لم تكن صلاته اضطراراً لأن الله أمره بذلك، وليس لأن شيئا لم يتحقق له يريد من الله تحقيقه، لكنه يصلي حبا لله وامتثالاً
لا يحتاج إلى أن يسمع مؤذن الحارة حتى يقيم صلاته، فله صلاة إضافية لا وقت معلوماً له
تراه في فترات النهار يصلي كثيراً كأنه مودع الدنيا بيومه ذاك، وفي الليل ينير سطح منزلنا بركوعه وسجوده الطويل.
لم تكن صلاته اضطراراً لأن الله أمره بذلك، وليس لأن شيئا لم يتحقق له يريد من الله تحقيقه، لكنه يصلي حبا لله وامتثالاً لأمره.
هو رجل الأحداث لا يعجزه شيء ولا تثبطه داهية تنزل عليه، يتعامل مع الأمور بسلاسة وهدوء حتى يشعرك أن لا شيء يستحق القلق والتضجر.
إذا نظرت إلى عينيه الصغيرتين وهو يحدق بهما في الأشياء من حوله تدرك حقاً معنى الصبر والتحمل.. تدرك حقيقة الحلم فهو رجل حليم إلى أبعد حد متوقع.
لكثرة صلاته أصبح الحديث عنه في الحارة كلها؛ بل يضرب به المثل لمن يطيل في صلاته، ومنهم من يتحدث عن كثرة ركوعه وسجوده بنوع الدعابة أو قل بنوع من السخرية حتى أصبح يرد على من يسأله عن عدد الركعات التي صلاها بعدد أقل مما صلى، أو يتجاهل السؤال ويقوم مباشرة بتغيير مجرى الحديث مع ابتسامة تذيب قلوب الناظرين.
إنه سيد المواقف كلها؛ ما دخل يوما في حل لمشكلة ما إلا وخرج منها رابحاً وقد أصلح ذات البين، وأعاد ما لم يكن يتوقع أحد عودته.. تراه إذا تحدث أفاد بحديثه، أو يلبس الابتسامة معطفاً للصمت، ويظل هادئا كأن الله خلقه للصمت والصلاة والصبر العظيم.
هذا الرجل العظيم لم يستمر ببيتنا كثيراً حتى نستطيع أن نتعلم منه صفات أمرنا الرب ورسوله بها، غادرنا على أمل أن يعود، لكنه اختفى.. اختفى طويلا وتركنا نلوك الحسرات ونعض الأنامل ندما عليه وعلى غيابه الفجائي الذي أقلق الصغار قبل الكبار.
لم يكن ليختفي طوال هذه المدة الطويلة برضى منه لكن إخفاءه عنا كان قسريا، لهذا لم نسمع منه نبرةَ صوتٍ أو تحيةً من بعيد.
جاء رمضان اليوم، ترى هل سيتركون له المجال كي يصلي كثيرا كما كان يفعل في كل رمضان مرً في حياته؟!، هل سيترك له المجال أن يلقي خاطرة قصيرة كما كان يفعل؟! وهل سيعود إلينا بخير وعافية؟
الله وحده من أسأله أن يكون له خير ناصر ومعين.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.