انطلاق مدارس صنعاء بمشاكل مستمرة
عام دراسي جديد ينطلق في العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، بعدما سبقه انطلاق المدارس في عدن والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، الأحد الماضي.
يمن مونيتور/العربي الجديد
عام دراسي جديد ينطلق في العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، بعدما سبقه انطلاق المدارس في عدن والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، الأحد الماضي.
يبدأ اليوم، السبت، العام الدراسي الجديد 2019/ 2020، في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وسط مخاوف التلاميذ وأولياء الأمور من عدم انتظام العملية التعليمية كما هو حال الأعوام الأربعة الماضية، من جراء الغياب المستمر للمعلمين عن المدارس الحكومية، وعدم توفر الكتب، وافتقار المدارس للموازنات التشغيلية.
يقول هاشم نعمان، وهو تلميذ في الصف الثاني الثانوي في إحدى المدارس الحكومية في صنعاء، إنّ “التعليم في المدارس الحكومية بصنعاء تراجع كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية، نتيجة عدد من الأسباب، على رأسها غياب المعلمين عن المدارس لعدم صرف رواتبهم. يضيف لـ”العربي الجديد”: “غالبية التلاميذ يفضلون الغياب عن المدارس في ظل غياب المعلمين، وباتوا يعتمدون على أقاربهم في مذاكرة المناهج الدراسية، لكنّ المواد العلمية الخاصة بالثانوية تظل العائق الأكبر”. يشير إلى أنّه اعتزم هذا العام “الالتحاق بإحدى المدارس الخاصة لاستكمال الثانوية العامة، لكنّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها والدي منذ بدء الحرب أعاقتني”. يشير إلى أنّ المدارس الخاصة لا تعاني من أيّ مشكلة من هذا النوع، ويطالب وزارة التربية والتعليم بحلول سريعة وجذرية لمشكلة رواتب المعلمين كي يتفرغوا لتلاميذهم.
من جهته، يقول التلميذ محمد عزيز إنّ “العام الدراسي الجديد في صنعاء لن يختلف عن العام الدراسي الماضي الذي شهد تراجعاً كبيراً، بسبب تغيب المعلمين الذين لم يحصلوا على رواتبهم منذ نحو ثلاثة أعوام”. يضيف لـ”العربي الجديد”: “أمضينا معظم العام الدراسي الماضي ندرس في اليوم الواحد حصتين أو ثلاثاً في الأكثر، وأحياناً لا ندرس أيّ شيء على الإطلاق لغياب المعلمين، لذلك كانت إدارة المدرسة ترسلنا إلى المنازل غالباً بعد نحو ساعتين من الحضور، ما أدى إلى تدني مستوى التحصيل العلمي لدى جميع التلاميذ”. يؤكد عزيز أنّ “تلاميذ كثيرين في الوقت الحالي يعتمدون الغش بشكل رئيس من أجل تجاوز الامتحانات النهائية، لأنّهم لم ينهوا المناهج الدراسية، كما أنّ إدارات المدارس تسهل عملية الغش تعاطفاً معهم، وإلّا ستكون نسبة الرسوب مرتفعة جداً”.
