كتابات خاصة

اليمن التائه

محمد الشبيري

لدى كل من الطرفين شقاً منطقياً، لكن الحقيقة يُراد لها أن تبقى غائبة!

كانت ثورة ١١ فبراير ٢٠١١، بداية النهاية لدولة هشّة اسمها اليمن. وبطبيعة الحال، استهدف الثوار اسقاط النظام، نظام على عبد الله صالح، لكن بنيان الجمهورية المتهالك تداعى. سقطت المؤسسات، الوزارات، الجيش، الأمن، الاعلام، ودخلت البلاد حالةً من التيه الذي لا يعلم أحدٌ على وجه الدقة، متى تكتب لها النهاية.

لا الذين يدافعون عن الثورة ولا خصومها يريدون الاعتراف أن سقوط الجمهورية مسؤولية مشتركة بينهما؛ إذ يعتقد الثوار أن نظام صالح هو الذي ساهم في إهدار فرص بناء الدولة من جديد، فيما أنصاره يؤمنون أن “١١ فبراير ٢٠١١” كانت القشة التي قصمت ظهر الدولة، ونشرت الفوضى والدمار.
لدى كل من الطرفين شقاً منطقياً، لكن الحقيقة يُراد لها أن تبقى غائبة!
وفي خضم صراع أنصار وخصوم فبراير، وجدت المليشيات المسلحة فراغاً ملأته، وراحت تعبث هنا وهناك، فيما السلطة والمعارضة (سابقاً) منشغلتان بجدل بيزنطي حول من المسؤول عن تمكين المليشيات شمالاً وجنوباً من زمام الأمور، وترك الساحة لها دون رقيب أو حسيب.
الحقيقة أيضاً، أن “علي صالح” لم يؤسس على مدى ثلاثة عقود من حكم البلاد، دولةَ مؤسسات راسخة البنيان، وقضى الرجل طيلة سنين حكمه متغنيّاً بالجمهورية، الجمهورية التي تلاشت معالمها خلال ساعات من إحكام الحوثي قبضته على العاصمة صنعاء.
لم يكن “هادي” حالة مختلفة عن سلفه، ومضى على الطريق ذاته، بغض الطرف عن المعطيات التي صاحبت كل فترة، إلا أنهما يشتركان في نظرتهما تجاه فلسفة الدولة، وطريقة الحكم، القائم على تمكين العصبويات والأقارب والأصدقاء، فساهما في إهدار فرصاً عديدة كان يمكن من خلالها الحفاظ على الدولة، وإن في حدودها الدنيا.
تعيش البلاد، اليوم، حالة من التيه، يسيطر المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء وبعض/ أجزاء من مدن الشمال، ويبسط “المجلس الانتقالي” المدعوم تدريباً وتسليحاً من الإمارات، هيمنته على العاصمة المؤقتة عدن (جنوباً)، ويعيش هادي وحكومته ونخب البلاد وأحزابها حالة لجوء هنا وهناك، دون أن يتوصل الجميع إلى حالة وفاق وتصالح تُنهي هذه الحالة الشاذّة التي تمر بها اليمن، وبدون ذلك، سيستمر حكم المليشيات، وتزداد قوتها كل يوم، وتتضاءل وفقاً لذلك، فرص بناء الدولة واستعادة البلاد عافيتها من جديد.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى