“في مرايا القهوة”: بورتريهات رموز الأدب اليمني
صدام الزيدي
حين تحضر القهوة في لوحة فنية، تكون اللونية واحدة لكن الإبداع مختلف ومدهش وأكثر بساطةً ونقاءً بدأ شغف الفنانة التشكيلية اليمنية ألطاف حمدي بفن الرسم منذ سن مبكرة، حين استهواها اللعب والرسم بالأقلام الملونة وبالطين لصنع أشكال ومجسمات، ثم بعدها بدأت تنجز مجسمات بالجص في مرحلة الإعدادي والثانوي، لكن ذلك كله كان مجرد هواية وكانت أعمالها أقرب إلى الأشغال اليدوية.
في وقت لاحق التحقت حمدي بالجامعة، لتختار قسم التربية الفنية، وهو اختيار ينبني على ميول لدى أنامل عشقت الألوان وخربشت كثيراً هنا وهناك. ففي جامعة ذمار تتلمذت ألطاف حمدي على يد الأكاديمي والفنان التشكيلي العراقي شوكت الألوسي، فبدأت تنتج أعمالاً فنية تشكيلية بناء على أساس أكاديمي يعزز ذلك شغفاً وتعطشاً كبيرين لعوالم اللون.
“في مرايا القهوة”
حين تحضر القهوة في لوحة فنية، تكون اللونية واحدة لكن الإبداع مختلف ومدهش وأكثر بساطةً ونقاءً، فقد أقامت مؤسسة “بيسمنت” الثقافية في صنعاء مؤخراً، معرضاً فنياً تحت عنوان “في مرايا القهوة” عرضت فيه الفنانة التشكيلية ألطاف حمدي تجربتها في الرسم بالقهوة من خلال 17 لوحة/ بورتريه لمشاهير في الأدب والفكر اليمني المعاصر، في مقدمتهم الشاعر الكبير الراحل عبد الله البردّوني والشاعر والناقد عبد العزيز المقالح.
عن تجربة الرسم بالقهوة، تقول ألطاف حمدي لـ”ضفة ثالثة”: “تجربة الرسم بالقهوة هي هواية قديمة، فقد كنت أرسم بالخامات الطبيعية قبل الرسم بالألوان والأقلام، حيث كان الرسم بالقهوة
“عرضت الفنانة التشكيلية ألطاف حمدي في المعرض تجربتها في الرسم بالقهوة من خلال 17 لوحة/ بورتريه لمشاهير في الأدب والفكر اليمني المعاصر، في مقدمتهم الشاعر الراحل عبدالله البردّوني، والشاعر والناقد عبدالعزيز المقالح”
أو بالماء على الأوراق العادية يتداعى بشكل حر وعفوي.. لكن بعد حضوري عدداً من ورش العمل الخاصة بالرسم بالقهوة مع فنانين وفنانات، استفدت وتعلمت من تجارب أصدقائي الفنانين والفنانات، ثم فكرت بتقنية خاصة لتنفيذ لوحات تشكيلية بأسلوب وتقنية توظف لون القهوة كعنصر أساس في اللوحة. فكل لوحة هي بورتريه لواحد من رواد ورموز الأدب والفكر اليمني ولمشاهير في الفن.. من بين أهم اللوحات بورتريهات لكل من الشاعر الكبير الراحل عبدالله البردّوني والشاعر والناقد عبد العزيز المقالح والشاعر والثائر الراحل (أحد رموز ثورة 26 سبتمبر 1962) محمد محمود الزبيري والروائي الراحل محمد عبدالولي والفنان أيوب طارش عبسي. وتكفي كل لوحة لأن يتحاور معها الجمهور بطريقته”.
تقنية الرسم المائي
تستخدم ألطاف حمدي خامات بسيطة من البيئة اليمنية لإنجاز لوحات ورسومات بالقهوة: لوحة قماش يتم طلاؤها بمادة النورة والجص مع ألوان الأكريليك الأبيض وباستخدام القهوة في الرسم والتلوين، معتمدةً تقنية الرسم المائي.
إلى ذلك، ترى ألطاف حمدي أن: “هناك مشكلة تتمثل في عدم وجود ثقافة تشكيلية صحيحة وغياب واضح لمبادرات التعريف بالفن التشكيلي في اليمن”، مؤكدةً على ضرورة “أن يكون للفنان التشكيلي نفسه دور في توعية المجتمع بهذا الفن لكن الأصل أيضاً أن تهتم الجهات الحكومية ووزارة الثقافة بالتعريف بهذا النوع من الفن لتتكامل جهود الترويج للفن التشكيلي بإقامة فعاليات مكثفة عبر ندوات ومحاضرات ومعارض وبرامج اعلامية إلخ….”.
وتتذكر ألطاف: “كانت لي مداخلات ومحاضرات عن الثقافة التشكيلية في اليمن وخارج اليمن وشاركت أيضا في ندوة عن الثقافة التشكيلية وقراءة اللوحة في مكتبة البردّوني العامة بمدينة ذمار في اليمن، ووجدت أن فعاليات كهذه تسهم في خلق علاقة ودية أكثر بين الفن والجمهور”.
التفكير عبر الفن
أما عن هموم المشتغلين في الفن التشكيلي في اليمن لا سيما في ظروف الحرب الدائرة حالياً “ترى ألطاف حمدي أن: “هناك مشكلة تتمثل في عدم وجود ثقافة تشكيلية صحيحة وغياب واضح لمبادرات التعريف بالفن التشكيلي في اليمن””
هناك، والتي تدخل عامها الخامس، وانعكاسات ذلك على مشهدية الثقافة والفن، فهي كثيرة بحسب ألطاف حمدي: “هموم الفن التشكيلي اليمني كثيرة وهي جزء من هموم المبدع في هذا البلد الذي يحفل بإبداعات كثيرة في جميع المجالات. فالفن التشكيلي يبدو مهمشاً ومنسياً وينظر إليه على أنه شيء من الترف أو يتم توظيفه في فعاليات وأحداث خارجة عن رسالته الإبداعية وهذا ابتزاز للفن الهادف والجميل”.
وعن فكرة إقامة معرض “في مرايا القهوة” احتفاءً بأدباء ومفكرين يمنيين (رموز بصرية تشكيلية) تقول ألطاف: “جاءت الفكرة تأكيداً على الأصالة اليمنية وحضارتها وإرثها الفكري، وللتعريف برموز مهمة في مضمار الأدب والفكر اليمنيين، ويعتبر هذا المعرض طريقة للتفكير الثقافي عبر الفن”.
(ضفة ثالثة)