قطف الزهور بالرصاص.. كيف حوّل قناصة الحوثي حياة سكان مدينة تعز اليمنية إلى جحيم؟!
تزينت الطفلة لؤلؤة (6سنوات) من أجل زفاف شقيقتها، لكن ذلك الزفاف تحول إلى مأتم بعد أن اغتالت رصاصة قناص حوثي الطفلة استهدفت قلبها فأوقفته على الفور.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من فايقة حسين:
تزينت الطفلة لؤلؤة (6سنوات) من أجل زفاف شقيقتها، لكن ذلك الزفاف تحول إلى مأتم بعد أن اغتالت رصاصة قناص حوثي الطفلة استهدفت قلبها فأوقفته على الفور.
عاشت لؤلؤة حيث دفنت في مدينة تعز (وسط اليمن) إذ يفرض الحوثيون حصاراً على المدينة منذ سنوات ويقصفون بشكل عشوائي منازل المدنيين كما أن قناصتهم يستمرون بقتل الأطفال والنساء في المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
تستذكر أسرة “لؤلؤة ماجد” الحادثة وكيف تحول الزفاف إلى مأتم. يقول أحد أفراد الأسرة لـ”يمن مونيتور”: كان الجميع فرِحاً بالزفاف لكن رصاصات الحوثيين حولته إلى مأتم عندما خرجت لؤلؤة إلى محل البِقالة في الحي لشراء حلويات مع عدد من أفراد العائلة لتغتالها رصاصة الحوثيين.
تشير العائلة إلى مكان وجود القناصة في “تبة الصبري” المطلة على المدينة وعلى الحيّ الذي يعيشون فيها، يُطلق عليها السكان هنا “تبة الموت”.
عُرفت تعز بصفتها “مدينة السلام” لكنها الآن موطن يحتجز فيها مئات الآلاف من اليمنيين في سجن جماعي فرضته جماعة الحوثي منذ 2016م. ليصبح الموت أسهل ما يكون حسب ما يقول السُكان.
وكانت المدينة التي تصدت للحوثيين منذ ما قبل تدخل التحالف الذي تقوده السعودية (مارس/أذار2015)، وهدأت جبهات القِتال حول المدينة بين الحوثيين والقوات الحكومية -حسب ما يقول السكان- لكن القنص والقصف العشوائي بالمدفعية مستمر ليقتل المزيد من المدنيين.
يقول ماجد والد لؤلؤة لـ”يمن مونيتور”: القنص أصبح شبح يأكل كل الأبرياء، ليس فقط طفلتي فقد قتل قبل أيام رجل وامرأة بقنص غادر في الرأس. تعز أصبحت مدينة الأشباح، فما ذنب أولادنا ونسائنا يموتوا ويقتلوا وقاتلهم يعيش دون شعور بآلام العائلات والأهالي.
آلاف القتلى والجرحى
أحصت منظمات ومؤسسات موالية للحكومة المعترف بها دولياً آلاف القتلى والجرحى من المدنيين خلال الأعوام الخمسة الماضية بفعل قصف وقنص جماعة الحوثي المسلحة.
ويقول المحامي توفيق الشعبي إن “الوضع بتعز غير أمن ومازالت الانتهاكات مستمرة بالمدينة خاضعة للحصار منذ خمس سنوات، ارتكبت خلال هذه الفترة آلاف من الانتهاكات، ما بين خطف واعتقال وتدمير منشأة حكومية وغير حكومية، وحالات إخفاء قسري وحاله اعتقال تعسفي وحرمان من الحرية إضافة إلى قتل بالألغام والتفجير المنازل”.
وأضاف الشعبي: أن الإحصائيات التي يملكها ما يقارب 2740 قتيل و8360 إصابة بين مدنيين في تعز بالقنص العشوائي في عدة مناطق التي تم الوصول إليها من قبل المليشيا الانقلابية منذ 2015-2019 إضافة 1515 حالة اختطاف 8000 ألف منزل متضرر ومنشأه متضررة بتعز إلى الوقت الحالي.
