النزعات السلبية هي أدوات تفخيخ المجتمع بالصراعات تستدعي العنف كضرورة للحسم، هي المعرقل لفكرة الدولة للمواطنة للحريات والعدالة.
تعدد زوايا النظر للقضية الجنوبية يفسح المجال امام تقييم شامل واعم وأكثر دقة وواقعية لجوهر القضية والحل.
هذا التعدد لا يحتاج للعنف، بل يحتاج لأفكار ورؤى، والحاضن الحقيقي للأفكار هو الاصطفاف الحزبي عندما يصطف الناس بمختلف أعراقهم وطوائفهم ومناطقهم في مكونات سياسية، تجمعهم على أساس أفكارهم وتطلعاتهم السياسية والثقافية، فتذوب النزعات الطائفية والمناطقية والقبلية، إذا غابت تلك الأحزاب غابت الأفكار، وتصدر المشهد النزعات السلبية.
والنزعات السلبية هي أدوات تفخيخ المجتمع بالصراعات تستدعي العنف كضرورة للحسم، هي المعرقل لفكرة الدولة للمواطنة للحريات والعدالة.
النزعات السلبية هي فخ للصراع الاثني بين فئات المجتمع وطوائفه، وتظل تلك النزعات تراكم حجم المأساة والآلام والأوجاع، وتمنع دون الاستقرار والولوج نحو مستقبل آمن ومطمئن لوطن يستوعب الجميع بكل أفكارهم وتطلعاتهم.
لا مشكلة لدينا لمن يريد أن يكون ممثلا للناس، المشكلة تكمن في سياسات وثقافات وعقلية التعامل مع القضايا، ومفهم ما يريده الناس اليوم.
الناس التي أرهقتها الصراعات والنزعات السلبية والمشكلات، وتريد حلا ناجعا يخرجها من هذا الوحل الأسى، ويخفف من حجم تراكماتها.
الحل لا يحتاج لعقلية الماضي التي تبحث في قماماته ما يجدد صراعاته، وتنفخ في أحقاده وثأراته، لا والله أن هذا التوجه هو المصيبة والمشكلة التي تلد مزيدا من المشكلات وتزيد من حجم التراكمات.
اليوم، نحتاج لرؤية وفكر جديد يتجاوز الماضي ويتصالح مع الحاضر وينظر للمستقبل، نحتاج لسياسات ومنظومة عمل مطهره من عفن ذلك الماضي بعقلية التصالح والتسامح الحقيقي القادرة على المبادرة الايجابية في استعادة اللحمة ولم الشمل وراب الصدع وردم الهوة، وتقبل الأفكار والرؤى وتقبل الآخر كما هو، نحتاج لعقلية تبادر في بناء جسور الثقة وحسن النوايا، وتفتح صفحة جديد مع الشركاء لتستوعبهم , وتطمئنهم، وتفتح لهم مجال واسع للشراكة في وطنهم.
بالبحث العلمي والتقييم المنطقي لمسيرة مائة عام من التجارب، يتضح لنا أن المزايدة بالقضايا الوطنية هي المشكلة التي تخذل الناس في كل المراحل تستثمر تناقضاتهم وتنفخ فيها نفساً نتناً وتعلن عن حلول انية مفخخ بتلك التناقضات تنفجر بعد كم عام، وهكذا يستمر مسلسل المزايدة ونخذل باستمرار.
لا نحتاج اليوم لشيطان صنعه لنا المغرضين والطامعين، لنحشد ضده ونتسلح من أجله، وفجأة نقتل بعض وندمر وطننا، ونعلن أننا قضينا على أوكار ذلك الشيطان، هكذا كان علي عبدالله صالح شيطن الاشتراكي ثم شيطن الاصلاح ثم تشيطن، انتقلنا من صراع لصراع الشياطين، واليوم نكرر السيناريو، نفخخ المجتمع بالشيطنة، ولن نجد أي استقرار ولا مستقبل واعد.
هل ممكن أن نحترم عقول الناس وتطلعاتهم، ونبتعد عن تلك المهازل، لنكن قادرين على أن نبني وطناً مستقراً وآمناً باستيعاب كل الناس حتى المختلفين عنا لننهي القطيعة لنقترب من بعض اكثر كشركاء بالأرض والمصير.
العنف يبرر للعنف المضاد، والتسلط والهيمنة هي مصدر كل بلاوي العصر هي مصدر الارهاب والتعصب، وتبرير اجتثاث الآخر وفتاوى التكفير والتجريم والقتل والتعزير، هي مصدر الكراهية والعنصرية المدمرة للمجتمع والأوطان هي من تقتل تطلعاتنا في وطن جامع ومستقبل منشود.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.