(تقرير خاص)200 طفل مهددون بالموت شهرياً.. “سوء التغذية” كارثة إنسانية في تعز وسط اليمن
حتى لو كانت الحرب التي دامت خمس سنوات باليمن قد انتهت اليوم فإن الأمر سيستغرق عقدين من الزمن كي يصل أطفال البلاد إلى مستوى أقل من سوء التغذية الذي عانوه قبل النزاع. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من فائقة حسين
في عمر 10 أشهر انتفخت بطنه ولم يستطع الأكل والرضاعة بشكل جيد، تفاقمت حالته وازدادت سوءاً قبل أن تنقله والدته إلى مدينة تعز من منطقة شرعب.
بسام بندر (10 أشهر) هو واحد من أطفال مدينة تعز (وسط اليمن) الذين يعانون سوء التغذية الحاد الذي قد يؤدي إلى الموت. آلاف الأطفال لا يحصلون على الغذاء المناسب كما أن أمهاتهم لا يتلقين الغذاء من أجل إرضاعهم وفي النهاية جيل جديد في البلاد يعانون الأمراض والتقزم.
يشير تقرير حديث لـ”لجنة الإنقاذ الدولية” إلى أنه حتى لو كانت الحرب التي دامت خمس سنوات باليمن قد انتهت اليوم فإن الأمر سيستغرق عقدين من الزمن كي يصل أطفال البلاد إلى مستوى أقل من سوء التغذية الذي عانوه قبل النزاع. وهي ما يعني أجيال جديدة من اليمنيين أكثر تقزماً.
تقول والدة بسام التي تنحدر من منطقة “شرعب” -غرب المدينة- لـ”يمن مونيتور” إنها اكتشفت مرض ابنها “بعد انتفاخ معده بطريقه غريبه ومرعبه، ومع كونها في منطقه تبعد كثيرا عن المدينة لا تستطيع ارسال طفلها الى المستشفى، وظلت شهرين حتى تفاقمت حالته”.
وقال والدة بسام إنها “نظرت الى طفلها لا يأكل بشكل صحيح ولا يتقبل الرضاعة من صدرها، ووزنه بات يقل بشكل ملحوظ مما جعله أكثر عرضة للإصابة بالمرض”.
استقر بسام في مستشفى المظفر بعد جرى نقله من مستشفى أخر “لكنه لم يتحسن تحت رقابة دكاترة القسم (سوء التغذية) بالمستشفى الذي يقبع فيه؛ والسبب يعود إلى أن تأزم الحالة نتيجة قله الاكل وظهور الهزال الشديد عليه ومعاناة والدته في أخذه للمستشفى من البداية لصعوبة تكاليف المواصلات إلى داخل المدينة”.
أسئلة تعز
تطرح أسئلة في تعز عن مقدار معاناة السكان في ظل استمرار الحصار المفروض على المدينة، هذا الحصار لا يستهدف فقط من يعيشون داخل المدينة بل ممن يعيشون خارجها مثل والدة بسام إذ أن معظم الخدمات والمستشفيات توجد داخل المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
كما أن الأطفال يعانون من سوء التغذية، بسبب عدم قدرة الآباء على تحمل تكاليف الطعام لهم ولأولادهم نتيجة إيقاف المرتبات وسوء الحالة الاقتصادية في البلاد. لذلك لا يحصل آلاف الأطفال في على التغذية المناسبة والكاملة، ما جعل الكثير منهم عرضة لأنواع العدوى، “كما أن سوء التغذية، تولد الاسهالات المستديمة، والقيء، والتهاب رئوي، والجفاف، وكلها تسبب إضعاف الحالة التغذوية لدى الطفل”.
وقال الدكتور علاء حسن رئيس قسم التغذية العلاجية بمستشفى المظفر لـ”يمن مونيتور” إن مرض سوء التغذية ناتج عن الحروب وضعف الدخل والحصار الموجود بمدينه تعز، وقله المواد الاغاثية التي تصل إلى الأرياف والمناطق البعيدة، جعلت أغلب الأسر تعاني من سوء التغذية الحاد ليس فقط مقصورا على الاطفال، فهناك امهات مرضعات وحوامل تعاني من سوء التغذية الذي بات أن ينهي جسدها ووليدها، مؤكداً أن مستشفى المظفر يستقبل 200 حاله في الشهر وبالسنة يكون عدد الوفيات أربع إلى خمس حالات.
