ما الذي حدث في الضالع لقوات الحرس الرئاسي من تحريض واعتداء؟ وكأنهم كيان غريب، في منطقة غريبة، بعقلية غريبة، هي العقلية ذاتها القابعة بروح الهزيمة، والتي تسكنها لوثة الماضي التي ما تزال ترهب الحاضر.
ما الذي حدث في الضالع لقوات الحرس الرئاسي من تحريض واعتداء؟ وكأنهم كيان غريب، في منطقة غريبة، بعقلية غريبة، هي العقلية ذاتها القابعة بروح الهزيمة، والتي تسكنها لوثة الماضي التي ما تزال ترهب الحاضر.
العقلية التي شحنت كثيراً وحقنت أكثر بالكراهية والحقد ضد كل ما هو مختلف عنها، لتشكل خطراً على الحاضر والمستقبل، هي تستخدم اليوم من قبل الطامعين بوطن كمعول تخريب وتفكيك للنسيج الاجتماعي في البلد، ليسهل ابتلاعه.
جماعات تعمم كل صغيرة وكبيرة، ومحشوة بصورة ذهنية تكره وتحقد على كل شيء مختلف عنها، إنها الفتن التي صارت تجري في دماء هؤلاء القوم غير الأسوياء، بالشحن والفتاوى الكيدية والتزلف، صنع منهم متعصبين للمنطقة والطائفة والأيدلوجيا وفي عقولهم غشاوة، يقادون للعنف ضد الآخر.
في كل مرة، يبرهن هؤلاء أنهم لن يكونوا رجال دولة، بل مجموعة من العصابات وقطاع الطرق، يقطعون سبيل الدولة ورجالها والمواطن المسكين، لا عهود لهم ولا التزامات لا توافق يثنيهم ولا نظام وقانون يكبح جماح طيشهم، نفوسهم قد تعفنت بالكراهية والأحقاد، حتى صاروا جماعات خارجة عن الإجماع والنظام والقانون، مليشيات بما تحمله الكلمة من معنى ترفض الدولة وتعطل مؤسساتها لتمارس العهر السياسي للقائد الفذ.
الحرس الرئاسي هم أبناؤنا، أبناء عدن المدينة، طلاب جامعيين ومهنيين، متعلمين عزموا الذود عن الوطن والضالع الأبية، ذهبوا لقتال الانقلابين بعتادهم وعدتهم، لحماية الأرض والعرض، لا علاقة لهم بالأحزاب السياسية والمناكفات القذرة، والتعميم المعشش في الأذهان الملوثة بعفن الماضي، ما أصابهم هو ما يصيب الوطن منذ الاستقلال إلى اليوم من هذه العقلية الملوثة، لا تمتثل لسلطة الدولة ولا النظام والقانون، تعيش وهم العنف والبندقية على أكتافها لتحكم الآخرين باصطفاف مناطقي قذر، في زمن قد شب فيه الناس عن الطوق، ومن الصعب أن تخيفهم بندقية على كتف معتوه بالعنف والمناطقية.
الحرس الرئاسي هو رمزية الدولة، يمتثلون لسلطة دولة ونظامها وقانونها، وقيادة حكيمة ومتزنة، تتجنب الخوض في معارك عبثية، تنسحب لصالح وطن وانسان، ليس ضعفاً بل تجنباً للفتن ما ظهر منها وما بطن، وهناك فرق بينها وبين مليشيا الدفع المسبق وامتثالها لأجندات تعيق ترسيخ مؤسسات الدولة والنظام والقانون.
الذهنية الملوثة خير ما يبدع في صناعة التعصب والتشرذم، وهدر طاقات الامة ونسف مقدراتها، فيها مرض مزمن مستفحل تظهر أعراضه على شكل دمامل تفرز قذارات في جسد مجتمعنا، دمامل تفرز قذارتها المناطقية والطائفية والايدلوجية، وتعميم ذلك على كل مختلف ويختلف عنها ومعها. إنها عقلية يرفضها منطق وعقل الانسان السوي والواعي، وتدفع بالأرض والانسان ليقاتلها، وبالتالي ستحاصر في محتواها العرقي، هذا هو اختيارها وتدفع بالأمور لذلك، لأن العنف لم يعد مجدٍ في اخضاع الناس لواقع لا يقبلونه، والشواهد كثيرة.
العصبية المناطقية تعمل بشكل ذكي مدروس الخُطى للتسيد والهيمنة على الأرض والانسان، وبالتالي ستواجه مقاومة، لا تختلف عن مقاومة المستعمر، وهي تستعمر الانسان وتقتل فيه روح الحياة والتعايش والتسامح والحب، وهناك أخيار متشبثين بالحياة والحب والتسامح والتعايش، فلابد أن يستجيب لهم القدر.
الحرية ذوق ووعي ومبدأ، والديمقراطية خيار، ولوثة الماضي بروائحها النتنة تزكم أنوف الأحرار والشرفاء وتعكر صفو حياتهم، لكن لن تثنيهم عن قيمهم ومبادئهم ومسار نضالهم والمستقبل الذي ينشدونه.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.