وُلِد حسين ونشأ في أسرة من علماء ووجهاء الطائفة الاسماعيلية في منطقة حراز اليمنية. وقد هاجرت أسرته وهو طفل فراراً من بطش الاِمام يحيى الذي استهدفها لدوافع طائفية بحسب المعلومات المتوافرة. وقد استقرت هذه الأسرة إثر رحيلها عن اليمن في مدينة سورات الهندية (اسمها الرسمي الحالي: سوريابور).
يُعَدُّ الدكتور حسين فيض الله الهمداني (1901- 1962) واحداً من أبرز العقول المهاجرة، بل ومن أبرز علماء اليمن ومثقفيها الذي كاد الزمان يطويهم بأستار النسيان، لاسيّما أنه هو طوى حياته في محراب العلم وبعيداً عن أضواء الميديا والمجتمع.
وُلِد حسين ونشأ في أسرة من علماء ووجهاء الطائفة الاسماعيلية في منطقة حراز اليمنية. وقد هاجرت أسرته وهو طفل فراراً من بطش الاِمام يحيى الذي استهدفها لدوافع طائفية بحسب المعلومات المتوافرة. وقد استقرت هذه الأسرة إثر رحيلها عن اليمن في مدينة سورات الهندية (اسمها الرسمي الحالي: سوريابور).
في مدارس هذه المدينة -المنفى تلقَّى فيض الله تحصيله العلمي في مختلف المراحل حتى ارتقى بمثابرة حثيثة الى التعليم الجامعي. ونال شهادته الجامعية الأولى في الآداب من جامعة بومباي سنة 1924 . ومن الجامعة ذاتها حصل على الماجستير بعد ثلاث سنوات. أما شهادة الدكتوراه فقد نالها من جامعة لندن سنة 1931. وحينها كان -كما أسلفت في مقال الأسبوع الماضي- أول خريّج جامعي يمني، ثم أول حاصل على الدكتوراه من اليمنيين وأهل الجزيرة والخليج.
استمر الهمداني في تحصيله العلمي ودراساته المتعددة برغم حصوله على أعلى الشهادات من أرقى الجامعات، وأبحر عميقاً في دراساته الأدبية واللغوية والتاريخية والاجتماعية، وأجاد في الوقت نفسه عدداً من اللغات كالفرنسية والفارسية والعبرية والألمانية والهولندية والأوردية والجوجراتية (الجُزراتية) والسبئية الحميرية، عدا العربية والانجليزية بالطبع. وبلاشك أعانته اجادته لكل هذه اللغات وآدابها على التبحُّر في عوالم شتى من المعرفة وآفاقها الرحبة، محيطاً بكثير من صنوف العلوم والمعارف الانسانية قديمها وحديثها، ما منحه مكانة رفيعة في الأوساط العلمية والأكاديمية، وشهد بنبوغه الفكري الكثيرون من أساطين الفكر والأدب وبينهم الدكتور طه حسين، وبات معها جديراً بنعت العلاَّمة.
عمل الدكتور حسين فيض الله الهمداني أستاذاً في عديد جامعات ومراكز بحث أكاديمي في الهند وباكستان ومصر، كما تعددت مناصبه ووظائفه الأكاديمية والثقافية وكذا الديبلوماسية حيث عُيِّن ملحقاً صحافياً بسفارة باكستان في القاهرة سنة 1948، ثم ملحقاً ثقافياً بسفارة اليمن في القاهرة سنة 1949 والتي أستمر فيها حتى يومه الأخير.
توفيَ هذا العلاَّمة قبيل أسابيع قليلة من قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر سنة 1962، وهي الثورة التي أسهم حسين فيض الله الهمداني في دعمها والتبشير بها والارتباط الوثيق بعديد من قياداتها ورموزها خلال اقامته في القاهرة، بل أُعتُبِرَ مستشاراً للاتحاد اليمني هناك لعلاقته الوطيدة بالزبيري والنعمان وسواهما.
وبرغم أنه لم يتجاوز الستين الاَّ بسنة واحدة، إلاَّ أن حياة هذا الهمداني اليماني كانت حافلة بمآثر الابداع العلمي وملاحم النبوغ المعرفي.. وكأنَّه لم يأتِ الى الدنيا الاَّ لكي يتعلَّم ويُعلِّم ، ويتثقَّف ويُثقِّف ، منذ صرخته الأولى الى رقدته الأخيرة.
إن حسين الهمداني ليس مجرد أستاذ أو عالِم أو أكاديمي قدير، إنما كان موسوعة حقيقية تمشي على قدمين. والكتابة عنه أو الالمام بأعماله وآثاره وكتبه وأوراقه تتطلَّب عدداً من المجلدات بلا شك. وهذا ما يحاول جاهداً الإحاطة ببعض جوانبه حفيده الدكتور عمرو بن معد يكرب بن حسين الهمداني الذي يقوم بجهد طيب للاضطلاع بهذه المهمة الشاقة والشائقة.