خلال سنوات الحرب التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب الذي نفذه الحوثيون وحليفهم السابق الرئيس علي عبدالله صالح في سبتمبر/ أيلول من العام 2014، بقي الصحافيون في البلاد أهدافاً دائمة من كل الأطراف المحلية.
يمن مونيتور/العربي الجديد
لا يبدو مرور الأعوام باعثاً للتفاؤل بالنسبة للصحافيين في بلد كاليمن. فعلى مدى أشهر العام المنصرم اتسع نطاق الانتهاكات بحق الحريات الصحافية وأضيف إلى سجل المنتهكين، خصوم جدد.
خلال سنوات الحرب التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب الذي نفذه الحوثيون وحليفهم السابق الرئيس علي عبدالله صالح في سبتمبر/ أيلول من العام 2014، بقي الصحافيون في البلاد أهدافاً دائمة من كل الأطراف المحلية.
كانت تقارير حقوقية محلية قد أبدت تحذيراتها من توسع خارطة توزيع الانتهاكات في البلاد، لتشمل كل المناطق من دون استثناء.
وتقول إحصائية غير حكومية أعدها “مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي” (لم تنشر بعد) وأطلع عليها “العربي الجديد” إن إجمالي الانتهاكات المرصودة منذ عام 2015 بلغ نحو 2161 انتهاكاً. أما أكثر الجهات عداءً للصحافيين، فعلى رأسها مليشيا الحوثيين بـ1725 انتهاكاً، فيما ارتكبت الحكومة المعترف بها دولياً 152 انتهاكاً وتوزعت البقية على جهات متعددة ومجهولين.
وانضم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات إلى قائمة المنتهكين بحق الحريات الإعلامية، بعد سيطرته على العاصمة اليمنية المؤقتة (عدن) مطلع أغسطس/ آب.
اعتداءات الحوثيين ومعاناة الصحافيين المختطفين
ظلت الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي ثابتةً بحق الحريات الصحافية خلال الأعوام الماضية. وزاد من وتيرتها عمليات الاختطاف، ورفض مطالبات إطلاق سراح الصحافيين المختطفين في سجونها وإخفاء مصيرهم عن ذويهم.
ورصدت نقابة الصحافيين، ومنظمات حقوقية عشرات، الانتهاكات الحوثية بحق الصحافيين خلال العام المنصرم، لكن المليشيا التي تحكم سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء لا تضع أية اعتبارات لمناشدات المنظمات وذوي الصحافيين بالكف عن الاعتداءات.
في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول، اتخذت المليشيا خطوة جديدة من خلال عقد جلسة سرية لمحاكمة عشرة صحافيين مختطفين في العاصمة صنعاء منذ أكثر من أربعة أعوام.
وقال المحامي المكلف بالدفاع عن الصحافيين إن الجلسة عقدت من دون حضوره، ووجهت المحكمة قرار الاتهام وشرعت بمواجهة الصحافيين بقائمة أدلة الإثبات.
وأطلق ناشطون ومنظمات حقوقية حملة استنكرت عقد الحوثيين هذه المحاكمات بالتزامن مع ورود تقارير طبية أكدت تدهور الحالة الصحية للصحافيين المختطفين.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول كشفت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى) عن تدهور الحالة الصحية للصحافيين، وقالت إنهم يعانون من انزلاق في العمود الفقري، والروماتيزم، ومرض الكبد، والسكر، وقرحة المعدة، ويعاني آخرون من سوء التغذية وحالات نفسية.
وكشفت نقابة الصحافيين اليمنيين عن تدهور صحة الصحافي عبد الحافظ الصمدي المختطف منذ السابع والعشرين من يوليو/ تموز الماضي، وظهر أخيراً ورم سرطاني في ظهره. وبحسب تقارير المنظمات الحقوقية، يمنع الحوثيون الصحافيين المختطفين من الحصول على رعاية صحية أو أدوية أو أغذية.
كما واصل الحوثيون فرض رقابة على محتوى ما ينشره الصحافيون على وسائل الإعلام، وفي حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتهديد باختطاف معارضيهم من كتاب الرأي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
من جانبه، أكد مسؤول الرصد في مرصد الحريات الإعلامية في اليمن خليل مراد أن الصحافيين اليمنيين يعملون في بيئة خطرة للغاية “فحياتهم مهددة بين قتل وإصابة واختطاف وتعذيب حتى الموت”.
ويرى مراد في حديث لـ”العربي الجديد”، أن السبب الرئيسي في زيادة استهداف الصحافيين في البلاد، هو إفلات الجناة من العقاب، وتقاعس المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالقيام بدورها، والضغط على جميع الأطراف باحترام حرية الرأي والتعبير في اليمن.
وتابع “في الوقت الذي يرفض الحوثيون فيه الإفراج عن نحو خمسة عشر صحافياً في سجونهم، مر على البعض منهم أكثر من أربعة أعوام، فهم يمارسون ضدهم أنواع التعذيب فضلاً عن وضعهم في زنازين انفرادية وتمنع عنهم الزيارات وإدخال الملابس خاصة في فصل الشتاء” .