ترفض جماعة الحوثي التعليق على تلك الاحصائيات ويشككون في المعلومات التي تذكرها الحكومة. وقال مسؤول في الجماعة بصنعاء لـ”يمن مونيتور” مشترطاً عدم ذكر هويته لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام: نحن نقاتل خصومنا بشرف ولا نستهدف النساء والأطفال، يجب وجود تحقيق محايد وشفاف في كل تلك الحالات المذكورة.
وكانت تقارير من بينها تقارير قدمتها الأمم المتحدة لمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية قد وجهت اتهامات للحوثيين بقتل المدنيين في مدينة تعز عبر القناصة والقصف العشوائي.
من جانبها تقول الناشطة الحقوقية رغدة المقطري: إن القصف العشوائي والاستهداف يتكرر بشكل يومي على مدينة تعز من المليشيا (جماعة الحوثي)..
وتضيف المقطري لـ”يمن مونيتور”: لقد طال الاستهداف المدنيين بجميع الفئات العمرية، ويطال بنسبة كبيرة جدا هذه الفترة الأطفال حيث بلغت جريمة القنص لعام 2019 للأطفال فقط 13 طفل، ما بين قتيل وجريح كما تنهال علينا قذائف بشكل مخيف من قبل المليشيا الحوثية خارج أسوار تعز ومن هذه المناطق منطقة الضبوة، حيث أصيبت طفله وقبل هذه القذائف على منطقة وادي القاضي ومنطقة صالة والجحملية والعسكري ومدينة النور. وكلها مناطق سكنية لا يسكنها سوى المواطنين العزل ولا يوجد فيها أي مسلح أو منشأه ليتم استهدافها بشكل مباشر.
منطقة صالة
عند ذكر القناصة وقصف المدفعية يُذكر شرق مدينة تعز وتحديداً “منطقة صالة” حيث تعيش حدود المدينة الشرقية معارك دائمة بين الحوثيين والقوات الحكومية منذ سنوات فُدمرت المنازل وقُتل المئات في تلك المنطقة التي تبتع المدنيين.
يقول محمد الصبري الذي يعيش في نفس المنطقة لـ”يمن مونيتور” إنه واحد من اثنين أشخاص تعرضوا للقنص “استقرت الرصاصة في كتفي، كأن القناص يتدرب في البشر، نجوت وقمت وأنا مذعور وخائف ولكن بنفس اللحظة تم قنص بائع الآيسكريم أمامي وتوفي على الفور”.
يعتصر الصبري الألم ويضيف بالقول: القنص ليس وحده الذي يشعر سكان المدينة و”صالة تحديداً” بالخوف بهناك مئات القذائف التي تنهال كالمطر بشكل دائم.
يشير سكان الحيّ إلى مقتل “الطفل عبدالرحمن محمد” (9أعوام) الذي فُصل رأسه عن جسده بقذيفه أطلقها الحوثيون على حيهم. يقولون إن “عبدالرحمن كان يلعب في الحيّ وتوقف عن اللعب مع سماع صوت قذائف الهاون ومع الرعب فرّ مسرعاً إلى المنزل لكن قذيفة حوثيه سقطت أمام المنزل فصلت رأسه عن جسده وعلامات الخوف والرعب بادية على وجهه”.
يقول والد عبدالرحمن إنه فور سماعه للقذيفة خرج مسرعاً لجلب ولده ولكنه تفاجئ بأن طفله ملقى على عتبة باب المنزل وقد فصل الرأس عن الجسد. مضيفاً لـ”يمن مونيتور” وعلامات الألم ترتسم في وجهه: ضاق صدري وصرخت وقتها لم أصدق بأن ولدي عاد لمنزله دون رأس، أخذت أبني كي أسعفه ولكن ماذا سأفعل وماذا سيفعل الأطباء، تلك اللحظات لن أنساها ما حييت.
وتابع: “بيننا وبينهم الله، من أحرقوا قلوبنا بأخذ أولادنا”.