كتابات خاصة

الوحدة كموقف لا منفعة

أحمد ناصر حميدان

علينا أن نلعن من قال نعم للتعديلات الدستورية في زمن عفاش، ليجعل من دستور الوحدة والديمقراطية دستورا سلطويا يخدم الزعيم ويؤسس لدولته الخاصة.

لا أمريكا ولا اسرائيل، لا خاميني ولا بن زايد، هم المسؤولون عن وضعنا الراهن، نظرية المؤامرة لها شروطها، ولن تكتمل المؤامرة دون أذناب من أحقرنا شأنا لتنفيذ مخططها.

كل ثوراتنا الشعبية تبدأ بالوعي حيث يسطع الأمل والتطلع، وتنتهي بالمؤامرة عندما يبدأ اللعن والاتهام والتكفير والتجريم.
ثرنا ضد الامامة والسلاطين والاقطاع، لنرسخ نظاما جمهوريا عادلا ومواطنة وحرية ومساواة، ودخلنا في دهاليز اللعن لبعضنا البعض والاتهام والتكفير، انحرفنا في أهداف المعركة الحقيقية لتصفية بعضنا لبعض، للاستئثار بالسلطة الثروة، حتى لعنّا اليوم الذي تفجرت فيه الثورة، وعاد البعض يحن لحكم أجداده وأسياده، يحن للتمايز والتحقير والاستبداد والتسلط على رقاب الآخرين.
توحدنا والوحدة قوة وشموخ وعزة، هذه العبارات اليوم يلعن من يرددها، لن الوحدة في فكر وثقافة المقهورين ملعونة، هم أنفسهم من باعوها بأرخص الأثمان، باعوها للمستبد والطاغي ليتزعمها لخدمة أطماعه، إنهم المنافقون.
المنافقون الذين خبرناهم جيدا في مرحلة نضال عصيب للدفاع عن الوحدة، ليست وحدة المنافقين، بل وحدتنا التشاركية المقرونة بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية التي قدم الشرفاء دماءهم الزكية فداء لها، وقدم الجنوب والشمال خيرت رجاله الأوفياء، هل تستحق هذه الدماء أن نلعن فيها الوحدة كقيمة وطنية وانسانية؟!
إذا كان علينا أن نلعن، فنلعن المنافقين، ومن صفاتهم المنفعة، حيث مصالحهم، ومصالحهم في كنف السلطان ونثر المال وبيع الضمائر، كم فينا من قهر لمواقفهم المخزية، ولا يزالون يتفننون في نفاقهم، وتأخذهم رياح المنفعة كأذناب لمن يحكم ويتحكم.
علينا أن نلعن من قال نعم للتعديلات الدستورية في زمن عفاش، ليجعل من دستور الوحدة والديمقراطية دستورا سلطويا يخدم الزعيم ويؤسس لدولته الخاصة.
وعلينا أن نلعن من قهر رفيقي الدكتور عبدالرحمن السقاف، المثقف العضوي والأكاديمي والوطني البارز عندما ترشح لانتخابات مجلس النواب في المنصورة، فقدم الحزب الحاكم مرشحا مقابلا يحتقر فيه الثقافة والعلم، مرشح أعلن بكل بجاحة انه اشترى الدائرة بماله الخاص، وقد ترشح سابقا وفشل، هذا متوقع من حزب المصالح والبيع والشراء للقضايا الوطنية. المهم في الأمر أن هناك منافقين من العيار الثقيل، زملائنا من مثقفين وأكاديميين ورفاق الحزب والنضال، كانوا مجرد اذناب ليضعوا أصواتهم للتخلف والجهل، باعوا انفسهم للشيطان، وقهرونا وقهروا الدكتور السقاف، بعضهم مال للمنطقة والقبيلة التي ينتمي لها، والبعض الآخر ذنب للحزب الحاكم ولا يستطيع أن يكون أكثر من ذلك، وكلٌ وضع نفسه في المستوى الذي يستحقه، وانتصر الدكتور السقاف أخلاقياً في تزوير الانتخابات.
تصور أن من هؤلاء ما لم يكن معظمهم اليوم يلعنون الوحدة ويلعنون الجمهورية، بل تنكروا للهوية والتاريخ، من أجل منفعة، وشباب مغرر به يصدقهم، وهو لا يعلم كم قهرا فينا من مثل هؤلاء هم أحقر ما عرفناهم في تاريخ نضالنا، مع التحية للرفيق الدكتور عبدالرحمن السقاف الشامخ في مواقفه رغم الانكسارات والخذلان، وتحية لكل رفاقنا الصامدين على مبادئهم ومواقفهم الوطنية لا تهزها رياح المصالح والمنافع، ولن يصح إلا الصحيح.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى