(انفراد) تجارة السلاح تُنهي عصر المكتبات والأكشاك في صنعاء
السلاح المنهوب ينعش أسواق وتجارة السلاح في صنعاء يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
في قلب العاصمة اليمنية صنعاء وتحت سلطة الحوثيين، تحولت عشرات المكتبات الخاصة ببيع المستلزمات الدراسية والكتب إلى محلات لبيع جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر الحية.
وزادت ظاهرة انتشار السلاح في الآونة الأخيرة لاسيما في مناطق سيطرة الحوثيين، وتوسعت لتشمل أسواق إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفيد تقارير دولية بامتلاك اليمنيين قرابة 60 مليون قطعة سلاح.
لكن الغريب في هذا التقرير، هو رصد اختفاء نقاط بيع الصحف المطبوعة في جميع مديريات أمانة العاصمة اليمنية صنعاء، بالتزامن مع انتشار واسع لتجارة السلاح وفي أماكن كانت قد خصصت لبيع الأدوات المدرسية والقرطاسية.
ففي مديرية التحرير، إحدى مديريات محافظة أمانة العاصمة اليمنية والتي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الكثافة السكانية، شهدت إغلاق ما يقارب عشر نقاط بيع للصحف المطبوعة، وتحول العاملون فيها إلى تجار محترفين في تجارة وبيع السلاح.
عزوف ثقافي
ومنذ انقلاب جماعة الحوثي المسلحة على الدولة في سبتمبر2014، وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، سارعت الجماعة إلى إغلاق العديد من الصحافة ووسائل الإعلام المناهضة لها، بل وزجت بعشرات العاملين في تلك الصحف في السجون حتى اليوم، ما تسبب في عزوف ثقافي وصحافي لدى المجتمع والسكان الخاضعون لسيطرة الجماعة المسلحة.
يقول عبدالقدوس الشرفي، مالك مكتبة مغلقة، إنه لم يعد للمكتبات والكتب مهتمين أو باحثين عنها وإن وجد فإنه في حكم النادر.
وأضاف لـ”يمن مونيتور”: أصبحت الايجارات مرتفعة وبيع الكتب لا تغطي أي تكاليف وبدئنا في بيع الذخيرة الحية (الرصاص ومستلزمات الأسلحة) يعود ذلك لكثرة المجاهدين (مقاتلي جماعة الحوثي) في التردد على المحلات لبيعها بشكل يومي.
وأشار الشرفي إلى أنه أصبح يحقق أرباحاً كبيرة من تجارة بيع السلاح فعند بيع قطعة واحدة من الأسلحة الخفيفة فإن نسبه أرباحه تصل إلى خمسين ألف ريال ما يقارب 83 دولار (الدولار = 581).
عبدالهادي الحمامي، ولي أمر لأربعة أبناء يجد تحدياً في توفير المستلزمات المدرسية لأطفاله، بعد أن باتت الأكشاك المدرسية بحكم المعدومة نتيجة استبدال العاملين في تلك الأكشاك إلى تجار سلاح.
ويقول الحمامي إنه أصبح من الصعوبة بمكان إيجاد مكتبة على مقربة من منزله كما كان في السابق بعد تغيير المكتبات الواقعة في جولة شارع زايد إلى سوق حقيقي لبيع السلاح.
وقال في تصريح لـ”يمن مونيتور”: أنا أسكن في خط زايد باتجاه منطقة صرف بمديرية بني الحارث وأجد صعوبة في إيجاد مكتبة لشراء المستلزمات المدرسية لأولادي الأربعة فاضطر إلى التنقل عبر وسائل النقل كي أصل إلى احدى الجولات التي تكتظ ببيع السلاح بعد ان كانت مكتبات خاصة ببيع المستلزمات المدرسية”.
سلاح الدولة المنهوب
ومنذ سيطرة الحوثيين على الدولة، تتوالى الكثير من التساؤلات لدى الشارع اليمن حول اختفاء سلاح الدولة اليمنية، وكيف تمكنت الجماعة من ابتلاع ذلك السلاح أحد أكبر الجيوش العربية في ذلك الوقت.
يقول أكرم العليمي، (إسم مستعار) كان يعمل في وزارة الداخلية اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء: بعد اجتياح محافظة عمران وتسليم المعسكرات والألوية ووقعها في يد الحوثيين بالتنسيق مع الرئيس السابق انتشر السلاح لأنه تم نهب واسع للأسلحة الخفيفة والمتوسطة من المعسكرات في صنعاء وعدن من قبل ميليشيات الحوثي”.
وأضاف”:” جماعة الحوثي تحت مسمى اللجان الشعبية وزعوا الأسلحة لأنصارهم في مختلف المحافظات التي سيطروا عليها من أجل القتال وتحقيق أكبر قدر من السيطرة على المحافظات”.
وأشار إلى أن سلاح الدولة وقع جزء كبير منه في أيدي المدنيين ولا توجد أي معايير وقائية لشراء الأسلحة، حتى الأطفال ما دون سن 18 عاماً يشترون السلاح بشكل طبيعي إذا ما توفرت المادة.
توقف المكتبات والاكشاك
يقول عمر علي، بائع صحف في مديرية السبعين: انه اضطر إلى إغلاق المكتبة الذي يعمل عليها بسبب اختفاء الصحف والمجلات التي أصبحت منعدمة.
وتحدث لـ”يمن مونيتور” قائلاً: كنت أبيع 450 عدد من الصحف اليمنية الآن لا أبيع أكثر من 15 عدداً من الصحف الرسمية مثل صحيفة الثورة وصحيفة 26 سبتمبر وكل شيء تراجع بعد اختفاء التنوع في الصحف وانتهاء عصر الصحافة”.
وأضاف “آخر عهدي بالصحف في عام 2018 وتوقفت عن أداء عملي عند وصول أربع صحف فقط إلى الكشك الذي أعمل فيه وهي التي تطبع (صحيفة الثورة والمسيرة التي تطبع بشكل يومي وصحيفة 26 سبتمبر والميثاق اسبوعياً” صحف خاضعة موالية للحوثيين.
وتابع قائلاً: كان في السابق هناك عدة صحف متنوعة مثل صحيفة الأيام واليمن اليوم وأخبار اليوم وغيرها العشرات من الصحف والآن لا يوجد تنوع هناك صحيفتين فقط التي تطبع ويتم توزيعها (الثورة والمسير) فقط أما الباقي مثل صحيفة 26 سبتمبر وصحيفة الميثاق فأغلب الأحيان حتى لا تصل إلى الاكشاك.
وأشار إلى أن السلاح بات يباع في الرصيف وعلى الطرقات ففي ميدان التحرير يبسط أكثر الباعة مستلزمات الأسلحة بينما تقف سيارات معكسة في الشارع محملة بكافة أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة تبيع السلاح أمام ميدان”.