تركنا هم الامة وانشغلنا بهم الجماعة، تركنا مشاريعنا الكبرى واتجهنا صوب مشاريعنا الخاصة، مشاريع مزقتنا اربا، وشتت أوصالنا لكنتونات طائفية جهوية مذهبية مناطقية، تركنا القيم والمبادئ واتجهنا صوب الجغرافيا، تمكنَ منا الأعداء بزرع بذور الفتن والشقاق والشيطنة، بهدف التخلي عن تطلعاتنا لمجرد أنها تهدد كيانهم العفن.
تركنا هم الامة وانشغلنا بهم الجماعة، تركنا مشاريعنا الكبرى واتجهنا صوب مشاريعنا الخاصة، مشاريع مزقتنا اربا، وشتت أوصالنا لكنتونات طائفية جهوية مذهبية مناطقية، تركنا القيم والمبادئ واتجهنا صوب الجغرافيا، تمكنَ منا الأعداء بزرع بذور الفتن والشقاق والشيطنة، بهدف التخلي عن تطلعاتنا لمجرد أنها تهدد كيانهم العفن.
لم نثرْ كأمة عبثا، بل تطلعا في تغيير حقيقي لواقع بائس، ينقلنا لواقع منشود وحال أفضل، لنتخلص من منظومة الجهل والتخلف والمرض المسيطرة على واقعنا وجعلت من البلد مرتعاً لطفيليات الفساد والاستبداد، ثرنا بحثا عن الكرامة والمواطنة والحرية والعدالة.
أين نحن اليوم مما ثرنا من أجله، أين نحن من تغيير حقيقي للواقع، والماضي جاثما على أفكارنا واختياراتنا ومواقفنا، وها هو يعيد انتاج ماضينا بصورة أكثر سوءاً وبؤساً.
نعم، نحن في معركة حقيقية مع الماضي الذي يصر على أن نبقى مأسورين لقواه البائسة، معركة في أن نكون أو لا نكون؛ أن نكون رقماً صعباً وامة محترمة، حرة وأبية لا تقبل بغير المواطنة والكرامة والحرية للامة جمعاء.
فلن نكن شيئا إذا فقدنا تطلعاتنا في التغيير، فقدنا روح المبادرة والصمود في وجه التحديات، مبادرة تخرجنا من كهف الظلمة والجهل والمرض، أو نبقى على حالنا مجرد دمى في مسرح يعيد انتاج تلك المشاهد البائسة بتراجيديا نحن فيها أجساد محنطة تحاكي مآسينا وآلامنا وقهرنا وأوجاعنا دون أن نعالجها. دمى تحركها أيادٍ آثمة تخدم أجندات كسر ارادتنا الثورية وحقنا في الحرية والعدالة والتغيير، دمى بأجساد منهكة وعقول مسحورة وأفكار مغلوطة وعصبية عميا ننجر بسهولة لمصيدة الارتهان والتبعية لحلفاء الانظمة الفاسدة التي تطلعنا لتغييرها.
أمامنا اليوم أسئلة كبرى ومحورية تحتاج للإجابة عليها صحوة ووعي ومصداقية. أين تطلعاتنا الثورية وأحلامنا الوردية، وشعارتنا القوية في الساحات التي هزت أركان الأنظمة البائدة؟ أين ذلك الوعي الناهض بالأمة لمصاف العصر والنهضة؟ أسئلة اجاباتها الصادمة تكشف لنا، لماذا عدنا للخلف؟ وعادت مشاريع بادت منذ زمن؟ وعاد بنا الزمان لطوائف وأعراق نتصارع على الجغرافيا كقطيع نحتاج لراعٍ وعصا يقودنا بفكر أصولي وعصبية مقيته. لماذا عاد الحنين للماضي والعبودية، وعاد العنف وسيلة للحسم، عنف جرد عدالة القضية، وشرع للانتهاكات والسجون السرية، شرع للقتل بدم بارد والسحل بعرف الجهل والتخلف، ونعرف حجم الخذلان و التوهان!
أين دولة النظام والقانون، الدولة العصرية في زمن التكنلوجيا والحقوق والحريات، أين القضاء والعلم والمعرفة، أين ذهبت عقولنا لنترك لدمائنا تسفك على أرصفة الشوارع، وتنتهك كرامتنا بالسجون السرية، ويحكمنا جهلة ومتخلفون يفدون أرواحنا البريئة بذبح الأثوار. دم الانسان يفدى بدم حيوان!! أين العقول ذهبت حتى يقودنا العنف والبطش والطغيان، ويسرقوننا اللصوص نهارا جهارا، يبسطون على الأراضي والمتنفسات والحق العام والخاص يعكرون صفو الحياة، ويفرزون قذارتهم فينا، ونحن نشجب وندين، كيف نقبل للكراهية والعنصرية أن تتوغل، والأحقاد تتمكن منا، والصمت يخيم على واقعنا المزري؟
نحتاج لمواقف أكثر شرفاً من شجب وادانة، فالداء استفحل، والدواء بقدر الداء.
مواقف تحفظ حق الامة، تطلعاتها في المستقبل الآمن والمستقر؛ مستقبل متحضر فيه المواطنة والحرية والعدالة ثوابت لا رجعة فيها ووطن يستوعب كل الأفكار والتوجهات، وطن متعدد ومتنوع قابل للنهضة والتطور.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.