كتابات خاصة

وطن منحوس بالسلبية

أحمد ناصر حميدان

ولهذا لا تقبل أي اتفاق يضبطها بنظم وقوانين الشراكة والتوافق، وعودة الوضع لحالة الدولة الضابطة والضامنة للحقوق والواجبات، والمواطنة الايجابية.

الحرب تفرض علينا واقعها، وكياناتها الطارئة، كيانات تعتقد أن بالحرب قد تمكنت منا، وعلينا تقبل واقعها المفروض عنوة دون مقاومة.

ولهذا لا تقبل أي اتفاق يضبطها بنظم وقوانين الشراكة والتوافق، وعودة الوضع لحالة الدولة الضابطة والضامنة للحقوق والواجبات، والمواطنة الايجابية.
تلك الكائنات هي العضو السلبي الذي يخل بالتوازن العام للتغيير والتحول السلس والطبيعي لمستقبل منشود يلبي تطلعات الامة، أو ايجاد تناغم  يفضي لتعافي وطن من الشقاء والتعاسة، والخروج من عنق زجاجة الماساة.
ومن مأساة الحرب تخل بالتوازن العام للمجتمع، وتناغم اعضائه للعمل معا بإيجابية، لخلق واقع يحقق القاسم المشترك بين قواه الحية، وتدعم روح المواطنة السلبية فيه، لتعطيل التعافي، روح سلبية تنقلنا من مشكلة لمشكلات، لتبرر استمرار الحرب وعواقبها وتداعياتها الوخيمة.
مثل ما يحتاج الانسان للعلاج من السقم لطبيب مختص، تحتاج الامة لوعي لتتفوق المواطنة الايجابية، للمعالجة الاحداث والمشكلات بإيجابية، وعي يبحث عن حلول في أروقة الاختصاص والكفاءة والقدرات المهنية لمعالجة كل القضايا، مستندا على العلم والبحث والدراسة.
إن غاب الوعي ترك مجالا للمواطنة السلبية بحماسها وشططها وتهورها، فنجد الجاهل والمتخلف يُدلي بدلوه في كل شأن، في ما يتعلق بمصير ومستقبل الامة , هو لا يملك علما واختصاص فيما يدلي، ويزيد من حجم المأساة انه يصر على رأيه أيّاً كان ولا يقبل الراي الآخر، أو رأي الاختصاص والخبرة فيتمادى ليصل لعدم احترام الآخر الشريك والمتأثر بالحدث، بجهل لمفهوم وقيم التعايش والشراكة ووطن يستوعب الجميع.
تلك الكائنات التي طرأت بالحرب مشبعة بعنجهية القوة وعفوية الحماس الغير واعي، فتنتج أفعال سلبية، تجدها فرصة لتحقق مطالب خاصة على حساب قضايا عامة، تتمادى لتصير قاتلة للقضايا الوطنية والانسانية، وهذا ما يحدث، اليوم وتجد من يستثمر تلك الكائنات لأجنداته الطامعة، ويقودها كما يقاد الجمل المخشوش.
وتنقسم الامة بين مواطنة سلبية تزيد من حجم المعاناة والمشكلات، وبين مواطنة ايجابية تراعي حساسية ردود الافعال بحيث لا تؤثر سلبا على العلاقات وتعكر واقع الحال والوطن، وتبحث عن انتاج حلول بمهنية وكفاءة.
تصدر قوى العنف وكياناتها الطارئة، تضع المواطنة الايجابية في الطرف المتلقي للانتقاد، والمتهم بأوهام السلبية نفسها التي تنقاد خلف مبررات العنف والصراع، وردود الأفعال السلبية قاتلة، مما يجعلها  بين خيارين، الحفاظ على الايجابية بامتصاص ردود الافعال تلك، ومحاولة صناعة وعي بخطورتها، وبين الاستسلام لتلك السلبية، وموجهة ردود أفعالها بالمثل، وإذا بالأمة تغرق بوحل من السلبية، وتغرق الجميع في الماسي والمحن.
ثورة فبراير هي الاحالة الايجابية الوحيدة في حياتنا، التي انتجت توافق على مخرجات حوار تنتج وطن يستوعب كل أبنائه، ألوانا وأطيافا وأعراقا،  بحيث لا ضرر ولا ضرار، يزداد بهاء وإثراء ثقافي واجتماعي وسياسي.
وقعت في سلبية اللاوعي، سلبية زجت بالوطن للعنف والحرب العبثية، بمبررات واهية، والحقيقة انها ترفض تلك المخرجات، وتدافع عن مصالحها في التسلط والهيمنة، أو الانتقام، وتقاتل من أجل موطئ قدم في منطقة جغرافيا لتصنع لها وطنها الخاص، لون وطيف، تضع الأطياف والألوان الاخرى على هامش هذا الوطن، وتحت رحمة تلك السلبية، التي تتحول لجهنم مع المختلف عنها ومعها.
سلبية قاتلة، لا تزال تنتج لنا مزيدا من المشكلات، والفساد والارهاب، وتحدث التصدعات، والشروخ الاجتماعية والوطنية، سلبية تشكك بالهوية، وتزور التاريخ , وترفض التوافق على دولة قادرة ان تعالج كل المشكلات، دولة مدعومة بالأمة وأعمدتها الثقافية والفكرية وذوي الاختصاص والكفاءة، القادرة على وضع حلول للفساد والارهاب وحق تقرير المصير بطريقة سلسة وصحية، دون متضرر.
وبين ايجابية تعمل على إزالة الشقاء عن مواطن متعوس ووطن منحوس بالسلبية، وتضع الحلول لتجعل من الجميع ادوات لتلك الحلول، ترى أن النضال مسئولية عظيمة تتطلب حكمة وتروي في اتخاذ القرار والاختيار، وتحمل كل أوزار السلبية التي تنتجها قوى العنف وقوى اللاوعي، لتمتص وزرها بحيث لا تنتج ردود أفعال سلبية تزيد من حجم تلك المشكلات وتعقيد للحلول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى