ما أرادته الإمارات هو خوض معركتها في اليمن بأوراقها التي تريد، تطيح بمن تريد وتحيي من تريد، تطيح بالسلطة الشرعية، وتحيي مليشيا وتشكيلات مسلحة تعمل على الضد من مشروع الدولة.
عملت دولة الإمارات منذ اليوم الأول لتدخلها ضمن التحالف على تقسيم اليمن، والشواهد على ذلك كثيرة، وهي تحاول مرارا الظهور بمظهر القوة الناعمة.
تفعل الإمارات كل ما من شأنه تقسيم اليمن وكانت محاولات تدمير الشرعية في المناطق المحررة أولى هذه الطرق مرورا بتشكيل المليشيات المسلحة لانفصال الجنوب وإنهاك الشمال بحروب وصراعات طويلة.
ما أرادته الإمارات هو خوض معركتها في اليمن بأوراقها التي تريد، تطيح بمن تريد وتحيي من تريد، تطيح بالسلطة الشرعية، وتحيي مليشيا وتشكيلات مسلحة تعمل على الضد من مشروع الدولة.
واحدة تلو الأخرى سقطت هذه الأوراق التي راهنت عليها أبو ظبي لكسب المعركة في اليمن، وهذه السياسة قد تكشفت مسبقا بأنها لا تهدف لتحرير اليمن بل لاحتلاله وتفكيكه، فلقد كان بإمكان التحالف أن يحسم المعركة الدائرة مع مليشيا الحوثي منذ وقت مبكر، لكن حساباته الضيقة والتي لأبو ظبي دور كبير في بلورتها عملت على لف الحبل حول عنقه، وكل يوم يحيق المكر السيء بأهله ويقترب فيه الخليج من وقوع الأخطار التي كان بإمكانه تلافيها قبل ذلك.
ما كان متاحا بالأمس للتحالف لم يعد متاحا اليوم أو غدا، وها هي الحرائق التي أوقدتها الإمارات والسعودية تحاصرهما، الإمارات تحاول تجنب الخطر الإيراني عبر التقارب مع طهران دون المملكة، فيما تصارع السعودية للتصدي للطائرات الحوثية المسيرة، وتحييد قدراتها العسكرية والدفاع عن الحدود الجنوبية لدولتها.
من قبل راهنت الإمارات على أوراق كثيرة، راهنت على صالح وحاولت إقناع السعودية بذلك، لكن أولى المعارك التي تمت بين مليشيا الحوثي وحليفها صالح في أواخر عام 2017 حسمت الأمر في الشمال لصالح الحوثيين، وسقط صالح مكشوفا ومضرجا بدمائه، وبسقوطه سقطت معه أهم الأوراق الإمارتية في الشمال، وانهزم جوكر اللعبة في أول يومين من انطلاق المواجهات.
كان الرهان الثاني للإمارات هو حزب المؤتمر، أو بالأخص لملمة جناح الصقور في الحزب وجعله شريكا رئيسيا لإجهاض مشاريع الشرعية في الشمال ومقابلا موضوعيا لتشكيل المجلس الانتقالي في الجنوب وتشكيل قوات طارق في الساحل الغربي.
عقدت الإمارات لقاءات كثيرة وحاولت التسويق لأحمد نجل صالح، وتهيئته لمهام جديدة كان قد عجز عنها والده، لكن هذا الجدار كان أقصر بكثير من أحلامهم.
أحمد لم يكن رجلا قويا لتعول عليه الإمارات، والقميص الذي هُيئ له أكبر من مقاسه، فهو ليس كأبيه الذي واجه بجُبن كتيبة الحوثيين التي قامت بإعدامه واختار أضيق الأبواب، أبواب الخونة واللصوص، ليغادر منها الحياة بعد حروب طويلة.
ويمكن تلخيص كل جهود الإمارات في اليمن منذ تدخلها في التحالف ببناء كيانات عسكرية وسياسية تعمل لاستهلاك سلطة الرئيس هادي وإبقائه ضعيفا، ليتسنى لها تقسيم اليمن ثم بعد ذلك يمكن الإطاحة بهادي بعد أن سيكون قد خسر كل المساندات الشعبية.
طارق صالح وهو المدعوم إماراتيا ظهر بالأمس من الساحل الغربي ليؤكد أن حروبه ليست ضمن إطار الشرعية أو الدولة، بل هي موجهة ضد الحوثي، مستمدا هذه المشروعية من أموال الإمارات والسلاح الموجود في مخازن المعسكرات التابعة له.
لكن هذه الرهانات الإماراتية لم تصمد.. في الجنوب تتلقى قوات الحزام الأمني التابع للإمارات هزائم كبيرة في شبوة، واستطاعت القوات الحكومية السيطرة على أغلب المناطق هناك.. هذه الانتصارات الأولية قد تكون مقدمة لاستعادة الحكومة الشرعية سيطرتها على عدن وأبين، واستعادة قرارها المختطف من دول التحالف أو هكذا نأمل.
أهمية هذه الانتصارات ليست في جانبها العسكري فقط، بل في كونها تأتي ضمن مراجعة حكومية لموقفها من التدخل الإماراتي في اليمن، وسيل الاتهامات التي تؤكدها الحكومة يوميا بدعم الإمارات لمليشيات الانتقالي، وبإجهاض عمل السلطة المحلية وسعي الإمارات لاحتلال اليمن والسيطرة على الموانئ ومنابع الثروات.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.