كتابات خاصة

الحرب والأمراض النفسية

إفتخار عبده

من أسوأ  تبعات وأوجاع هذه الحرب الطاحنة إلى جانب الجوع والعطش والأمراض الجسدية والأوبئة، أنها أورثت لنا أمراضاً نفسية كبيرة، فربما لا يكاد يخلو بيت من مريض نفسي داهمه المرض خلال سنوات هذه الأزمة الخانقة.

من أسوأ  تبعات وأوجاع هذه الحرب الطاحنة إلى جانب الجوع والعطش والأمراض الجسدية والأوبئة، أنها أورثت لنا أمراضاً نفسية كبيرة، فربما لا يكاد يخلو بيت من مريض نفسي داهمه المرض خلال سنوات هذه الأزمة الخانقة.

 كثير من الرجال والنساء اليوم أصيبوا بالمرض النفسي نتيجة تراكم الهموم على رؤوسهم والفقر المدقع الذي حل على بني اليمن، فكم من الصبر الذي تجرعه الإنسان اليمني وكم من الكتمان الذي تأسى به لكي يبدو بخير أمام الناس، حتى انهار فيما بعد ذلك تماماً، وخرج عن نطاق العقل إلى التيه والشرود، وبعدها إما إلى الشارع والجري فيه بين أكياس النفايات أو الجري وراء اللاشيء، أو إلى غرف وأماكن مغلقة يقون بها نفوسهم من نظرات الناس وتتبعهم لهم.
 كثيرون هم الذي أخرجوا من سجون المليشيات وقد فقدوا عقولهم تماما إثر ما تعرضوا له من أصناف العذاب وعندها تجد هذا المريض النفسي لا يريد مطلقا أن يغادر البيت أو بالكاد يغادر غرفة نومه متجولاً في ربوع البيت والخوف يأكل محياه.. لا يريد أن يرى أحدا ولا أن يراه أحد.
 وكثيرات هن النساء اللاتي فقدن أعز ما يملكن من فلذات الأكباد وبعد هذا الفقد المحزن تفقد المرأة الصبر وقدرتها على التحمل، وتفقد الصواب بعد حتى تذهب إلى التيه والتصرفات غير العقلانية كنتيجة مؤسفة للآلام النفسية الكبيرة التي خلفها الصراع البائس.
من الرجال أيضا من يعجز تماماً عن تقديم ما تتطلبه الأسرة من الحاجات الضرورية للحياة فيرى أبناءه مرضى جوعى يتخبطون بين الأمراض والأوبئة؛ وعندها يقف الرجل عاجزا تماما عن العطاء وعاجزا أيضا عن تحمل المواقف هذه التي تحدث له وأسرته فيفقد الصواب على الرغم من امتثاله الصبر والتحمل، ويتحول إلى مريض نفسي تائه بين أوجاع السنين وآلام الأيام التي جعلته يتجرع مرارة الحياة، ومن ثم العيش في واقع نفسي صعب للغاية قد يحوله إلى فاقد للعقل إن لم يلطف الله فيه.
وهكذا يصبح مجتمعنا اليمني الكثير منه مصاب بالأمراض الجسدية، فيما آخرون يقاسون مرارة الأمراض النفسية وشظف العيش، لكن السؤال الذي يحير الجميع هو إلى متى سنظل هكذا؟، وبأي وقت يمكننا أن نرى أهلنا وذوينا خاليين من الهموم والمآسي.؟؟
 الجواب، لن يكون هناك تغيير إيجابي في سياق واقع اليمنيين المؤسف، إلا بإنهاء الصراع ومسبباته والبدء في العيش بواقع ملؤه السلام والمحبة مع دولة نظام وقانون تكفل حقوق الجميع بغض النظر عن القناعات الفكرية والسياسية وحتى المذهبية.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى