كتابات خاصة

أضاحي في العلالي

بلال الطيب

وجود الأضحية في كُل بَيت – وخاصة في الريف – ضرورة ما بعدها ولا قبلها ضرورة، وإن كانت حسب الشرع «سُنةٌ مؤكدة»، فهي حسب العُرف «فَرضُ عين» لا يَقبلُ التأجيل، على اعتبار أنَّ كل شيء في المُجتمع الريفي يَتم عـ «المكشوف»، وليس للبيوت أسرار من هذا النوع تحديداً.

لا يَزَال فُقراء المُسلمين بَعيدين كُل البُعد عن تَياسير دينهم الحنيف، خَاصة في التعاطي مع لحوم الأضاحي، بتجاهل مُلفت لـ «الكبشين الأقرنين الأملحين» اللذان سبق وأن ضحى بِهما الرسول الأعظم – صلوات الله وسلامه عليه – عن مُعوزي أمته.

وجود الأضحية في كُل بَيت – وخاصة في الريف – ضرورة ما بعدها ولا قبلها ضرورة، وإن كانت حسب الشرع «سُنةٌ مؤكدة»، فهي حسب العُرف «فَرضُ عين» لا يَقبلُ التأجيل، على اعتبار أنَّ كل شيء في المُجتمع الريفي يَتم عـ «المكشوف»، وليس للبيوت أسرار من هذا النوع تحديداً.
الأضحية همٌ مُتوارث، والمواطنون الريفيون مُحافظين على الطرق التقليدية المُكتسبة في التعاطي معها منذ مئات السنين، لم تُغير الحرب العبثية الدائرة، ولا الأوضاع الاقتصادية المُنهكة نظرتهم لها، وقد يستغني الواحد منهم عن أي شيء – من الضروريات أو الكماليات – إلا «اللحمة»، وإلا كيف بـ «تكون صورته أمام الناس؟!».
والأسوأ من ذلك، أنَّ الأضحية أضحت عند هؤلاء «عادة» أكثر منها «عبادة»، ولا يلتزم بِمقدارها الشرعي إلا القليل، فـ «الثور الكبير» مثلاً يتم تقسيمه على أكثر من عشرين شخصاً بدلاً من سبعة، ولا يتم الالتفات للأضاحي الأخرى المُجزية شرعاً – «الكباش، والأغنام» – إلا في حالات نادرة.
الإنسان الريفي أكثر حرصاً على شراء ما هو سمين وممتلئ من باب التفاخر والتباهي، والشيء الوحيد الذي تغير أنَّ ذاك المواطن كان مُنتجاً، فأصبح مُستهلكاً، بمفارقة صادمة تُفصح عنها الإحصاءات المَاثلة، وزيارة واحدة إلى أسواق المواشي كفيلة بكشف المستور، ومعظم ما هو معروض في تلك الأسواق بضاعة خارجية بامتياز، ومن بلاد القرن الإفريقي تحديداً، وهي الصورة الأكثر قتامة في زمنٍ كثر فيه الحديث عن الأمن الغذائي.
على النقيض مما سبق، لا يلتزم غالبية سكان المُدن اليمنية بالأضحية، فللبيوت هناك أسرار، وكل واحد مُنشغل بهمه عن هموم الآخرين، فيما يلتزم المقتدرون منهم بـ «الأضحية السفري» المُكونة من «الكباش، والأغنام»، والتي لا تتعدى البيت أو الأسرة الواحدة، ومع ذلك تبقى مُشكلة ذباحتها همٌ يؤرق الجميع.
لا يقوم غالبية سكان المُدن بذباحة أضاحيهم، وسعيد الحظ من يُوفق بحجز اسمه في سجل «الجزارين» المُزدحم، حيث يعمد الأخيرون – بفعل ذلك التهافت – على استغلال ضحاياهم، يرفعون الأسعار، ويبتعدون نتيجة السرعة عن الذباحة الشرعية السليمة، والمُلفت في الأمر أن أطفالهم يتخذون من زحمة العيد فرصة لتعلم المهنة، و«هااات يا ذِباااح!!».
تواصل أسعار الأضاحي من عام لآخر ارتفاعها الجنوني، لتصل هذا العام إلى الذروة، حيث وصل أسعار «الأثوار الكبيرة» إلى المليون والنصف، وبعضها إلى المليونين، و«الأثوار المُتوسطة» إلى المليون، ونفس الارتفاع طال الأضاحي الأخرى، والمُلفت في الأمر أنَّ الإقبال عليها في ازدياد؛ ويبقى ذلك أم الأسباب، وشيء طبيعي أن يرتفع سعر السلع التي يزداد عليها الطلب، بالإضافة إلى أسباب أخرى يطول شرحها.
عودة إلى ذي بدء، نحن مُطالبون قبل أي شيء أن نستحضر في كل لحظة قوله تعالى: «لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا»، وأن نلتزم بتعاليم ديننا الحنيف، دين اليُسر والمَحبة والتكافل، ونبينا الكريم «ص» – رسول الإنسانية – سنَّ الأضحية على كل مُقتدر، وجعل التصدق بثلثها للفقراء شرطاً مُلزماً لاكتمال الأجر والمثوبة، ولكي تعم الفائدة، فهل من مُلتزم؟!.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى