حرب عبثية تدمر الامم، بخنق مجتمعاتها، بجائحة العنصرية، مناطقية طائفية، بتحول جزءا من هذا المجتمع لمعول هدم وتدمير للروح الجمالية فيه وفسيفساءه الزاهية، والجزء الاخر لأداة تطبيل تكرر ما يقال، وتبرر لما يتم، مسكونه بخوف الاتهام والتصنيف والتعنيف، والبقية ضحايا مواقفهم المشرفة.
أقذر الحروب هي التي تستهدف الانسان لبنة المجتمع، تستهدف عقله وتفكيره، لتحط من قيمه ومبادئه وأخلاقياته، وتحقنه كرها وحقدا وانتقاماً، تستدعي تعصباته الدنيئة، للمنطقة أو الطائفة، لتجعل منه عنصري قذر، يسكنه وهم العرق المميز، الذي يرى انه صاحب الحق والأصلح بالحكم فيتسلط على رقاب الناس.
حرب عبثية تدمر الامم، بخنق مجتمعاتها، بجائحة العنصرية، مناطقية طائفية، بتحول جزءا من هذا المجتمع لمعول هدم وتدمير للروح الجمالية فيه وفسيفساءه الزاهية، والجزء الاخر لأداة تطبيل تكرر ما يقال، وتبرر لما يتم، مسكونه بخوف الاتهام والتصنيف والتعنيف، والبقية ضحايا مواقفهم المشرفة.
في وطني حكايات مشهودة لتدميره يندى لها جبين الانسانية، وما خلفته من نتائج وخيمة من ظلم وقهر و نهب وسطو وتعسف وتحرش واغتصاب، قتل واستباحت الدماء وتكسير للإرادة والدوس على الكرامة، قلنا وانتقدنا، وقالوا انها الحرب وتداعياتها، وغياب الدولة الضابطة، والنظام والقانون، حيث يحدث اختراق لضعفاء النفوس من لصوص وفاسدين وطامعين واصحاب المصالح الضيقة والانانية.
ويبقى السؤال المؤرق لحالنا، متى سنرى تلك الدولة الضابطة أو بالأصح الضامنة للمواطنة والحقوق، بشخصياتها الاعتبارية كمؤسسات ودستور ونظام وقانون، بمعايير عادلة ومنصفة، تحد من استفحال تلك الجائحة التي تعيش وتتكاثر في مستنقع الفوضى والانفلات والفراغ المؤسسي والقيمي والاخلاقي , فراغا يمتلئ بقاذورات التعصب والتخلف , التي لا تستطيع التعايش مع نظم منضبطة وقوانين ضابطة، والنتائج وخيمه على الوطن والانسان فيه.
وما يحدث لعدن هي نتائج استفحال تلك الجائحة مع غياب الدولة الضامنة للمواطنة والضابطة لإيقاع الحياة العامة ليحتكم الناس للنظم والقوانين والدستور.
ماذا يعني استهداف الدولة بشخصيتها الاعتبارية، مؤسساتها ونظمها وقوانينها، ماذا يعني كلما تعافت هذه الدولة تضرب، وكان المعني يحقق الهدف، استفحال للجائحة لتاتي اوكلها وتنهك المجتمع ثم الوطن.
وما يزال مسلسل الانتهاكات مستمر، والضحايا منهكين بجراحهم وقهرهم وكمدهم، جراح العنصرية، ومرارة طعم الالم حين تهان في موطنك , تنهب وتستباح حقوقك، عنصرية كل خياراتها سيئة، في ان تقتل أو تنفى أو تعيش مكسور الخاطر مهان الكرامة.
كمثال إلا حصرا، لأن الحصر لا تسعة مقاله ولا كتاب، ما حدث للمناضل والسياسي الجنوبي الدكتور فاروق الحكيمي، ابن عدن، ونائب وزير للثقافة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الجمهورية التي يتوشح الباسطين برايتها، ثم نائب وزير الثقافة والاسكان في الجمهورية اليمنية، وله في اسمه مأساته مع تلك الجائحة العنصرية، حيث قرر عنصري قذر البسط على أرضيته التي يملكها في مخطط صُرف لكوادر وسياسي الجنوب بالعريش، وبكل بجاحه يتصل الباسط بالدكتور قائلا (أنت شمالي مالك حق، وانتبه على عمرك وانت تعرف كيف الوضع هذه الايام ماشي أمان) في تهديد واضح لحياته وحقوقه بفرز مناطقي قذر، وعندما لجئ للأمن وتحرك رجال الامن في إزالة بناء الباسط، كرر الاتصال متحديا ومتوعدا ومهددا لحياة الدكتور واسرته، والشرطة واجراءاته، وأن الأرض تحت قبضته وتصرفه بقوة السلاح.
وهذا ما يجعلنا اليوم لا نقبل بغير دولة ضامنة للمواطنة وحقوق الناس، فلا نقبل بعصابات نهب وسلب وبسط وقتل، من يقدم نفسه للناس كدولة بقيم ومبادئ واخلاقيات الدولة الضامنة للمواطنة والانسانية، يمكن القبول به، ومن لم يستطع فل يذهب للجحيم، ولا قدرة لنا لتحمل المزيد من استفحال الامور إلى ما لا يحمد عقباها، وكفى المؤمنين شر العنصرية واخواتها وأدواتهم.