40 يوماً منذ سيطرة “الانتقالي الجنوبي” على عدن اليمنية تمهيداً للانفصال.. بأي ثمن؟!
يمر 40 يوماً على سيطرة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات على مدينة عدن، وطرد الحكومة اليمنية التي تعتبر ما حدث تمرداً مسلحاً ترعاه أبوظبي ضدها. فما الثمن الذي سيدفع نتيجة الانتهازية الإماراتية وجدول أعمال الانفصاليين جنوب اليمن؟!
يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
يمر 40 يوماً على سيطرة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات على مدينة عدن، وطرد الحكومة اليمنية التي تعتبر ما حدث تمرداً مسلحاً ترعاه أبوظبي ضدها. فما الثمن الذي سيدفع نتيجة الانتهازية الإماراتية وجدول أعمال الانفصاليين جنوب اليمن؟!
منذ عام 2017 ، كانت مدينة عدن جنوب اليمن موقعًا لعدة مصادمات كبرى بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم من أبوظبي) لكن المعركة الأخيرة بين الشركاء المتحالفين اسمياً في المعركة ضد متمردي الحوثيين المتحالفين مع إيران، قد تركت المدينة لأول مرة إلى حد كبير تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم كبير وضخم من دولة الإمارات التي أسست المجلس وميليشياته التي قامت بعملية إسقاط العاصمة عدن في أغسطس/آب.
بعد دعم مستمر منذ سنوات اقتصادي وسياسي وعسكري، أصبح لدى المجلس الانتقالي الجنوبي القدرة على بناء مؤسسات الظل الموازية للحكومة الشرعية في عدن؛ التي تُقرب المجلس من هدفه بانفصال جنوب اليمن، وتحويله إلى دولة خاصة به تخضع للإمارات، كما يرى محللون يمنيون. لكن الوصول إلى ذلك يعني استهلاك موارد مواجهة الحوثيين وإثارة غضب الجنوبيين الأخريين ليسبب رد فعل عنيف لرفضهم سيطرة “الانتقالي الجنوبي”.
مطاردة حُلم الانفصال
يشير معهد ستراتفور الاستخباراتي الأمريكي إلى سيطرة “الانتقالي الجنوبي” على عدن عقب مقتل منير اليافعي بصاروخ حوثي مطلع أغسطس/آب. مضيفاً “بدلاً من الانتقام من الحوثيين ألقى “المجلس الانتقالي” باللوم على إدارة هادي، مدعياً أن حزب الإصلاح شارك في الهجوم. بدأ “الانتقالي الجنوبي” بحملة ضد حكومة هادي، حيث شن حلفاؤهم الإماراتيون غارات على الجيش اليمني في 29 أغسطس/آب. وبعد أن استقر الغبار احتفظ “الانتقالي الجنوبي” بالسيطرة على عدن تاركاً إدارة هادي دون تأثير في المدينة التي تمثل عاصمة البلاد المؤقتة”.
يضيف المعهد: سيطرة الانتقالي الجنوبي على مدينة عدن ليس ميّزة كبيرة، إذ يواجه المجلس مجموعة كبيرة من الحواجز في طريق طويل لتحقيق تطلعاته بانفصال جنوب اليمن. من ناحية، لا تزال الدبلوماسية الدولية حول اليمن تتركز إلى حد كبير على الصراع بين هادي الحوثي. فلم يُظهر الداعمون الرئيسيون للتحالف المناهض للحوثيين – أي الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية – أي علامات على تغيير هذا التركيز، لأنهم يرون أن جنوب اليمن و”الانتقالي الجنوبي” يلعبان في النهاية دورًا صغيرًا في ظل حكومة يمنية موحدة. في الواقع، في منطقة مليئة بالفعل بالنزاعات الحدودية، لا يزال احتمال حدوث انفصال في اليمن عملية بيع صعبة من وجهة نظر عالمية.
ويتابع المعهد بالقول: يتعيّن على “المجلس الانتقالي الجنوبي” السيطرة الكاملة على جنوب اليمن، للحصول على نفوذ ميداني يحتاجه للدخول في المحادثات برعاية دولية. وتوسيع نفوذه لن يكون بالأمر الأسهل، لأن المجلس لا يمثل جميع شرائح المناطق الجنوبية الواسعة من الفصائل والقبائل والمواطنين. وعلى الرغم من السيطرة على عدن بالقوة فإن لدى المجلس الانتقالي خلافات أيديولوجية وسياسية في المحافظات الداخلية جنوب اليمن مثل حضرموت والمهرة، كما أن “عيدروس الزُبيدي” رئيس المجلس الانتقالي يمتلك منافسين على السلطة جنوب البلاد.
