اللغة العالية
إجلال البيل
“لا بدّ لنا من العلم، ولا بدَّ للعلم من أن يأتينا على ظهر اللغة العربية”.
“لا بدّ لنا من العلم، ولا بدَّ للعلم من أن يأتينا على ظهر اللغة العربية”.
هذه الجملة الطويلة التي يستهّل بها الكاتب والإعلامي الفلسطيني عارف حجاوي برنامجه الرمضاني “اللغة العالية”، يعلي من قيمة شيئين عظيمين هما العلم واللغة، ويشد على أن يأتينا العلم بلغتنا العربية.
اللغة العالية، هو كتاب معجمي بالأصل يتناول الكلمات بسهولة ويسر، ويعود إلى أصلها بطريقة سلسلة وثقافة عالية، لا يقتصر الكلمة على اشتقاقها ومصدرها فقط، بل يطعمها بالقصص الظريفة، وهذا ما يجعل الكتاب مختلفا عن غيره من المعاجم المعروفة.
قيل إن هذا الكتاب مخصص بشكل أساسي للإعلاميين لأنه يعمل على سنِّ ألسنتهم باللغة العالية الفصيحة والسلسة ودون مغالاة أو تقعّر، كذلك بالمصطلحات الإعلامية والسياسية ومفاهيمها، ولكنني أراه وكثيرون، موجهًا للجميع، فاللغة العربية الصحيحة يجب أن تكون محل اهتمام الجميع وليس فقط لفئة معينة.
لماذا سمّى الكتاب باللغة العالية؟ يقول حجاوي إن العالية هي اسم لمكانين في الجزيرة العربية، فعالية نجد تشرف على الحجاز، وعالية الحجاز تشرف على نجد، وفي هاتين العاليتين المتجاورتين ولدت الفصاحة العربية. ولكن لفظ العالية عند ابن سيدة وابن دريد يعني «الأفصح».
في زمن الرداءة والإعلام، نجد الكثير من الأخطاء الإملائية واللغوية التي لا يكلف نفسه الإعلامي عناء البحث والمعرفة، فنجده لا يفرّق بين همزة الوصل والقطع، ومن هنا تأتي واحدة من أخطاء كثيرة في زمن الرداءة والضعف والأخطاء المكرّرة، إذْ يقف الإعلامي أمام شاشة الكاميرا لا يفرّق بين كلمة تنطق حروفها بالكسرة أو الضمة.
يقسّم حجاوي برنامجه اليومي إلى عدة فقرات “من أين جاءت” و” كلام عن الإعلام” و”أغلاط أهل الطرب”، و”نقول ويقولون”، و”كلمة وأختها” يشرح الكلمات ويفصّلها بحسٍ فكاهي وطريقة ماتعة بدقائق تريدها ألا تنتهي.
جمعينا يُخطئ، وتكاد الأخطاء لا تنتهي مهما حرصنا على تجنبها، إلا أن اللبيب والنبيه يتعلًم في كل مرة يقع بالخطأ. شاهدتٔ موخرًا الكثير من الصفحات التصحيحية للغة والإملاء في مواقع التواصل الاجتماعي كي لا نجد عذرًا للجهل وقلة المعرفة بأمور بديهية.
برنامج” اللغة العالية” ليس فقط برنامجًا رمضانيا شيقا يشاهد ويُنسى، وليس كتابًا يحط على الرفّ بعد قراءة واحدة، بل محطة يجب أن يقف عليها العربي والإعلامي بشكل خاص لوقت طويل ويكررها مِرارا حتى يحفظها عن ظهر قلب، حينها سيشعر بها ومن ثم يمتلئ بلغة جميلة وذات حس عالٍ، في ذلك الوقت ستخرج الكلمات صحيحة ينطقها القارئ والإعلامي بسلاسة و دون خطأ.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي