زيادة الإصابة بـ”الإيدز” في تعز اليمنية بين إهمال القطاع الصحي وأوضاع المركز العلاجي السيئة (تقرير خاص)
تعاني الطفلة “نعيم” من مرض نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” منذ ثلاث سنوات عندما زارت طبيب الأسنان لاقتلاع أحد أسنانها وكانت أدواته غيره معقمة- كما يقول والدها الذي يقوم بعلاجها في مستشفى حكومي بمدينة تعز وسط اليمن.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من فايقة حسين
تعاني الطفلة “نعيم” من مرض نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” منذ ثلاث سنوات عندما زارت طبيب الأسنان لاقتلاع أحد أسنانها وكانت أدواته غيره معقمة- كما يقول والدها الذي يقوم بعلاجها في مستشفى حكومي بمدينة تعز وسط اليمن.
“نعيم” ذات التسعة أعوام، وهو اسم مستعار يقول والدها لـ”يمن مونيتور” أثناء زيارة لقسم “نقص المناعة المناعة المتكسبة” في المستشفى الجمهوري بمدينة تعز. ويفضل والدها أن يبقى مرضها في سرية حتى عن أهلها وأقرب الناس لها.
يقول والدها: “في العيادة تم قلع ضِرس، وكان الأمر طبيعي ورجعت الى المنزل، وبعد فتره لا بأس بدأت تعاني من أعراض الانفلونزا والإسهال ونقص في الوزن أخذتها الى المستشفى لأجراء فحوصات فكان الرد مؤلماً، بأنها مصابة بمرض نقص المناعة، وانتقل اليها عبر الدم”.
يضيف والدها أنه عاش أياماً من الوجع والقهر أن ابنته “تدفع ثمناً لهذا المرض وإهمال الأطباء في تعقيم أداوتهم”.
وتابع: “قمت بعمل عشره فحوصات وكانت النتيجة واحده، فهي لا تعلم بأنها مريضة بهذا المرض لصغر سنها، ندرك أنها ستفارقنا بيوم من الأيام، وكل هذا يقع على عاتق دكاترته الاسنان وغرف العمليات بالمستشفيات والعيادات وعدم الاهتمام بأدوات الجراحة وتعقيمها جيداً وأبنتي ليست الضحية الوحيدة فلا نعلم كم قد أصيب قبلها وبعدها”.
تقبل الإصابة بالمرض
ويقول أطباء إن “النظام الصحي في اليمن تدهور إلى أدنى مستوياته، فحتى 45% من المستشفيات العاملة تعاني من نقص في الأطباء ومشكلات في التعقيم مما ينقل العدوى والأمراض من مريض لأخر”.
يقول الطبيب صادق أحمد مسؤول المشورة والفحص الطوعي بمستشفى الجمهوري العام بتعز لـ”يمن مونيتور” إن: مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) يكمن في مراحل. ففي مرحلة التعرض لفيروس الايدز قد لا تظهر أية أعراض أو قد تظهر أعراض شبة الانفلونزا سرعان ما تختفي بعد اسبوعين حتى اربعه شهور منذ لحظة التعرض لفيروس الايدز مثل: ارتفاع الحرارة، والصداع، وانتفاخ في منطقة الغدد اللمفية، ويقوم فيروس الايدز بتكاثر ومضاعفة نفسه دخل الغدد اللمفية ومن ثم يبدا بتدمير بطيئة للخلايا اللمفاوية من نوع Lymphocytes TCD4 وهي خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن تنسيق عمليات وانشطة الجهاز المناعي.
ويشير أحمد إلى كيفية الانتقال: إنه وحتى وإن تمّ اكتشاف الحالات عبر الفحص المبكر والدوري، فإن المريض يرفض الإفصاح عنه خوفًا من نظره المجتمع له وتعامله معه بعد معرفتهم بمرضه. ولذا يفضل البقاء بمرضه ونشره عبر صالون الحلاقة وعيادات الاسنان والتبرع بالدم وكأنه أنسان صحي ورفضة الكبير للأجراء الفحص وأخذ جرعات العلاج وتسجيله بأنه مريض لدى قسم نقص المناعة وصعوبة تقبله الواقع المرير الذي يمر به.
ويوضح الدكتور أحمد أن الحالات التي تأتي إلى المركز “منهم من يتقبل سماع إصابته بالمرض، ومنهم من ينهار ويزيد من حده مرضه”.
الإصابة
“نعيم” ليست الطفلة الوحيدة المصابة والتي يتم علاجها فالشاب محمد (24 عاماً) مصاب بذات المرض.
وحول اصابته يقول: بأنه ذهب قبل عشر سنوات إلى السعودية قاصدا للعمل وبعد حادث مروري بالسعودية احتاج دم لإسعافه فتبرع له أحد الاصدقاء الذين لا يعرفهم وكأنت النتيجة إصابة بالمرض، عاد للوطن ولم يكن يعلم بأنه مصاب، تزوج من أبنة عمه ونقل إليها المرض دون علمه حتى اكتشف مرضه عند فحصه لحمى الضنك قبل سنوات”.