لذلك فإن حلّم الانفصال لا يزال بعيد المنال. لكن يمكن ل”المجلس الانتقالي” بناء سيادة فعلية مع سيطرة أكبر على المنطقة، وعندما يحدث ذلك ببطء يمكنها استخدامها كقاعدة لتوسيع سلطتها إلى مناطق جديدة تحت نفوذ الحكومة الشرعية. يمكن للمجلس أيضًا استخدام نفوذ السيطرة على عدن للحصول على رأي أكبر في حكومة وطنية موحدة – مما يزيد من فرصه على محمل الجد في الدبلوماسية الدولية المتعلقة باليمن.
الانقسام السعودي- الإماراتي
يذهب المعهد الأمريكي إلى أن النجاح الذي حققه “الانتقالي الجنوبي” مؤخراً في عدن يعود جزئياً إلى خلاف سياسي طويل الأمد بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في اليمن. لا يزال الإماراتيون والسعوديون متحالفون على ما يبدو في القتال ضد الحوثيين لاستعادة سلطة هادي المدعومة من الأمم المتحدة على البلاد. لكن أبو ظبي تعمل أيضًا على تحديث استراتيجيتها الإقليمية بحيث تشمل التركيز بدرجة أقل على تهديد الحوثي في اليمن والمزيد على تعزيز مكاسبها من خلال وكلاء مثل “الانتقالي الجنوبي”. هذا التحول يضر بالرياض بشكل كبير، فبينما تستمر السعودية في الضغط على الحوثيين على نطاق واسع، قرر الإماراتيون – على ما يبدو من جانب واحد – تقليل هذا الجهد لصالح الحفاظ على نفوذهم في جنوب اليمن، وخاصة في مدن الموانئ الرئيسية مثل عدن.
وتابع المعهد الأمريكي القول: على الرغم من هذا الصدع المتزايد، سعت السعودية والإمارات إلى دعم صورة “التوحد” في السياسة اليمنية. لكن أعمال أبو ظبي على الأرض تحكي قصة مختلفة. بعد ضرب الجيش اليمني دعماً ل”المجلس الانتقالي” 29 أغسطس/ آب، أعلن الإماراتيون على الفور وبشكل علني مسؤوليتهم عن الهجوم. أظهرت هذه الخطوة أن أبوظبي تنظر على أن “المجلس الانتقالي الجنوبي” المزدهر الآن أكثر أهمية من حكومة يمنية شرعية وموحدة، على الأقل في ظل إدارة هادي، التي لها علاقة متوترة مع أبو ظبي.
تحوّل استراتيجية الإمارات يعود إلى عدة عوامل: المخاوف من حدوث حرب إيرانية-أمريكية، وتوسعها إلى دول الخليج، في مخاوف من احتمال تحمل أبوظبي للمخاطر بشكل عام في منطقة الخليج. في هذه الأثناء، في اليمن، ظل الوضع العسكري مع الحوثيين راكدًا إلى حد كبير منذ أن شنت دولة الإمارات هجوماً في عام 2018 ضد مدينة الحديدة الساحلية. ونتيجة لذلك، أسفر وضع القوات على الخطوط الأمامية ضد الحوثيين عن مكاسب أقل خلال العام الماضي – بينما وضعت أبو ظبي في مكان عدو للحوثيين مع بنائهم قدرات قادرة على استهداف أبوظبي ودبي.
وبالتالي، بالنسبة لأبو ظبي، فإن مخاطر مكافحة الحوثيين بفعالية تفوق الفوائد. لكن هذا لا يعني أن الإمارات ستتخلى عن اليمن تمامًا وستخسر المكاسب التي حققتها هناك. يشير دعمها المستمر ل”المجلس الانتقالي الجنوبي” إلى أنها تخطط للالتفاف للحصول على البقاء في المستقبل.
توسيع حرب اليمن
يقول ستراتفور إن التحول جنوب اليمن يشكل مخاطر أمنية كبيرة ويدفع إلى استفادة الحوثيين المتمركزين في الشمال مع ارتفاع حدة العنف بين “الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي”. فمع تركيز الحكومة اليمنية والسعودية جزئياً على تخفيف حدة التحدي الذي يشكله المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن ستتاح موارد أقل لوقف هجمات الحوثيين، تاركة الجماعة المسلحة قادرة على مهاجمة التحالف.
لكن الحوثيين ليسوا وحدهم الذين يستفيدون. فإضافة إلى ذلك سيستفيد “تنظيما القاعدة والدولة”. ووسط تدفق المزيد من الاشتباكات الداخلية، هناك فرصة لإغراء بعض اليمنيين بخيبة أمل ما يضطرهم للانضمام للتنظيمات الإرهابية.
المصدر الرئيس
Southern Yemen Inches Toward Independence. But at What Cost?