كيف يَعِنُّ لك أن تُجازِف بذبح الدجاجة التي تبيض لك ذهباً!
أو لماذا تُفكِّر -مجرد التفكير- بسَدِّ بئر نفط تتدفق في أرضك! كيف يَعِنُّ لك أن تُجازِف بذبح الدجاجة التي تبيض لك ذهباً!
أو لماذا تُفكِّر -مجرد التفكير- بسَدِّ بئر نفط تتدفق في أرضك!
بالتأكيد سينظر العالم كله اليك على أنك أحمق. غير أن الأكثر تأكيداً هو أنك ستؤمن أنت شخصياً بحماقتك المطلقة.
وهذا هو التوصيف الدقيق لحقيقة المشهد اليمني السائد اليوم، أي مشهد الحرب..
فالحرب الدائرة في اليمن منذ خمس سنوات ليست كلها مأساة، بالرغم من أن البروفايل المأساوي فيها حصري بالسواد الأعظم من الشعب..
لكن لهذي الحرب بروفايلات أخرى، أبرزها ماهو ملهاة أو ماهو ربح وفير ورزق غزير..
فقد كانت هذه الحرب باباً واسعاً للارتزاق أو الاسترزاق أو المتاجرة في صور شتى وبأساليب عدة ولأغراض متعددة.
ولهذا لا أجد كائناً واحداً أرتقت به هذه الحرب من درجة الفقر المدقع الى مرتبة الغنى الفاحش، يرغب في الاسهام في انهائها بأيّ شكل من الأشكال!
إن مثل هذا الكائن لا يمكنه البتة أن يذبح الدجاجة أو يسد البئر، بعد أن فوجىء بهذه النقلة الجبارة في حياته.
وهذا الوصف لا ينطبق على أحد أطراف هذه الحرب دون أطرافها الأخرى.. فكلهم -كلهم بدون أدنى استثناء- قد غرقوا في مستنقع ملذاتها ومكاسبها حتى النخاع الشوكي.. جماعة الفندق كجماعة الخندق كجماعة البرزخ وبقية الجماعات الصغرى الأخرى..
إن الطرف الخاسر الوحيد -في هذي الحرب- الذي عرف مغرمها دون مغنمها ومندبها دون مكسبها وحزنها دون مُزنها، هم أولئك الذين فقدوا عزيز أهل أو مصدر دخل، وهذا الطرف هو نحن، هذا السواد الذي هَرِمَ في خمس سنين خمسةَ عقود، بل طفح خلالها بقدر غير معلوم من الأمراض لن يظهر معظمها الاَّ بعد حين، واكتوى بويلات مختلفة الأوجه ما كانت لتسنح صورها في خياله قط مهما تمادى هذا الخيال في عميق الكآبة أو شديد الضحالة!
هذي هي صورة اليمني اليوم في صميم هذي البروفايلات التي أنتجتها هذي الحرب..
فلا تبحث عن صورة اليمني في مجدٍ غابر أو بهاء قريب الذاكرة ناهيك عن بعيدها..
إنما صورة اليمني الجديرة الآن بالمثال هي صورة هذه الحرب التي لو قُدِّر لها أن تطول عمراً سنةً أخرى فقط، فلن تجد حينها لليمني صورةً تُذكر على الاطلاق..
سنةً أخرى فقط، وحينها سَلْ عن اليمني في مقبرة التاريخ.. أو مزبلة التاريخ… لا فرق!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.