كان للخذلان غصة، هو الفشل والعجز الذي يرفض الاعتراف بالحقيقة الموجعة، ويبحث عن شماعة يعلق بها فشله وخذلانه.
كم تجرعنا مرارة الخذلان، وأصابتنا خيبة امل موجعة، جربنا نصيبنا بالاشتراكية، سحرتنا بالعدالة الاجتماعية والمساواة، انتظرنا كثيرا لنقطف ثمار المدينة الفاضلة.
كان للخذلان غصة، هو الفشل والعجز الذي يرفض الاعتراف بالحقيقة الموجعة، ويبحث عن شماعة يعلق بها فشله وخذلانه.
الشماعة حينها كانت.. القوى الرجعية وتعصبها الاثني والعقائدي يتربص بنا للقضاء على التجربة، والحقيقة تكمن في حالة الاجتثاث المستند للقوة، والرافض لدمج تلك القوى واستيعابها بمتغيرات ضامنه لها ولنا.
تكتلنا وتكتلوا، تكتلات حالة دون شراكة حقيقية، دون تعايش، دون وطن يستوعبنا جميعا بمشارفنا الفكرية والسياسية والعقائدية.
جعلنا من الاشتراكية بعبع يهدد الآخرين، أفراد وجماعات ودول، أفكار وأيدولوجيات ومشاريع، فجرنا صراع البقاء للأقوى.
فبحث كل طرف عن القوة للبقاء، وكان العنف، والعنف مسلسل لا ينتهي دون أن تنتهي دواعيه والمشكاة التي أوجدته، العنف يجد له مبررات البقاء والتمادي، بمشكاتنا التي تلد عدد مهول من المشكلات وتبرر للعنف، وبقاء الأقوى.
كل من امتلك القوة، أعتقد أن له البقاء ولغيره الزوال، ولكل مرحلة ظروفها الذاتية والموضوعية التي تمكن قوى معينة، تمكن أعداء الاشتراكية بدعم اقليمي من اضعافها واقصائها، وفكرت باجتثاثها بكل السبل.
ومن الصعب بل من المستحيل اجتثاث الناس وجذورهم ثابته في الأرض، أقول الناس مهما كانت أفكارهم وأيدولوجياتهم، ومن يعتبر تلك الأفكار مستورده، هي قناعات وأفكار ناس ثابتين بجذورهم على تلك الأرض، وهذا المهم.
الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر..”. علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
تلك الدول المرعوبة من الاشتراكية، وما انشأته من كيانات طارئة ومونتها للجهاد ضد الاشتراكية في العالم، تحت مبرر حماية الاسلام والعقائد، كغطاء لحماية حكمها الاسري وظلمها وجبروتها وطغيانها، هي اليوم من ترعى محاربة الارهاب بدعم دولي، الناتج لتلك الكيانات التي انشأتها ذات يوم وبدعم دولي أيضا.
وبنفس الاسلوب تنشئ كيانات طارئة لمحاربة الارهاب وبدعم دولي، ومكنتها من القوى الكافية لتكن الأقوى، لا لتحمي الارهاب المزعوم، بل لتحمي ذاتها من ثورات الشعوب التي تتمدد على الساحة العربية، وستصل إليها عاجلا أم آجلاً، هي اليوم تستخدم كل ما لديها من امكانيات لتحد من نجاح واثمار تلك الثورات العربية، بحجة محاربة الارهاب، وتعيد ترتيب خلايا العقل بذهنية تخدمها.
نخذل في معاركنا الوطنية، عندما نجعل منها مصدر تهديد للآخرين؛ الذين لن يقبلوا التهديد، عندما نفرغها من عادلتها، ونزيد من حجم الأعداء حولها، عندما نجعل منها تطرفاً فكرياً وطائفياً ومناطقياً، سنجد من يرفضها ويعارضها ويقاومها، وبالتالي نفرض تكتلات لخذلانا.
عندما نقزم معاركنا الوطنية، في صناعة أصنام بشرية، والارتهان والتبعية لقوى رجعية كانت منبع مشكلاتنا الأساسية، هي مصدر تموين وقراراتنا المصيرية.
مأساتنا تكمن في اختياراتنا، في تكتلاتنا، فينا نحن، لا في الآخرين. الشركاء الذين ينتظرون استيعابهم بحسن نوايا وضبطهم بنظام وقانون ينضم العلاقات ويضبط ايقاع السياسة والحياة في دولة النظام والقانون التي تضمن الحقوق والواجبات والمواطنة والعدالة الاجتماعية والسياسية.
فهل نتعظ ونعيد التفكير المنطقي والعقلاني في علاقتنا ببعض وشراكاتنا في وطن يستوعبنا جميعا دون تخوين وتكفير واتهام غير مستند لقانون ونظام.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.