ويضيف محمد “كانت الأخبار صادمة وأخذ زوجته للفحص وظهر بدمها الفيروس ولم أستطيع إخبارها بذلك فكتم الأمر عنها إلى اليوم”.
وحصل “يمن مونيتور” على أوراق لمن يحضرون في الكشف والمعاينة خلال أسبوع واحد في المركز الحكومي وكان العدد كبيراً، فعدد المصابين يتضاعف مع انهيار الأنظمة الصحية في اليمن بفعل الحرب. وتعمل فقط 45% من المستشفيات في البلاد.
أما نجوى اسماعيل مسؤولة المشورة والفحص الطوعي في الحميات بهيئة مستشفى الثورة العام بتعز فقالت لـ”يمن مونيتور”: بأن عدد المصابين زاد نتيجة الهجرة خارج البلاد والعلاقات غير المشروعة والمحرمة وكذلك عدم الفحص الدوري الذي يحتاجه كل من أقبل على الزواج.
وأضافت: فهناك حالات تأتي لنا لم يتم كشفها قبل الزواج ويتم الكشف عنها بعد الوقوع فيها أي بعد الزواج ويصيب الزوجين، مبينه بأن فحص ما قبل الزواج ينقذ الكثير من المخاطر ومنها مخاطر مرض نقص المناعة (الإيدز).
كم عدد الأفراد المصابين؟!
للإجابة عن هذا السؤال يقول الدكتور سعيد عبدالجليل منسق المركز العلاجي لأمراض الإيدز بهيئة مستشفى الثورة العام (حكومي) لـ”يمن مونيتور” إن “عدد الحالات التراكمية التي جرى الإبلاغ عنها 419 حالة و292 تراكمية بالعلاج و139 حالة وفيات خلال فتره 2018_2019والحالات المنقطعة عددها 26 حاله بعد العلاج و34 حالة قبل العلاج والحالات التي تستمر بأخذ العلاج عددها 164 حالة بصوره مستمرة”.
يشير عبدالجليل إلى “الأدوية متوفرة في المركز لكن هناك نقص وتأخير في الوصول لبعض الأدوية بسبب الحصار -الذي يفرضه الحوثيون على المدينة-“.
ويقول إن “الميزانية التشغيلية للمركز غير متواجدة وكل جهد يبذل جهود ذاتية وعمل أنساني بحت حيث إن هناك حالات بعيده جداً ومتأزمة ولا تستطيع الحضور كل فتره الينا فنقوم بأرسال العلاج إليهم وإلى مناطقهم مثل مناطق (الراهدة – مقبنة – شرعب الخ) بجهود منا فقط”.
أوضاع القسم العلاجي
يضيف عبدالجليل أن “القسم العلاجي يواجه صعوبات كثيرة في الميزانية والمختبر غير مدعوم بالتحاليل والمحاليل الخاصة في مرض نقص المناعة”. مشيراً إلى أن حالة المركز سيئة حتى في استقبال المرضى فلا يوجد غرف فحص خاصة لاستقبال المرضى. ويرفض كثيرون إجراء الفحص لعدم وجود خصوصية في المكان.
وتتفق نجوى إسماعيل مع الدكتور عبدالجليل بمطالبة “الجهات المعنية بتوفير الامكانيات اللازمة لقسم الفحص والمشورة وتوسعه المكان من أجل الاحتفاظ بالخصوصية المرضى ومساواتنا بجميع محافظات الجمهورية بتواجد أماكن تخص أمراض نقص المناعة (الايدز) والعمل فيها دون تحرج”.
يؤكد المسؤولان بالمركز العلاجي أن “الفحوصات مجانية، إذا ثبت أن الحالة ايجابية نضطر إلى عمل فحوصات دقيقة مثل CD4- Cppar لمعرفه الحالة جيدا وبعد معرفة الحالة يتم إبلاغ الشخص وبدء العلاج”.
كما ناشد عبدالجليل “جميع الهيئات الطبية والمنظمات الدولية المعنية بذلك بتوفير قسم مخصص أو عيادة تخص أمراض نقص المناعة وغرف تحفظ لهم خصوصياتهم أمام الجميع”.
ونوه على “الأطباء والممرضين بأن يزيل كل شخص تلك البصمة (بصمة التمييز) وان يتعامل مع مريض نقص المناعة(الإيدز) كحالة عادية ولا يستدعي الخوف منها وذلك لأن المرض لا ينتقل إلا بدم فقط”.
وختم الدكتور سعيد: بأن عدم وجود ثقافة الفحص الصحي الدوري لدى المواطنين ساهم في انتشار المرض لاسيما في فتره تسمى الفترة الشباكية التي ينتقل فيها الفيروس إلى الجسم وتظل كامنه فتره طويلة ولا تعرف أبدا بالفحص العادي، كما أن المرض في فتره الحضانة للفيروس قد تصل الى 20 عاماً قبل ظهور الاعراض المرضية على الشخص المصاب.