشباح خالية من كل معاني الحياة.
تطرق الفيلم إلى مسألة التضحية في الحب والصبر على الحبيب ومحاولة عمل كل شيء يمكن أن يساعد على رضا الشريك، مع الكفاح المستمر من أجل جلب تكاليف الزواج ومتطلباته.
حكى أيضا عن مسألة أزمة الحصول على شقق للإيجار وارتفاع أسعارها وجشع بعض مالكي البيوت واستغلالهم حاجة الناس، وهو الأمر المنتشر حاليا في كافة المدن اليمنية، مع التطرق إلى دخل الموظف اليمني البسيط الذي قد لا يعمل على توفير كافة متطلبات الحياة.
ركز كذلك على بعض حالات التكافل بين الزوج وزوجته في مسألة التشارك من أجل الحياة، كتصرف مأمون ورشا (بطلا الفيلم) اللذين قررا تقاسم دخلهما من أجل مصاريف البيت وعون أهلهم رغم قلة الدخل.
في الفيلم أيضا هناك تطرق لبعض الجشعين فاقدي جمال الروح وروعة القلب، الذين لا هم لهم سوى إشباع شهواتهم بعيدا عن كل القيم، كأن يصمم أحدهم على ضرورة الزواج برشا (بطلة الفيلم) رغم إنها مخطوبة لمأمون الذي يعاني من ظروف مادية صعبة، مستغلا ظروفه المالية الجيدة وظروف أسرة رشا الصعبة في الحصول عليها وكأنه سيقوم بشراء سلعة عن طريق ماله الوفير، وقراره أخيرا بطرد رشا وأهلها من المنزل بعدما عرف رفضها الكامل بالزواج منه.
أبرز الفيلم أيضا بعض الجماليات التي يعيشها المجتمع العدني أو اليمني بشكل عام، وهي مسألة التكافل وإمكانية عيش عدة أسر في منزل واحد، واستضافة بعض الأسر لأسر أخرى مشردة ونازحة جراء ظروف الحرب، دون أي مقابل، وهو أمر ينم عن تصرف قيمي أخلاقي، يدل على عظمة وروعة اليمني الطيب المتعاون الأصيل.
هناك أيضا تطرق إلى جزء من تفاصيل الحياة في عدن، كوجبة الزربيان وصناعتها والشاهي الحليب العدني(الملبن)، والبخور العدني الجميل وتفاصيل أخرى جمالية تحكي عن واقع فريد مميز تأثر سلبا بظروف الحرب اللعينة التي خلقت نسبة من الجشعين الذين يريدون أكل الأخضر واليابس؛ فيما يدفع المواطن البسيط ثمن هذا النزاع المرير .
يريد الفيلم أن يقنع المشاهد بأنه لا مستحيل في الحياة، وأنه لا يقف شيئا أمام الحب، إن كان هناك تكافل مشترك وقناعة مشتركة من الطرفين، وأنه ليس من الضرورة إتمام الزفاف بالبذخ والحفل الكبير؛ بل الأهم من ذلك هو تحقيق الزواج وصنع فرحته بأقل التكاليف، مع التخطيط للمستقبل القريب ولو بالشيء اليسير.
هناك أيضا حاجة مهمة تطرق لها الفيلم وهي ندم الآباء على بعض تصرفاتهم في الماضي، التي كانت لها تأثيرات سلبية على حياتهم ومستقبل أولادهم، وهو الأمر الذي قد يجبر الأب على التصرف بعنف مع ولده والهدف فقط هو إقناع ولده بعدم السير في الطريق الخاطئة التي سلكها الوالد وتسببت له بمتاعب عديدة.
في الأخير: نود القول إن الدراما اليمنية قادرة على التفوق والعمل بشكل إيجابي ومؤثر طالما وجد من يعمل بطريقة حرفية، أو من حاول العمل بشكل مميز، ولا مستحيل في الحياة، فمشوار التفوق يبدأ بخطوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى