وحكى لي الكاتب المصري الكبير كامل زهيري أنه يعتقد بأن اليمنيين قوم من الجن! .. وشيء من هذا القبيل سمعته من وزير ثقافة أوروبي.
كتب صحافي عربي أنه كلما اعتقد بأنه يعرف اليمن وأهله، أدرك أنه يجهله!، برغم أنه يُعَدّ من ذوي الاختصاص بالشؤون اليمنية.
ومنذ سنوات عدة، ذهبتُ لوداع صديق فرنسي كان سفيراً لبلده في اليمن، وقد اعترف لي بأنه رغم طول فترة اقامته وعمله في اليمن، سيخرج منها كما دخلها لأول مرة.. لا يدري حقيقة ما يحدث فيها!
وحكى لي الكاتب المصري الكبير كامل زهيري أنه يعتقد بأن اليمنيين قوم من الجن! .. وشيء من هذا القبيل سمعته من وزير ثقافة أوروبي.
…
نحن لسنا موغلين في الغموض والأحاجي إلى درجة عصيَّة على الفهم..
ولسنا قوماً من الجن أو رهطاً من العفاريت..
قد توحي بعض أفعالنا بشيء من الأولى، وبعض أشكالنا بشيء من الثانية..
لكننا -في صُلب المُقام وصلصال المشهد- أبسط من البساطة ذاتها.. وأكثر آدمية من معظم شعوب المعمورة..
لكن مشكلتنا الحقيقية هي أن الله أبتلانا بنفرٍ من الأوباش قُدِّر لهم أن يحكمونا، فأوغلوا فينا نهشاً وبطشاً، حتى باتت أحوالنا على شاكلة المسوخ!
…
لنا تاريخ ظل حبيس الماضي، على غير تاريخ غيرنا من الشعوب الذي امتد دافقاً إلى الحاضر ومنطلقاً نحو المستقبل..
لنا عقول لا تستطيع الابداع إلاَّ إذا انطلقت من أسار الوطن إلى خارجه، بحيث يمكنك الاعتقاد بأن العقل اليمني لا يصلح البتة للعمل في اليمن!
لنا ثروات لا يتصوّرها بشر، في امكانها اغراق أهل هذي البلاد في محيط من العسل يتدفّق من جبال من ذهب.. لكن فينا كائنات أسطورية لها قدرات سحرية على إحالة العسل إلى خل والذهب إلى روث!
…
ابتلانا الله بموقع طبيعي استراتيجي يُغري الغُزاة ويُسيل لُعاب اللصوص، فاستحالت النعمة لدينا إلى نقمة. عدا الابتلاء بطعنةٍ نجلاء ضربتنا في الخاصرة من جيران سوء. بات الجار الشمالي يتوغَّل ويتغوَّل أكثر مما كان دأبه منذ زمن بعيد. انضمَّ إليه الجار الشرقي الذي ظل لزمن طويل يلتحف مسوح الرهبان. وثمة الجار البعيد الذي ترك جُزُره محتلة وجاء يحتل جُزُرنا. ولم يبقَ الاَّ الجار جنوب غربي -البحري- ليكتمل محور الشر، فاذا به قرصاناً فاق بشروره قراصنة القرن الثاني عشر!
غير أن البلاء الأكبر والابتلاء الأعظم جاءنا من بعض أهلنا أكثر مما جاءنا من جيران السوء. فقد انبرى بعضنا ينهش في لحمنا لاختلاف في المِلَّة الصغرى وخلاف في العِلَّة الكبرى، وهي الحالة التي استشرى داؤها واستعصى دواؤها منذ 14 قرناً. وانبرى بعضنا يشرب من دمنا بُغية انسلاخ يرومه عن اللُحمة وانفصال ينشده عن الكلمة واختلال في بُنيان الأُمَّة التي فُتَّ في عَضَدها ونخر في كبدها سُمُّ الغُمَّة. وانبرى بعضنا يُقاتل بعضنا على شريعة استنكرها الله واحتكرها الشيطان… فإذا بالفتنة حَلَبة مشهودة، وإذا بالفطنة طفلة موؤدة!
…
اليمن هي الملاك الذي لعنه الله وسخطه على هذه الصورة..
ولن يتلاشى أثر هذه اللعنة ما دام هؤلاء الأوباش يحكموننا!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.