المشروع المحكوم بالقيم
أحمد ناصر حميدان
العالم صار اليوم قرية كونية، يعرف الناس ما يدور فيه بسرعة فائقة، ويتبادلون الرؤى والأفكار وكل جديد فيما يتعلق بشئون بلدانهم ومستقبلهم. تاريخ الامم محكوم بقوانين التطور والتغيير، التي تجعل من تعاقب الأحداث تسير وفق الهدف المرجو.
عندما نعلن التحرر والاستقلال، علينا ان نكون ذي سيادة وإرادة مستقله لا تخضع لأجندات تقيد من حرياتنا وارادتنا كأمة مستقلة ذات سيادة.
عندما نقرر ان نكون ديمقراطيين فعلينا ان نؤمن بالديمقراطية كسلوك وثقافة ومبدأ، بعيداً عن المزاج الشخصي أو الظرفي.
وهكذا عندما نقرر ان نبني دولة مدنية، بأسس قيم المدنية التي تحكم العلاقات في الشأن العام لوجودنا، منطلقين من سمو تلك القيم المدنية والأخلاقية في التعامل مع الآخر بعيدا عن الأمزجة المريضة التي تدمر تلك العلاقات، وترسخ لصراعات، وتوجد مبررات التناحر على طريق كسر إرادة الآخر واخضاعه لأمر واقع.
العالم صار اليوم قرية كونية، يعرف الناس ما يدور فيه بسرعة فائقة، ويتبادلون الرؤى والأفكار وكل جديد فيما يتعلق بشئون بلدانهم ومستقبلهم.
مما جعل تلك الامم محصنة من الانغلاق والحصار الأيدلوجي والعقائدي والمناطقي والطائفي الذي تفرضه الانظمة الاستبدادية.
والاستبداد هو سلوك وثقافة وافكار يتم تسويقها، مهما رفع المسوق من شعارات ولافتات، ومهما امتلك من وسائل التسويق والترويج الاعلامي، مهما كانت الإمكانيات والضخ المالي، والمعلوماتي من الاشاعات والأكاذيب، مهما حاول ذلك المستبد من تدمير قيم واخلاقيات المجتمع، ليؤسس شعبية استبداده، وتعطيل الهدف المرجو.
ما يعترض طريق نهضتنا كأمة، هي تلك الأمزجة الاستبدادية التي تعكر صفو مسيرتنا النضالية للوصول للهدف المرجو.
اكانت تلك الأمزجة في صف الانظمة أو المعارضة، وكثيرا من المعارضة السياسية لا تصب في تحقيق إرادة الناس، بل لها مزاجها الاستبدادي في تورث النظام، ولها اهدافها الصغيرة، التي تبيح انتهاكاتها، تبيح غطرستها، وغبائها في التعامل مع الناس، وهي أكثر خطرا من النظام نفسه.
النظام يمكن ممارسة ضغط شعبي لعملية اصلاحه السياسي والاقتصادي، وكلما اتسعت شعبية هذا الضغط ورقعته، وتوسع الوعي ، كلما زاد الأمل في تغيير حقيقي للمنظومة والسياسات، واصلاح المؤسسات.
لكن المعارضة المستبدة تستثمر تطلعات الناس في التغيير الحقيقي، لأهدافها في تورث النظام وتربع السلطة كبديل فاسد ومستبد، يعيدنا لنقطة الصفر، وصعوبة التغيير المرجو ولها خطورتها على عملية التغيير.
تشكل سياج معيق لعملية التغيير، وترسخ المصالح غير المشروعة، وتمس المصالحة العامة.
خطابها مشحون بالكراهية والأحقاد، والازدراء من الآخرين، ودعواتها للعنف والانتقام، تظهر سلوكيا وثقافيا كعصابة ، تتقطع السبل، وتميز بين الناس، وتصنفهم بمزاج مناطقي أو طائفي، تفتقد لثقافة التعايش والعيش الكريم.
هي الثغرة التي يتسلل منها اعداء الامة والطامعين والمتآمرين، هي الأوراق التي تحرقها لتشعل النار في الأوطان، وتسلبها السيادة والارادة.
مثل تلك المعارضة لها شعبيتها بين الناس من أصحاب المصالح، وبائعي ضمائرهم بحفنة مال الحرام من العملة الغير محلية، مهما كانت قلتهم، هم طبول ومزامير الخطاب الموجه والفتن، الخطاب المتناقض في ليلة وضحاها، هم المبررون لكل الأخطاء والتجاوزات والمصائب التي تحدث.
مثل هكذا معارضة تنتحر في اول فرصة لها لتدير شئون الامة، وتسقط كسقوط الأوراق التالفة، وتتأكل شعبيتها تدريجيا مع تراكم الأخطاء التي تمس حياة الناس ومصالحهم، وكل ما تتأكل شعبيتها
كلما تزداد غطرسة، ويبقى المشروع الوطني الحق هو الشامخ ويزداد شموخا بكل صمود يتقوى وينتصر وينتصر الوطن.