مشكلتهم لا يستوعبون الدروس ولا يتعلمون من الأحداث، لم يصلوا بعد لمستوى من الوعي بمقدرتهم التنازل، بل غبائهم وجهلهم المتصلب دفعهم لقلب الطاولة نحن في أزمة حرب تتصاعد لأزمة ضمير، وتتوالد ليل نهار. أزمات تمتد على رقعة الجسد الوطني شماله وجنوبه؛ حرب المستفيد منها من خطط لها وتحالف لإشعالها، نكاية بخصومه، عجز أن يواجه الواقع، ويعترف بمسيرته المسيئة، في حوار وطني عالج تلك المسيرة وأوجد حلولا ناجعة تنقلهم من مصاف الهيمنة والتسلط لمصاف الشراكة والمساوة في الحقوق والواجبات، كرماء لا أذلاء، مواطنين لا متسلطين.
مشكلتهم لا يستوعبون الدروس ولا يتعلمون من الأحداث، لم يصلوا بعد لمستوى من الوعي بمقدرتهم التنازل، بل غبائهم وجهلهم المتصلب دفعهم لقلب الطاولة على رؤوس الجميع، فانقلب السحر على الساحر وسقط راسهم الذي علمهم السحر والرقص على جثث وأشلاء ضحاياهم، وتبرير تلك الجرائم والانتهاكات، وبقى الذنب يبحث عن راس خبيثة تعيد له روحه التسلطية، تعيد تلك الرعاع لتقتات على السلطة مهما تهيئ لنا انهم منقسمون يجمعهم الهدف والمصلحة والسلطة حتى وإن باعوا أنفسهم للشيطان وسلموا وطناً للطامعين.
المضحك والمبكي قهر وحسرة، أن بقايا ذلك النظام العفن الذي سلم الجمهورية للإمامة طوعية، تذرف اليوم دموع التماسيح على الجمهورية وتمارس الدعارة السياسية في المنابر الاعلامية، وتستثمر تركتها المثقلة بالمشكلات والفساد والفقر والاضطهاد، وتعزف على نغمة ما خلفته من تناقضات وقهر وظلم وتعسف وشروخ اجتماعية ووطنية؛ بل تغذي الانقسام والتشرذم وتعيد الكرة في تدعيم بذور كراهية الآخر الذي قرر أن يكون مع تغيير واقعها الآسي تشيطن قوى الثورة الشعبية التي تلبي تطلعات الناس في دولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة بديمقراطية حقيقية تنتج تبادل سلمي للسلطة لا شيخ فيها ولا زعيم محصن من المحاسبة والنظام والقانون.
اليوم البلد تعصف به الأزمات، وصار ضحية التدخلات الخارجية التي حالت دون مساعدته لاستعادة شرعيته التي بدورها سترسخ مخرجات الحوار الوطني؛ تدخلات اتضح جليا هدفها هو انقاذ ذلك النظام الذي رفضه الناس، وبعمد تشل قدرة هذه الشرعية في إدارة القطاعات الحيوية وانشاء مكونات تنازعها السلطة والايرادات وادارة المناطق المحررة، لإضعافها باتهامها بتهم تتماهى مع ما يقوله ذلك النظام البائد في خطابة واعلامه البائس؛ مؤامرة معالمها واضحة، وهي ضرب روح الثورة والتغيير وأي شريان لها ينبض، واستعادة سلطة نظام الوكالة والارتهان للخارج.
حربٌ تدار بكونترول، يتم تسعيرها وقت الحاجة، وتجميد جبهات حينما تتطلب المصلحة؛ضحاياها البسطاء والصادقون، والمنتفعين منها المنافقون. حرب ترسم واقعاً يخدم مصالح كبرى تطغى على مصالح الناس والوطن، ليبقى يمناً مسلوباً فاقد السيادة والارادة، أدواتها أصحاب المصالح من النظام السابق، وضعفاء النفوس من الدخلاء على الثورة الشعبية، هم المتباكون اليوم على انسحاب الامارات الطامعة والمرتبطة بعلاقات مشبوهة مع النظام السابق، المستوعبة للأموال المنهوبة، وقيادات مطلوبة للعدالة الثورية، هذا البكاء هو ذلك البكاء للمنافقين على الجمهورية بعد أن سلموها طوعية للإمامة.
مهما كانت المؤامرة، فإن لليمن رجال صادقون ما عاهدوا الله والثورة وعلى طريق الحرية والتغيير مصممون مهما كانت حجم المؤامرة، وسينتصر الحق ويزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.