ودعا مراد كافة الصحافيين الذين يعملون في مناطق الصراع بالالتزام بأدوات السلامة والحفاظ على سلامتهم “لأنها أهم من الخبر فبدل أن يكون الصحافي هو مصدر الخبر فسيكون هو الخبر المتداول”.
الانتقالي.. خصم جديد للحريات الصحافية
بالتزامن مع السيطرة العسكرية التي فرضها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على العاصمة المؤقتة عدن بعد قتال مع الحكومة المعترف بها دولياً، نفذ مسلحوه حملات ضد الصحافيين المعارضين وعدد من وسائل الإعلام غير الموالية له.
وسجلت منظمة “سام” للحقوق والحريات (غير حكومية) نحو 29 انتهاكاً بحق صحافيين، وناشطين حقوقيين، ومؤسسات إعلامية توزعت ما بين الاعتقال، والتهديد بالتصفية، والملاحقة، والتضييق، والاقتحام، ومنع من العمل.
وقالت المنظمة في إصدار حمل اسم “بيت العنكبوت”، إنها وثقت ستة انتهاكات ضد مؤسسات صحافية تنوعت ما بين اقتحام وإطلاق نار وإغلاق ومصادرة، ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي، عدا واحدة سجلت ضد مجهولين.
وأشارت المنظمة إلى أنها رصدت عمليات تهديد وخطاب تحريض ضد عدد من النشطاء والصحافيين في عدن، لافتةً إلى أنها لاحظت خطاباً تحريضياً من قبل منتسبين ومناصرين وداعمين للمجلس في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية.
انتهاكات للحكومة والتحالف قتل صحافيين يمنيين
كذلك انضمت الحكومة المعترف بها دولياً إلى قوائم المنتهكين خلال العام الحالي، وسجلت نقابة الصحافيين ومنظمات محلية تورط قواتها الأمنية والعسكرية في انتهاكات بحق صحافيين في عدد من المحافظات.
وسجل تقرير لنقابة الصحافيين للربع الثالث من العام الماضي ارتكاب الحكومة بهيئاتها وتشكيلاتها المختلفة 9 حالات توزعت بين الاعتقال والملاحقة في محافظات شبوة والمهرة وتعز.
وفي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، تعرض المصور طه صالح لعملية اعتقال من قبل دورية عسكرية في منطقة الجحملية بتعز وتم احتجازه داخل أحد المباني على خطوط النار قبل أن يطلق سراحه دون إبداء أية أسباب.
كما تعرض طاقم تلفزيون “يمن شباب” للاعتداء وإطلاق النار واحتجز لساعات من قبل نقطة تابعة للأمن في منطقة الأصابح بمدينة تعز أثناء عودته من تغطية صحافية.
وفي تعز أيضاً، أقدم مسلحون على اختطاف موظفين اثنين في صحيفة الشارع المحلية وأقدموا على منع توزيع عدد الصحيفة، فيما اتهمت إدارة الصحيفة حزب التجمع اليمني للإصلاح بالوقوف وراء العملية.
أما في محافظة شبوة فاعتقلت قوات أمنية مراسل تلفزيون “الغد المشرق” جمال شنتير في منطقة عزان وكذا الصحافي صالح مساوى الموالي للمجلس الانتقالي قبل أن تطلق سراحهما في وقت لاحق.
وفي مأرب، ما يزال مصير الصحافي محمد علي المقري مجهولاً بعد إفادة من أسرته بأنه محتجز لدى جهاز الأمن السياسي (المخابرات) بالمحافظة.
وقالت نقابة الصحافيين إن المقري يعيش وضعا نفسيا صعبا في المعتقل محملة السلطات الأمنية في محافظة مأرب كامل المسؤولية عن هذا التعسف وما قد يترتب عنه من أضرار قد تلحق بالصحافي.
إلى ذلك، أفادت النقابة بأنها تلقت بلاغاً من الصحافي صبري بن مخاشن يفيد بمنعه من السفر عبر مطار سيئون في محافظة حضرموت (شرقي البلاد) من قبل مندوب التحالف العربي بحجة وجود تعميم بمنعه من قبل محافظ المحافظة.
وأضافت أن جواز “بن مخاشن” لا يزال محتجزاً لدى مندوب التحالف في المطار، واصفة ما حدث بالإجراء التعسفي والمخالف للقانون.
من جانبها، أشارت لجنة حماية الصحافيين في إفادة لـ”العربي الجديد”، إلى أنها رصدت مناخاَ من الخوف والتخويف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وقوات المجلس الانتقالي (الحزام الأمني – النخبة الشبوانية).
وقالت اللجنة إنها وثقت مقتل ما لا يقل عن سبعة صحافيين خلال ضربات جوية للتحالف الذي تقوده السعودية منذ بدء تدخله العسكري في اليمن في العام 2015.