مع استمرار تدهور العملية التعليمية في المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة للحوثيين، قرر كثير من أولياء الأمور إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة، على الرغم من ارتفاع رسومها الدراسية، في حين قرر آخرون تسجيل أبنائهم في المدراس الحكومية بنظام “المنازل”، ليقضوا العام الدراسي في منازلهم ويحضروا لأداء الامتحانات النهائية فقط، بعدما تأكد لهم عدم جدوى ذهاب أبنائهم إلى المدارس نظراً لغياب المعلمين. وفي هذا الإطار، يقول محمد الريمي، وهو من سكان صنعاء، إنّ استمرار تدهور العملية التعليمية في المدراس الحكومية بصنعاء منذ بدء الحرب في البلاد قبل أربع سنوات، وهو الناتج عن تغيب المعلمين، دفعه هذا العام إلى تسجيل ابنه في إحدى المدارس الخاصة، على الرغم من رسومها المرتفعة. يضيف لـ”العربي الجديد”: “التعليم في المدارس الحكومية حالياً عبارة عن وهم، الغرض منه الإيحاء للعالم بأنّ الدراسة متواصلة على الرغم من استمرار الحرب. فما يروَّج له مختلف تماماً عن الحقيقة، إذ يذهب التلاميذ إلى المدارس يومياً ويعودون إلى منازلهم من دون أن يستفيدوا بشيء”. يشير إلى أنّ “التلاميذ الذين يذهبون إلى المدارس الحكومية أكثر عرضة للانحراف بسبب الفراغ خلال أوقات الدراسة”. ويدعو الريمي الجهات المعنية في الدولة إلى المسارعة بحلّ جميع المشكلات المتعلقة بالتعليم، لتفادي انهيار العملية التعليمية في البلاد وضياع جيل من اليمنيين.
أما حسين محمد، فقد قرر عدم إلزام أبنائه بالذهاب إلى المدرسة إلا متى قضت الحاجة. يقول محمد لـ”العربي الجديد”، إنّه لجأ إلى هذه الخطوة بعد تيقنه من عدم جدوى ذهابهم في ظل استمرار غياب المعلمين، ويضيف: “سأشتري جميع المقررات المدرسية لأولادي من السوق السوداء، وأساعدهم على المذاكرة بين الحين والآخر، بدلاً من خسارة مصاريف يومية عند ذهابهم إلى المدرسة، وفي النهاية تكون الحصيلة صفرية مثل الأعوام الماضية”. يصف محمد عدم تجاوب وزارة التربية والتعليم في صنعاء مع مطالب المعلمين بصرف رواتبهم بـ”الجريمة الكبرى” متسائلاً: “لماذا ترفض الحكومة صرف رواتب المعلمين، مع أنّها تستطيع ذلك، على غرار وزارات أخرى مثل الاتصالات والنفط؟”.
إلى ذلك، يقول المعلم منصور حميد إنّ “وزارة التربية والتعليم في صنعاء هددت باتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد المعلمين الذين يعتزمون التغيب في العام الدراسي الجديد”. يضيف لـ”العربي الجديد”: “جميع المعلمين يعانون من أوضاع اقتصادية سيئة للغاية، ولا يستطيعون دفع أجرة المواصلات للذهاب إلى المدارس، جراء انقطاع رواتبهم منذ نحو ثلاث سنوات، لذلك فإنّ كثيرين منهم مجبرون على الغياب عن المدارس والبحث عن أعمال أخرى لتلبية أبسط متطلبات الحياة لأسرهم”. يشير إلى أنّ المعلمين “سئموا من الوعود المتكررة التي تطلقها وزارة التربية بين الفينة والأخرى لحلّ مشاكلهم، لذلك فإنّ تغيبهم يأتي في هذا السياق، ولا يمكن أن يتركوا أطفالهم للجوع والأمراض”.
في السياق، يؤكد مصدر في وزارة التربية والتعليم بصنعاء لـ”العربي الجديد”، أنّ الوزارة جعلت رسوم التسجيل ألف ريال يمني (ثلاثة دولارات أميركية) عن كلّ تلميذ، مع عدم إعفاء أيّ واحد مهما كانت ظروفه. يضيف المصدر أنّ الوزارة سمحت لأغلب المدارس بالحصول على مبالغ مالية شهرية من كلّ تلميذ لتوفير مصروفات المدارس وتقديم مبالغ للمدرسين كحلّ مؤقت إلى حين تسليم رواتبهم.
وكانت وزارة التربية والتعليم في صنعاء قد أعلنت أنّ الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي 2019 – 2020 يبدأ في يوم 14 سبتمبر/ أيلول الجاري وينتهي في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2019، في حين يبدأ الفصل الدراسي الثاني في 18 يناير/ كانون الثاني 2020 وينتهي في 22 إبريل/ نيسان من العام نفسه.