كانت تلك السنوات من أصعب سنوات العمل بالنسبة لي، حيث تعايشت مع الخوف والقلق المستمر والكوابيس المزعجة.. وتعرضت حياتي للخطر في وضع غير آمن؛ لقد كنت أعيش حالة من الاحباط نتيجة لما كنت أقوم برصده يومياً من حالات اعتداء وانتهاك لحرية الصحافة وحرية التعبير.
والعالم يحتفل بيوم الصحافة العالمي، عادت بي الذاكرة للوراء، وتحديداً للأعوام من 2009 وحتى 2012 عندما كنت مسؤولة عن وحدة الحقوق والحريات في منظمة صحفيات بلا قيود وكان من مهامي اصدار البيانات التنديدية لما يطال الصحفيين وحرية التعبير والبيانات التضامنية معهم، ورصد وتوثيق الانتهاكات التي تطال حرية الرأي والتعبير في اليمن وتنظيم الاعتصامات بهذا الشأن.
لقد كانت تلك السنوات من أصعب سنوات العمل بالنسبة لي، حيث تعايشت مع الخوف والقلق المستمر والكوابيس المزعجة.. وتعرضت حياتي للخطر في وضع غير آمن؛ لقد كنت أعيش حالة من الاحباط نتيجة لما كنت أقوم برصده يومياً من حالات اعتداء وانتهاك لحرية الصحافة وحرية التعبير.
كانت تلك الأربعة الأعوام من أسوأ الاعوام في حياة الصحفيين اليمنيين والاعلام بشكل عام حينها، بالرغم من وجود مساحة لا بأس فيها للعمل في هذا المجال، ووجود الكثير من الصحف ووسائل الاعلام المختلفة بما فيها المواقع الالكترونية.
خلال تلك الاعوام، تم رصد عدد كبير من الانتهاكات التي طالت الصحفيين والصحف والمواقع الالكترونية.. وتنوعت الحالات بين الاعتداء الجسدي والتهديد والتحريض والتشهير والخطف والاعتقال والسجن والمحاكمة ومصادرة الصحف ومنع الطباعة والحرق واغلاق مقرات والحجب والقرصنة والاختراق للمواقع الالكترونية ومنع التصوير واستخدام سياسة الترغيب والترهيب والابتزاز.
كانت أسوأ الاعوام تلك على حرية الصحافة عام 2011، حيث تزايدات حالات الانتهاكات مع اندلاع الثورة الشبابية السلمية فكانت أكثر وحشية ودموية، إذ كان الصحفي في قلب الحدث.. فقتل منهم من قتل، كما حصل للصحفي جمال الشرعبي والمصور حسن الوظاف حينها..
وحتى بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني في العام 2012، رصدت حالات انتهاك طالت صحفيين من النظام السابق وصحفيين تابعين لثورة الشباب.
و تنوعت حالات الانتهاكات والجهات التي قامت بها؛ وبالرغم من تزايد الانتهاكات التي طالت حرية الرأي والتعبير خلال تلك الأعوام وتضييق الخناق أمام الكلمة وتكمييم الأفواه إلا أن الكلمة كانت تتجاوز كل شيء.. فتعددت وسائل التعبير وايصال الكلمة للعالم، وكان التحدي هو سلاح كل صحفي يملك الحقيقة فلم يخيفهم أي تهديد واستمرو وعبروا عن مواقفهم ووصلت كلمتهم كما ينبغي وكان القلم هو الأبرز والكلمة هي الأقوى.
كانت الآمال والطموحات تحدونا لأن نشهد عهدا جديدا تصان فيه الحقوق وتحترم حرية الرأي والتعبير كحق انساني أصيل، وأن يكن عالم الصحافة الهادف عالم كبير لا يقف أمامه أي عراقيل ولا سياسة تتحكم بأطره، وأن تكن طرق الحصول على المعلومة سلسلة وحرية الصحافة سقفها السماء.
اليوم وفي ظل هذه الحرب القذرة التي كانت في أصلها حرب ضد عالم الصحافة حرب طالت حرية التعبير وخرصت الألسنة ومنعت الكلمة من الانتشار.. حرب تنوعت فيه أساليب الانتهاكات لتكن الأكثر بشاعة.
ولا يمكن القول إلا انها أسوأ مراحل الصحافة على الاطلاق، وأن الصحافة وقعت بين مطرقة وسندان أطراف الصراع في اليمن.. لقد تم دفنها بآيادي اعدائها. لقد اُريد لليمنيين أن يفقدوا الكلمة والقلم والمعلومة الصادقة، وأن تتحول العقول إلى تبعية تفقد التفكير، وتسير نحو العنف
أخيراً.. إن ثقافة الحوار والتعايش السلمي والسلام والقبول بالآخر وحب الوطن مرهون بحرية الاعلام وبحرية العمل الصحفي الهادف وبتداول المعلومة، وعلى الساسة اليمنيين أن يفقهوا هذا ويعودوا لطاولة الحوار للخروج من هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.