في ظل هذا الكم الهائل من التزاحم الفكري والتوجه السياسي والتنوع الثقافي، نحتاج وعي يدرك مفاهيم مفاتيح وأساليب إدارة مثلى لهذا التنوع، ليفضي لإثراء يعزز روح الانسانية فينا.
لسنا حالة شاذة، بل نحن جزء من هذا العالم المزدحم بالأفكار والاتجاهات المتعارضة، الجديد هو العصر وتطور وسائل التواصل والنقل، مما أشرك عددا كبيرا من الفاعلين والمؤثرين، وصار الكل يفتي بما يعلم وما لا يعلم.
في ظل هذا الكم الهائل من التزاحم الفكري والتوجه السياسي والتنوع الثقافي، نحتاج وعي يدرك مفاهيم مفاتيح وأساليب إدارة مثلى لهذا التنوع، ليفضي لإثراء يعزز روح الانسانية فينا، ويهيئ بيئة من التعايش والعيش بسلام وحب ووئام، ليجنبنا أسباب النزاعات.
الحور يمثل مفتاح مهم من مفاتيح تلك المفاهيم، الحور مطلب مهم للتعايش الانساني وضرورة تقتضيها الفطرة البشرية لنزع بؤر النزاعات، وحاجات الانسان في التعايش مع الآخر المختلف كما هو دون أي فرض أو قهر او عنف.
ولنا في الحوار تجارب، نحتاج فقط لوعي يستشف من هذه التجارب دروساً وعبراً، وعي قادر على أن يصنع من فشل الأمس نجاح للمستقبل.
في كل حواراتنا واتفاقاتنا منذ الاستقلال، ننجح بالوصول لوثيقة مثلى من الأفكار والبنود التي بحاجة لإرادة ومصداقية لتكن واقعا على الأرض، لكنا اليوم في مصاف الدول المحترمة، نفشل دائما في التنفيذ.
هو فشل العقلية التي تحتمي بالعنف والسلاح، ولا تعترف بما صاغه العقل والوعي، عقلية نكرة وعكرة، تصطدم مع القوى الناعمة من مثقفين ومفكرين وسياسيين وما يمتلكونه من وعي وحكمة وتجارب انسانية، فتفسد كل عمل مثمر بالجهل والتخلف والممزوج بالكبر والعنف.
الكل يعرف من صاغ أفكار وبنود وثيقة العهد والاتفاق ومن أفشلها، وقال عنها وثيقة الغدر والخيانة، بعد أن أطلق لها عنان أبواق الفتن للتحريض والتخوين.
وما أشبه الليلة بالبارحة، من إذاً الذي تآمر وانقلب على مخرجات الحوار الوطني، مدمراً جهود مضنية وأفكار مثمرة بوعي وحكمة على طاولة الحوار الوطني، وكانت مخرجات حلم الزمان والمكان، أدهشنا بها العالم، وعبرت عن الحكمة اليمانية، وهي ما تزعج تلك العقليات بكل جهلها وتخلفها وكبرها وعنطزتها، فكانت سطوتها على تلك الجهود، سطوة دمرت الحكمة والعقل وتطلعات وآمال الناس وحياتهم وكرامتهم ومستقبلهم.
بل وضعت الصعاب اليوم أمام أي طاولة حوار، تسمح للحكمة اليمانية والعقل والوعي أن يدلي بدلوه، لكي نلتقي نحتاج لوسيط، وما للوسيط من أثر سلبي وايجابي، بين الفرض والاختيار، مهما كانت المخرجات والتي لا تقارن بما ينتجه العقل والحكمة اليمانية، تمثل مخرجاً مهماً لسلام الدائم نحو حياة محترمة.
يتم الاخراج، ويستبشر الناس خيرا، والخير يبدأ بتكميم أفواه الفتن، بكسر عنطزة الكبر، وتقنين العنف وتجريده من أدواته، بنزع قتيل الصراعات والحروب.
المشكلة تبقى ببقاء تلك الأدوات التي تصدمنا بعقلية التنفيذ، التي تنظر للاتفاق من زاوية النصر والهزيمة الخاصة، وتصنع عوامل مؤججة لإنتاج صراع جديد وتوالد مشكلاتنا، عقلية تتهرب من الاستحقاق والمسئولية وترمي على الآخر.
هي نفس العقلية وإن اختلف رداؤها، هي نفس الآلة الاعلامية التي تؤجج الأزمات بخطاب احتقار الآخر وإهانته، بتدمير معنويات وإرادة الناس وتحطيم تطلعاتهم، بإهانتهم والدوس على كرامتهم وقتل روح الحياة فيهم، ليبقى بلد غير قادر على النهوض والمنافسة ليكن محترما بين امم المعمورة.
هو نفس القول ونفس العنطزة، نفس الخطاب الواهم بفرض أمر واقع على الآخرين تقبله، لم ننسَ تلك العبارات السيئة (سنترك لكم مجالاً لقوارب النجاة عبر البحر)، هي نفس العبارات السيئة التي تقال اليوم (بمن سمح لهم بدخول عدن)، مزاج سياسي عفن بعقلية الكبر وعنطزة العنف الذي يدمر كل اتفاق وتوافق، كل خير ينتجه العقل والحكمة، ولا يسمح بتطبيق بنوده على الأرض، ويدفع لحرب تلو حرب، والضحية وطن ومواطن.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.