في الحروب تزدهر الأوبئة..
هكذا يرى العلماء.
وفي الحروب يزدهر الفساد.. في الحروب تزدهر الأوبئة..
هكذا يرى العلماء.
وفي الحروب يزدهر الفساد..
هكذا يفهم الساسة.
وفي الحروب يزدهر الابداع..
هكذا يأمل المثقفون.
وفي الحروب تزدهر أمور وأحوال كثيرة، تكون بمثابة حقول تجارب ومرايا اكتشاف لعلماء النفس والتربية والاجتماع.
كما تزدهر الأموال في الحروب على أيدي نفر من التجار وصنف من المتاجرين بدماء الضحايا وجوعهم وتشردهم ونزوحهم.
وفي تاريخ الانسان، وتاريخ المجتمعات والدول، تكون للحروب فصول ثابتة لا يمكن محوها أو حجبها أو حتى القفز عليها.. والاَّ لتشوَّه التاريخ بمجمله، سرداً ودرساً ومنطلقات وحقائق.
وفي تاريخ اليمن واليمنيين، في البدء كانت الحرب وفي المنتهى. هكذا أرى.
وقد كانت الحروب سبباً (مباشراً في الغالب) لقيام الدول اليمانية المتعاقبة والموازية وتشرذمها، ولتوحُّدها وانفصالها، ولازدهارها وانهيارها.
وكانت الحروب اليمانية -منذ سحيق الدهر- التاريخ الوحيد الذي لا يبعث على الفخر. ففيها كان اليمنيون يُظهرون أقبح ما فيهم من الصفات والأفعال والأقوال والمشاعر، بما يتنافي جذرياً مع صفاتهم وأفعالهم وأقوالهم ومشاعرهم الطبيعية السائدة في وقت السلم، كالكرم والنبل والجود والشهامة و “القَبْيَلة” والنخوة والرحمة والتسامح وسواها.
ولا تدري حينها من هو اليمني الأصل؟ واليمني الآخر؟ أفي الحرب يكون هذا؟ أم في السلم يكون ذاك؟
فحين تقرأ وتسمع وترى عن اليماني -منذ فجر التاريخ- وتدهش لما تعرفه عنه في وقت السلم، ثم تعرف عنه في أتون الحرب، يصدمك التقاطع الرهيب والتنافر العجيب بين هذا وذاك!
ان ثمة فرقاً شاسعاً وبوناً واسعاً بينهما. ولا تدري أيّهما كان اليمني على صورته؟ وأيّهما على نسخته؟
ما أعظم اليمني في وقت السلم..
وما أسفله وأنذله في وقت الحرب!
يا له من نبيل وأصيل وصنديد، سلماً..
ويا له من وغد بهيم رعديد، حرباً!
ومن أقبح ما ورد في سفر الحروب اليمانية أن هذا الكائن يقتل باسم الله، وينهب ويبغي ويغتصب باسم الله، حتى لتظن حينها أن إله اليمنيين غير اله السماء وإله كل البشر!