يصادر الحوثيون جوازات السفر الصادرة من الحكومة الشرعية لكن يمكن استعادتها بمقابل مالي يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
في سابقة خطيرة، لم يسبق حدوثها، فرضت جماعة الحوثي المسلحة عقوبات جماعية على المواطنين في مناطق سيطرتها، تقضي بمصادرة جوازات سفرهم الصادرة من المحافظات التي تديرها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ونقل مراسل “يمن مونيتور” في صنعاء، قيام النقاط الأمنية التابعة لجماعة الحوثي بإيقاف وسحب جوازات السفر الصادرة من محافظة مارب (شرق) وتعز (وسط) وعدن (جنوب)، في الفترة الأخيرة واحتجازها، ومن ثمّ تسليمها إلى الجهاز الأمني الخاص بالجماعة.
ولفت مراسلنا إلى “أن هذا الإجراء جاء كرد من قبل الجماعة على قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي بعدم التعامل مع الجوازات الصادرة عن صنعاء (تخضع للحوثيين منذ 2014)، وعدم وجود البديل لليمنيين الموجودين داخل نطاق سيطرتها أو مَن هم في الخارج أو من يرغبون في السفر.
وحصل “يمن مونيتور” على نسخه من القرار الصادر من قبل جماعة الحوثي والذي تم تعميمه على جميع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين بمصادرة تلك الجوازات.
تشديد
وقال حلمي محمد لـ”يمن مونيتور”: لن يتمكن أي فرد مهما كانت مهمته وطبيعة عمله مغادرة مناطق سيطرة المليشيات الحوثية إلى خارج اليمن إلا عبر التهريب لجواز السفر إلى مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا قبل مغادرة المسافر مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وفي حال تمكن من السفر خارج اليمن بالجواز المعترف به وأراد العودة لمنطقته يصادر جوازه من قبل الجماعة وقد يتعرض للأذى والاعتقال ودفع غرامة مالية”.
وحسب تعميم وزارة الداخلية الواقعة تحت سيطرة الجماعة فإنه “يمنع دخول أي جوازات سفر صادرة من مناطق الشرعية سواء كانت مع أفراد أو عن طريق وكالات سفر، ومصادرة جوازات السفر المعترف بها خارج اليمن وتسليمها لجهاز الحوثيين الأمني”.
وترفض الدول الاعتراف بجواز السفر الصادر من صنعاء التي تحكمها جماعة الحوثي المسلحة، ما يجعل اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة (حيث الأكثرية) في سجن كبير. حسب ما أفاد به مواطنون
وقال مسؤول حوثي في نقطة على مدخل صنعاء، “إن الآلاف يعودون بجوازات ليست من مناطق سيطرة الجماعة ولأسباب أمنية يمكن سحبها ومصادرتها”.
وفضل المسؤول الذي تحدث إلى “يمن مونيتور” عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام.
مبالغ لاستعادة الجوازات
لكن “محمد الماخذي”، أحد العاملين في شركات النقل واستخراج الجوازات أكد لـ”يمن مونيتور” إن عشرات الجوازات تم حجزها وإيقافها في نقاط الأمنية التابعة لجماعة الحوثي والتي تمكنا من استخراجها من مناطق الشرعية”.
وأضاف: اشترطت النقاط الأمنية الحوثية دفع مبلغ مالي مقداره 50 ألف ريال على كل جواز لإعادته لنا، وبدورنا بلغنا المسافرين والمواطنين بهذا الطلب، وبالفعل دفعوا المبلغ واستخرجوا جوازاتهم بعد أن كانوا قد دفعوا 130 ألف ريال يمني قيمة دفتر الجواز”.
وتضاعفت المعاناة بعد صدور قرار عن وزير الداخلية في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أحمد الميسري، في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، يقضي بعدم التعامل مع الجوازات الصادرة في صنعاء والمناطق غير الخاضعة للحكومة اليمنية، ليعقب ذلك إعلان مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية في كانون الثاني/ يناير نفاد الكروت لديها في جميع الفروع والسفارات في الخارج، وصولاً إلى إعلان جماعة الحوثي بطلان احتجاز ومنع أي يمني يحمل جوازاً صادراً من الحكومة اليمنية من مغادرة أراضيها.
وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت موافقتها على مناقصة طباعة مليون دفتر جواز شهر يونيو/ حزيران الماضي، وسبقها الإعلان عن وصول 300 ألف جواز سفر إلا أنها لم تكن كافية. وأعلنت جوازات مدينة مأرب أنها ستبدأ طباعة جوازات السفر للمعاملات من فبراير/شباط الماضي، لكن الوضع في مدينة تعز مختلف فقد تم تعليق لافتة كبيرة تعلن وقف المعاملات حتى وصول “دفاتر الجوازات”.
ويقول سليم الضبيبي، مواطن حصل على جواز سفر من سماسرة في صنعاء لـ”يمن مونيتور”: حصلت على الجواز بعد دفعي مبلغ 100 ألف ريال يمني قبل شهرين، والحمد لله وصلني والآن استعد للسفر والعمل خارج البلاد بعد انقطعت الأرزاق هنا – في مناطق سيطرة الجماعة-. وتصل قيمة الدولار إلى 580 ريالاً في صنعاء.
وأضاف، “رغم دفعي لهذا المبلغ إلا أن الجواز تأخر بسبب الازدحام وانعدام الدفاتر الخاصة بالجوازات حسب ما أفادوا لي من قطعوا لي الجواز – سماسرة السوق السوداء-“.
من جانبه قال حمود الصلاحي، طالب يريد السفر للدراسة في الخارج لـ”يمن مونيتور”: “لم أتمكن من الحصول على جواز سفر بعد إخباري بأن جوازي الصادر من صنعاء يعد مرفوضاً وغير مقبول كونه تم إصداره من مناطق سيطرة الحوثيين ما اضطرني إلى البحث والسؤال لأجد عرضاً من أحد سماسرة السوق السوداء يخبرني بأنه يستطيع قطع جواز سفر لي من عدن بمبلغ 250 ألف ريال، وهو مبلغ كبير وفوق طاقتي”.
وأشار إلى أن “منحته الدراسة قد ينتهي وقتها إن لم يتمكن من السفر إلى تركيا للالتحاق بجامعة هناك”، واستطرد قائلاً: “أصبحنا في سجن كبير، ومستقبلنا يضيع منا في ظل صراعات نحن ضحايا فيها”.
وتوقفت مصلحة الهجرة عن منح وثائق السفر لليمنيين، نتيجة نفاد دفاتر الجوازات إلا أن سماسرة المعاملات يتمكنون من قطع الجوازات بأسعار كبيرة وعالية.
وقال حمود الصليحي “إن والدته بحاجة إلى علاج في الهند وأن المرسلات مع المستشفى في الهند انتهت وبقي السفر”.
وأضاف أن حصوله على جواز هو ووالدته فشلت في فبراير/شباط وتمكن من الحصول على جوازات سفر عبر سماسرة في عدن بقيمة (400$ للجواز الواحد).
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين يوسف الحاضري، قال في تصريح سابق لـ”يمن مونيتور”: إن ما يقارب 200 ألف مواطن يمني بحاجة للسفر خارج البلاد، لكنهم اليوم محاصرون بسبب إغلاق مطار صنعاء وتوقف إصدار الجوازات.
وبدأت أزمة انقطاع جوازات السفر بعد قرار حظر التعامل مع الجوازات الصادرة من صنعاء والعمل بالجوازات الجديدة الصادرة من مناطق الشرعية في عدن ومأرب وتعز التي أغلقت أبوابها أمام الموطنين الذين يشكون من ويلات الحروب.
وتعاني اليمن من حرب بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/ أيلول2014م وتدخل تحالف عربي تقوده السعودية منذ مارس/ أذار دعماً للحكومة الشرعية.