اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

الطفلة نورا.. سيرة الحرب وأثارها على أطفال اليمن ومستقبل تعليمهم (تقرير خاص)

ملامح هذا الضياع ماثلٌ للعيان وجدنا حدوده في مأرب أثناء زيارة لمنطقة ذَنَه جنوب غرب المدينة- حيث تعيش نورا.

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من غادة الحسيني

حافيةً خرجت الطفلة نورا تجر بيمناها أخيها الاصغر ناصر، إلينا وبيدها اليسرى دبة ماء صغيرة لتسقينا وسط الصحراء الموحشة، بلهجتها البدوية وحديثها الممتع تقدم “نورا” أثار الحرب التي تعيش عامها الخامس في اليمن وأثرها على الأطفال المشردين والنازحين.
 تعيش نورا محمد طعيمان البالغ من العمر 14 عاما مع اسرتها المكونة من والديها وأربعة من اخوانها في “عشةٍ” (مبنى) من القش وسعف النخيل وسط منطقة محرومة من ابسط مقومات الحياة.  
تُقدم نورا صورة لأطفال اليمن حيث ضياع لا افق لمنتهاه يحيق بالأطفال بسبب التشرد والنزوح جراء الحرب، أرواحٌ مقهورة، شاحبةً وجوههم باكيةً عيونهم، لأن الماضي انتهى بالنسبة لهم، والحاضر مؤلم وشاق، اما المجهول فهو عنوان مستقبلهم.. فمن يجنب الأطفال مخاطر الحرب وينقذ مستقبلهم
ملامح هذا الضياع ماثلٌ للعيان وجدنا حدوده في مأرب أثناء زيارة لمنطقة ذَنَه جنوب غرب المدينة- حيث تعيش نورا.
اخذت الطفلة تسرد حكايتها ومأساة نزوحها من منطقة صرواح التي تشهد حرباً عنيفةً بين القوات الحكومية والحوثيين منذ ست سنوات، دمرت منزلها ومدرستها، وجعلتهم مهجرين في منطقة بعيدة.
 
مأساة النزوح
تقول نورا إن “الحرب دمرت بيتنا ومدرستنا في صرواح وحرمتني من الدراسة وفرقت بيني وبين زملائي وزميلاتي وانقطع التواصل مع اساتذتي، فقد نزحوا هم ايضاً الى اماكن متفرقة في مأرب.”
ظلت مدينة مأرب قبلة النزوح في المناطق المحيطة من صنعاء والبيضاء وحجة وعدة عائلات فرّت خشية انتقام الحوثيين. وحسب تصريحات رسمية فإن عدد النازحين يصل إلى أكثر من مليون.
تحوز نورا الترتيب الاول على مستوى مدرستها في صرواح قبل ان تشردها الحرب كما تؤكد هي ووالداها، وأصبحت تمارس موهبتها في الانشاد في عشتها وسط ضحكات أخوانها الصغار، فلا أحد يسمع صوتها الشجي غيرهم.
تنشد “نورا” بحرقة مقطوعاتٍ من الشعر الانساني وفي عينيها حزن غائر تكتوي بحرقته كل ليلة، وتغني من اعماقها للسلام وكامل امنياتها أن يبدأ العام الجديد واليمن بلا حروبٍ وأزمات.  تتحدث عن المدرسة وتنشد للسلام، ترغب في العودة إلى مقاعدة الدراسة لكن النزوح وفقدان الآمال ومضي العمر يؤثر على مستقبل “نورا” وكل الأطفال.
يُقدر عدد النازحين داخل البلاد بأكثر من ثلاثة ملايين يمني، معظمهم من الأطفال والنساء، ما يجعل إطالة الحرب استهداف لمستقبلهم. وتقول يونيسف إن مليوني طفل خارج مقاعد الدراسة للعام الرابع على التوالي.
 
” الأضرار النفسية”
تبقى تداعيات الحرب وموجات النزوح ثقيلة جداً على الأطفال، تُحدثُ في نفوسهم شرخاً عميقاً واضراراً نفسية كبيرة .
ولتسليط الضوء عن حجم هذه الاضرار يقول الأخصائي النفسي د/ مهيوب المخلافي ل”يمن مونيتور” إن الاطفال هم الاكثر تأثراً لعدم التكيف البيئي، نتج عن هذا التأثر الخوف والقلق والعدوانية عند الاطفال فيما بينهم أو مع أسرهم، بالإضافة الى الشرود والابتعاد عن الاسرة، كون الطفل يرى ان المكان الذي اصبح يعيش فيه غير مستقر.
 ويضيف الدكتور المخلافي أن من تداعيات “النزوح تضجر الوالدين من الوضع أثّـر على الاطفال سلباً وجعلهم يتذمرون من الواقع، وانعكس عليهم نفسياً حتى صاروا بعد ذلك لا يرددون ما يقوله الأب والأم فقد، بل يتحول إلى جانب سلوكي عدواني، وجانب سلوكي انطوائي وما يسمى بالرُّهاب, والرُّهاب يأتي للأطفال النازحين ويأتي للكبار لكنه يكون عند الصغار أقوى، كون الطفل ينظر للحالة المادية لوالديه والحالة التي يعيش فيها بخيمة او كنتيرة مما يؤثر على نفسيته”.
 اما انعكاسات الصدمة النفسية لها مجموعة مقاييس منها ما ينعكس على الطفل كجانب “قلق أو اضطرابات في النوم او ينعكس عليه في التحصيل الدراسي وعدم قدرته على التركيز “.
 ويذكر المخلافي أن الأطفال يقرؤون ما يدور في “خلجات اذهاننا قد لا يطبقون ما يدور بين الاب والام في حالة النزوح لكنه ينعكس عليهم في السلوك”.
 
سُبل العلاج
 وبدلاً أن يعيش هؤلاء الاطفال في رياض المدرسة تحت ظلال التعليم ونعيم الحياة، شردتهم الحرب حفاةً الى قفار موحشة، يركضون وقد لفحتهم الشمس فضلاً عن رمال الصحراء الملتهبة.
تكمن وسائل العلاج لهذه المآسي والحد من تخفيف التشرد وموجات النزوح ابتداء من الدعوة إلى ايقاف الحرب واستشعار المسؤولية بشأن مستقبل اجيال الطفولة وانتهاء بتجريم حمل السلاح وأن يكون حصراً على الدولة، وانتهاءً بتنفيذ هذه النقاط على ارض الواقع يلمسها الناس لا أن تكون مجرد شعارات.
فهل ستعود الفرصة للطفلة نورا وباقي الاطفال بعودتهم الى المدرسة قبل ان يفقدوا أملهم بحب التعليم؟!  ومن سيخفي تقاسيم الحزن المخطوطة في وجه الطفولة ويعيدُ لها وهج ابتسامتها واشراق روحها! وهل عبارة نورا “من حقي اتعلم لا أريد الموت” ستهز الهِمم الخامدة وتحرك الضمائر الجامدة”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى