الأدب اليمني: في غياب الدرس الأكاديمي وأسئلته
في الجامعة، تحظى نصوص محمد محمود الزبيري وعبد الله البردوني وعبد العزيز المقالح بالاهتمام، بل يكاد الأمر يقتصر عليهم. يمن مونيتور/العربي الجديد
لعلّ من أبرز ما يُمكن ملاحظته حول تدريس الأدب في الجامعات اليمنية، هو التركيز على الشعر على حساب الفنون الأدبية الأخرى، إضافةً إلى كون الاهتمام بالشعر ينحصر في عدد محدود من الأسماء، فيما يُستبعد بقية الكُتّاب في الغالب، وهو أمرٌ له انعكاساته على حيوية المشهد الأدبي في اليمن، وأبعد من ذلك يوحي هذا الاختزال بفقر الأدب اليمني، حيث يَحسب من ينظر في ما يُنتَج من دراسات أكاديمية أنَّ الحياة الأدبية شبه متوقّفة منذ عقود.
في الجامعة، تحظى نصوص محمد محمود الزبيري وعبد الله البردوني وعبد العزيز المقالح بالاهتمام، بل يكاد الأمر يقتصر عليهم، حتى أنَّ “الدارس اليمني الشاب لأدب بلاده يعتقد أن الأدب هو الشعر، وأنَّ الشعراء الذين يعاصرهم هم شعراء هامش لا شعراء متن، وهذا خطأ بحق الأدب والكتّاب والدارسين معاً”، حسب قول قائد غيلان، أستاذ الأدب اليمني في جامعة صنعاء.
يضيف غيلان، في حديثه إلى “العربي الجديد”: “عندما نقول أمام الدارس إن فلاناً أديبٌ، ينصرف ذهنه مباشرة إلى أنه شاعر، لأنه يكاد يجهل أنَّ القاص أديب والروائي أديب أيضاً، وكلُّ ذلك بفعل المناهج الدراسية منذ الابتدائية وحتى الجامعة”.
هناك ظاهرة أخرى يلحظها الباحث عبد العزيز الزراعي؛ حيث يشير إلى عزوف الباحثين اليمنيّين عن الاهتمام بأدب بلادهم وظواهره الفنية والاجتماعية. يقول، في حديثه إلى “العربي الجديد”: “غياب مشروع وطني ثقافي عن الجامعات فاقم تلك المسألة، ودفع بعجلة البحث العلمي بعيداً عن المدوّنة اليمنية”، مضيفاً: “لعلَّ ذلك ما جعل مكتبات الجامعات اليمنية تزخر بمختلف الدراسات الأدبية، عدا ما يخصّ تاريخ أدب اليمن، والأدب الشعبي على وجه الخصوص، في حين أنَّ الأخير يُمثّل مادةً خصبة للتحليل الثقافي والاجتماعي”.
ومن الأسباب الأخرى التي يذكرها الزراعي وأدّت إلى افتقار الجامعات اليمنية للدراسات المتعمّقة في تاريخ أدب اليمن “انسياق الباحثين في اللسانيات والأدب إلى أوهام مواكبة النظريات الغربية الجديدة التي تقوم على قاعدة بنيوية شكلانية ولا تهتم بالمضمون في الغالب”.
هنا، يعتبر الباحث اليمني أنَّ “الإغراق في الجزئيات وسيطرة المناهج البنيوية والأسلوبية ذات النزعات الشكلية والفردية أقصت الدراسات الكلّية التي تغطي مراحل زمنية أو ظواهر فنّية ذات علاقة بالمجتمع وتاريخ أدبه”، مضيفاً: “حين يتطرّق باحث لدراسة تاريخ مرحلة زمنية معيّنة، يسم النقّاد والمشرفون دراستَه بالتقليدية، ومنهجَه بالقديم وغير الشائع، متجاهلين أنَّ الجدّة في المادة ومضمونها وليس في المنهج”.
إضافة إلى كل ذلك، يلجأ الكثير من الباحثين اليمنيّين إلى الاشتغال على مدوّنات الأدب العربي لأسباب تسويقية تمكّنهم من نشر أطروحاتهم على مدى واسع، في ظل ندرة دور النشر اليمنية، واتساع الفجوة بين الجامعات والناشرين وقلّة اهتمام وزارتَي الثقافة والتعليم العالي بمخرجات جامعاتها.