بين مطرقة الحرب وسندان المرض.. حمى الضنك تحصد الأرواح في الحديدة باليمن
وتعطل الحرب جهود محاربة أسرع الفيروسات انتقالا بطريق البعوض في العالم، بعد أن دمرت النظام الصحي ونظام الصرف، وجعلت السكان الفقراء والنازحين أكثر ضعفا وأقل مناعة في مواجهة المرض.
يمن مونيتور/رويترز
على أرض مبنى دمره القصف في مدينة الحديدة الساحلية التي باتت جبهة الحرب الرئيسية في اليمن، يستخدم العمال خرطوما على ظهر شاحنة لسحب مياه راكدة خضراء تسبح فيها الحشرات قبل أن يهيلوا عليها التراب، في محاولة لإنقاذ الأرواح.
وتمثل برك المياه المليئة بالقمامة أرضا خصبة لتكاثر البعوض الذي ينشر حمى الدنج، التي يقول عمال الإغاثة إنها تقتل أناسا كل يوم قرب خطوط المواجهة في الحديدة.
وتعطل الحرب جهود محاربة أسرع الفيروسات انتقالا بطريق البعوض في العالم، بعد أن دمرت النظام الصحي ونظام الصرف، وجعلت السكان الفقراء والنازحين أكثر ضعفا وأقل مناعة في مواجهة المرض.
وفي مستشفى مزدحم للأطفال، تزحف جحافل الذباب على الأعين والأفواه فيما يجد الأطفال صعوبة في التنفس تحت وطأة الألم الذي يسببه الفيروس. ويجلس وليد يحيى منصور مع اثنين من أفراد أسرته. وقد بقي اثنان آخران في المنزل لأنهما عاجزان عن التنقل.
وقال ”حمى الضنك تنتشر بسرعة“.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن عدد حالات الإصابة بحمى الدنج المبلغ عنها في أنحاء العالم زادت لنحو ستة أمثال في الفترة من 2010 حتى 2016. وتصف المنظمة المرض بأنه أحد أكبر 10 تهديدات للصحة العامة على مستوى العالم.
وتتسبب حمى الضنك في سخونة شديدة بالجسم وصداع وقيء وشعور بالألم في العضلات والمفاصل. وفي صورها الحادة يمكن أن تؤدي إلى نزيف داخلي. ولا يوجد علاج محدد لها كما لا يوجد لقاح متوفر على نطاق واسع للوقاية منها حتى الآن، على الرغم من وجود لقاح تحت التجربة.
وللحديدة، خط مواجهة نشط على أطرافها الشرقية تحاول الأمم المتحدة فرض وقف لإطلاق النار فيه وسحب القوات منه. وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر إن الحديدة هي المدينة التي يرد منها أكبر عدد من التقارير عن حالات الإصابة المشتبه بها والوفاة بسبب حمى الدنج.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن هناك حوالي 76 ألفا و768 حالة إصابة مشتبها فيها، بما في ذلك 271 حالة وفاة، سجلت العام الماضي في جميع أنحاء اليمن، إلا أن الأرقام بدأت في الانخفاض في الأسابيع الأخيرة.
وقال أحمد معجم، وهو طبيب في مستشفى الثورة بالحديدة ”بدأت حالات حمى الدنج في منتصف نوفمبر.. بمرور الوقت، تراجع عدد الحالات في المناطق الريفية، لكنه زاد داخل المدينة“.
وقال عبد الرحمن جار الله، رئيس مديرية الصحة في الحديدة، إن السلطات في أجزاء من المدينة التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران تملأ برك المياه الراكدة بالتراب كي لا تكون تربة خصبة لتكاثر البعوض.
لكن المناطق على خطوط المواجهة يصعب الوصول إليها، وتأتي معظم الحالات في الحديدة من هذه المناطق، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويتم توجيه النصائح إلى التجمعات السكنية هناك، حول السبل التي يمكن أن يتلمسوها بأنفسهم للحد من تكاثر البعوض.
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة الأسبوع الماضي عن حمى الضنك ”نتلقى تقارير عن الوفيات يوميا في المناطق النائية (من الحديدة)“.
وانطلقت شرارة الصراع في اليمن عام 2015 عندما تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية في محاولة لإعادة الحكومة المعترف بها دولياً إلى السلطة بعد أن أطاحت بها حركة الحوثي في العاصمة صنعاء.
وأسفرت الحرب عن مقتل الآلاف ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة وتسببت أيضا في نوبات من تفشي الكوليرا.