ما هذا الذي أراه؟! … وما هذا الذي أقرؤه وأسمعه؟!
ما هذا الذي أراه؟! … وما هذا الذي أقرؤه وأسمعه؟!
تساءلتُ بذهول لا حدود له، وأنا أرى وأسمع وأقرأ كل ذلك الحزن الجارف الذي طغى على طوفان هائل من البشر، كأنَّ السماء أمطرت ألف غيمة سوداء، فانسكب ذلك الغيث الحزين على تعز وأهلها، ثم تجاوزها وتجاوزهم إلى بقاع كثيرة في اليمن والمهاجر!
أيعقل أنه خلال ساعات قليلة فقط بعد سماع النبأ الداهم، تُمطر السماء آلاف المقالات والمنشورات والقصائد واللوحات، كلها تبكيه وترثيه وتتأسى عليه بمرارة طافحة جامحة لم نشهد مثلها منذ زمن بعيد بعيد!
ما هذا الذي حدث؟! … بل من هذا الذي حدث؟!
يجيئني الرد: عدنان الحمادي.
هو الاسم -الشفرة، إذن. هو كلمة السر. هو الجواب الحاسم على كل أسئلتي الحيرى وذهولي اللا محدود.
ولكن.. لماذا يبكيه الناس بكل هذه الحرقة؟!
حتى خصمه في الموقف السياسي.. حتى عدوه في خطوط القتال.. حتى من لم يره يوماً، أو من لم يستمع إليه مباشرةً.. بل حتى من لم يعرف عنه سوى اسمه والقليل القليل من القصص التي تحاول التعريف ببعض خصاله!
…
لقد عرفت عنه الكثير، وإن لم أعرفه شخصياً.. عرفت عنه شجاعته وشهامته.. إقدامه وجسارته.. مواقفه الواعية ووقفاته الرائعة.. أخلاقه وتعامله مع رفاقه وجنوده وناسه، ومع مناوئيه وخصومه في المعسكر الواحد (لا أدري إن كان حقاً معسكراً واحداً!).
وفوق هذا وذاك، عرفت يقيناً أنه لم يكن مرتبطاً بجيب خارجي أو بجحر داخلي.. لم يكن رهينة لمصدر عمالة أو خيانة أو ارتزاق.. ولم يكن مع حزب أو قبيلة أو طائفة أو فئة.
لم يكن عدنان -كما عرفت- سوى قائد عسكري بمعنى الكلمة.. لم يكن سوى ضابط وطني وهب ولاءه كله لوطنه وشعبه وقيادته الآمرة العليا، دون أن يضع من نفسه قاضياً لمحاسبة هذه القيادة على ضعفها وهشاشتها، أو ناقداً لها في انكسارها وخنوعها، أو شامتاً عليها سقوطها في وحل الفساد النتن.
ظل في كل الأوقات الهنيئة والحرجة مع بلده وناسه الذين من طينته، وهي طينة من مسك وعطر وعنبر.
…
إن الناس تعرف جيداً لماذا، وكيف تحب فلاناً، وتكره سواه..
وهي تعرف جيداً أين تضع ثقل ثقتها وتقديرها واحترامها، وأين تضع بصمة احتقارها..
كما أنها تعرف جيداً هوية الرجال وأنصاف الرجال وأشباه الرجال وعديمي الرجولة.. وتضع كل واحد منهم قبالة هويته الحقيقية، وتضع كل هوية في دائرتها المناسبة، وتضع حول كل دائرة اللون اللصيق بها.
ولهذا عرفت الناس جيداً أين تضع عدنان عبدالوهاب.. أقصد عبدالرقيب الحمادي..
يا الهي.. مالي أخلط بين الأسماء؟!
لا والله.. لا أعتقد أنني أخلط قط.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.