قبل ذلك وأثناءه وبعده لم يقدم الخطاب الإماراتي السياسي والإعلامي إلا جملة واحدة هي (مكافحة الإرهاب والإخوان المسلمين) !!
تحدثت مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن بشكل واضح عن اعتداء إماراتي سافر على القوات المسلحة اليمنية، وتهديد للسيادة والوحدة للوطنية.
رئيس الجمهورية ومستشارو رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية والداخلية وأعضاء مجلس النواب والشورى ومندوب اليمن الدائم في مجلس الأمن كلهم تحدثوا بلغة واحدة عن اعتداء إماراتي على الشرعية اليمنية من خلال غارات جوية مفاجئة على قوات الحكومة الشرعية في عدن وأبين ومن خلال تمويل مجاميع انفصالية تحت مسمى (المجلس الانتقالي) .
قبل ذلك وأثناءه وبعده لم يقدم الخطاب الإماراتي السياسي والإعلامي إلا جملة واحدة هي (مكافحة الإرهاب والإخوان المسلمين) !!
الأطروحة الإماراتية لا تستطيع أن تصمد أمام حقيقة واحدة تشير إلى أن أكثر من 90% من منسوبي مؤسسات الشرعية اليمنية (الرئاسة ومجلس الوزراء والنواب والشورى والسفراء ووكلاء الوزارات… ) ليسوا من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح ، بل إن معظمهم من الخصوم السياسيين المعروفين للإصلاح.!!
هذا إذا سلمنا جدلاً بالفرضية الإماراتية التي تصر على أن الإخوان في اليمن هم التجمع اليمني للإصلاح ، رغم أن الأخير قد نفى ذلك في بيان رسمي.
للأسف الشديد لا يمكن تصنيف الخطاب الإماراتي الأخير تجاه الشرعية اليمنية إلا في خانة الدعاية التي تعتمد الكذب و تزوير الحقائق والتكرار والضخ المستمر لأطروحة واحدة في اتجاه واحد دون إسنادها بأي حجج منطقية أوبراهين عملية .
مكونات الدولة اليمنية الشرعية تشمل كل ألوان الطيف السياسي الرئيسية في البلد، بمواصفات ومقاييس يمنية ، ولم يكن من أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل إنتاج فصائل جهوية ومناطقية فاشية تحل محل الأحزاب السياسية المصرح لها رسميا من مؤسسات الدولة الشرعية.
يبدو أن نظام دولة الإمارات يهدف إلى إعادة هندسة مؤسسات الدولة الشرعية اليمنية بمقاييسه الخاصة، وإذا كان قد اعتمد الأساليب غير المباشرة في السابق من خلال تمويل وتسليح أدوات محلية يمنية تدين له بالولاء المطلق، فإنه مؤخرا اعتمد استخدام القوة المسلحة بشكل مباشر، فهل يضمن له ذلك تحقيق الهدف ؟!!
بل هل من مصلحة الإمارات أن تبنى سياساتها الخارجية من منطلقات أيديولوجية تذكّر بخطاب وأساليب أنظمة الحكم اليسارية والقومية المتطرفة في حقبة الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي؟!
وهم العداء الإيدولوجي المحرك لسياسية دولة الإمارات في اليمن أنتج مفارقة عجيبة، خلاصتها أن التحالف العربي يسعى لدعم الشرعية اليمنية في الشمال وطردها من الجنوب.!
ما حدث يمكن أن يفسر للمنصفين والعقلاء في دولة الإمارات لماذا كانت ردة الفعل الشعبية اليمنية قوية ضد السياسية الإماراتية في اليمن.
إذا كانت دولة الإمارات تمتلك مراكز بحوث محترمة ومؤسسات لاستطلاع الرأي العام عليها فقط أن تقدم لحكومة الشيخ محمد بن زايد إحصائية بسيطة عن الأصوات اليمنية الساخطة على السياسة الإماراتية في اليمن، من مسؤولين حكوميين يمنيين ونشطاء سياسيين وإعلاميين وحقوقيين وكتّاب وفنانين وباحثين وأكاديميين وطلبة ومشاهير السوشيال ميديا ، وكم نسبة المنتمين للتجمع اليمني للإصلاح من كل هذه الأصوات؟!
وسواء اختارت حكومة الإمارات التعامل مع الملف اليمني بعقلية (الدولة) أو (الشركة التجارية) فإنها في كلتا الحالتين بحاجة ماسة إلى تكوين صورة ذهنية جيدة لدى الجمهور والنخبة اليمنية على المدى المتوسط والبعيد .
الإمارات بحاجة إلى مراجعة سياستها إزاء اليمن، واعتماد لغة المصالح المشتركة، والاعتراف بالخطأ بعيدا عن وهم العداء الإيديولوجي الذي لا ينطبق أصلا على العلاقة بين الحكومة الشرعية اليمنية والحكومة الإماراتية، وهنا يمكن للإمارات الاستفادة من السياسة السعودية التي تبني سياساتها في اليمن على أسس واقعية متينة.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.