وبيّن حسن أن أغلب الحالات، “تأتي عبر عيادات متنقلة تتكفلها منظمات دولية متمثلة بمنظمه الصحة العالمية وتنفذه منظمة العون الإنساني والتنمية (ها) بشكل ممتاز، والنزول الى الحارات والشوارع والتنقيب عن امراض سوء التغذية وارسال اي حاله تعاني من سوء التغذية الحاد الى المستشفى العيادة الداخلية تسمى TFC) لتلقي العلاج الكامل حيث يقوم القسم بالحد من انتشار سوء التغذية والتسلط للعلاج النهائي”.
ويقدر مسؤولو الصحة في المدينة عدد حالات “سوء التغذية” المهددة بالموت في تعز بأكثر من 200 حالة شهرياً.
أنقذوا ابنتي!
روان سعيد (سنة ونصف) هي أيضاً تعاني ما يعانيه بسام بندر لكنها أشد ضعفاً، فجسمها المتقزم والهزال الشديد الذي تعاني منه نتيجة الاسهالات المتواصلة تجعلها تبدو في عمر الأربعة الشهور.
تقول والدة روان لـ”يمن مونيتور” تخنقها الدموع خوفاً على طفلتها ” لو أن لدي غذاء كامل من أيام الحمل كانت أبنتي حالتها أفضل من الان، ولكن في فترة حملها ووضعها لا نجد شيئاً نأكله، فقط لدي جاره تملك ماعز أقوم بإعطائها لبن منه فقط”.
وأضافت: “اكتشفت مرض أبنتي عندما بلغت السنة وجسدها مازال بنفس حجم المولود وذهبت بها الى عده مراكز صحية ولكن لا جدوى والان امكث في مستشفى المظفر للعلاج حيث إن أبنتي لا تتحسن”.
تقول والدة روان: أنقذوا ابنتي!
مؤخراً قامت منظمة الغذاء العالمي بإعداد وجبة منزليه للعلاج السريع داخل كل بيت لمكافحة حالات سوء التغذية الحاد، من أجل تحسين حياة الكثير من الأطفال، وميزه التغذية العلاجية بالمنزل والجاهزة للأكل هي عجينة لا تريد طبخ او اهتمام وتحتوي على خليط زبدة الفول السوداني واللبن المقشور والفيتامينات والمعادن بشكل مباشر، كما انه يوفر عناء الكثير من الأسر التي يصعب عليها اطعام اطفالها نتيجة للوضع الحالي داخل تعز وتصرف عبر عيادات صحية متنقلة تسمى OTB)).
تحذير
وحذرت الدكتورة خولة احمد الطبيبة بمستشفى المظفر خلال حديث لـ”يمن مونيتور” من ظهور مجاعة في تعز.
وقالت إن ذلك يعود بدرجة أساسية إلى “عدم صرف الرواتب وقلة فرص العمل والمساعدات الانسانية والاغاثية المقدمة من المنظمات للسكان في المحافظة والمعنيين بالفقراء والنازحين بتفادي اتشار سوء التغذية الحاد والمتوسط، والمتابعة لضمان استفادة هؤلاء المتضررين والذين يعانون من تدهور صحي حاد في كل أنحاء تعز.
ملكة أحمد التي تعمل ضمن فريق طبي متنقل ضمن منظمة (هاد) تقول لـ”يمن مونيتور” إن هناك حاجة ماسة إلى أدوية سوء التغذية ودعم المستشفيات بالمحافظة لتقديم الخدمات الصحية والعلاجية للمواطنين والحد من انشار الامراض والأوبئة للمتضررين الذين يحتاجون للمتابعة وغير القادرين على شراء العلاج بسبب الوضع.
وتقول إن عيادتها تعالج في أحياء المدينة أكثر من 50 حالة يومياً، “وإن صعب الحالة يتم ارساله الى المستشفى لتلقي العلاج، مؤكدة أن العيادة تستقبل باليوم اكثر من 50 حال وما يزيد عنها، وكل هذا بسبب الوضع القائم والمتدني بتعز متمنية بأن تنتهي حالات سوء التغذية بتعز وعودة الأطفال إلى صحتهم”.