كتابات خاصة

جولة جديدة من الصراع

أمجد خشافة

تتأثر اليمن طرديا بما يحدث إقليميا ما دام وهي قد خرجت من يد الفاعلين المحليين وصارت في متناول كبار الدول ضمن ملفات متعددة. تتأثر اليمن طرديا بما يحدث إقليميا ما دام وهي قد خرجت من يد الفاعلين المحليين وصارت في متناول كبار الدول ضمن ملفات متعددة.
فحَدَث مثل التدخل الروسي في سوريا 30 سبتمبر الماضي، جعلنا نقول أين تقف اليمن من هذا التحول الذي سبق وأن سمعنا أن هناك مقايضة شائعة تقول ” أتركوا لنا سوريا وسنترك لكم اليمن”.
هذه المقايضة ربما تطرح بقوة في ملفات روسيا وأمريكا دوليا، والسعودية وإيران اقليميا، وإن لم تظهر بشكل علني لكن مؤشرات عملية تؤكد هذا التوجه الذي جعلنا أشبه بـ”سوق لنخاسة”.
قبل التدخل الروسي أو “الاحتلال” في سوريا، عاد السفير الروسي لدى صنعاء إلى اليمن في 22 سبتمبر الماضي بشكل فاجأ الجميع، وقعد أمام “محمد الحوثي”، رئيس ما يسمى “اللجنة الثورية” ليظهر هذا اللقاء رسائل رمزية أكثر مماهي دبلوماسية، إذ أن بحث أي مفاوضات من طرف روسيا مع الحوثيين لها لجنة مشكلة وهي متواجدة في مسقط.
روسيا بعد أن تركت الدفاع عن الحوثيين في مجلس الأمن، وسكتت عن تقديم أي اعتراض لقرار مجلس الأمن 2216 جاءت مرة أخرى لليمن من أجل أن تعطي لنفسها أكثر شرعية في سوريا، كإحدى وسائل الضغط، وهو ما عبر عنه أحد القيادات الحوثية الاعلامية تعليقاً على وصول السفير الروسي لصنعاء بقوله: “إن إيران استغلت القضية اليمنية حتى تمكنت من مقايضة أمريكا بالملف النووي، والآن جاء دور روسيا لتقايض أمريكا بمشروعها في المنطقة ومن بينها اليمن…”.
وفعلاً بعد مرور 8 أيام من عودة السفير شنت روسيا ضربات داخل سوريا وقالت: إن التدخل جاء بموافقة من الرئيس بشار الأسد.
إذن، هل هذا التحول سينعكس سلباً على قوات التحالف في اليمن، وإيجابا على الحوثيين وصالح؟
يحاول الحوثيون و”صالح” استغلال هذا الانصياع الدولي للتوجه الورسي تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة الاسلامية، وتقديم أنفسهم كحليف فاعل في حرب (التكفيريين، والدواعش) في اليمن، وخطابهم الإعلامي والسياسي مشحون بهذه العبارات الفضفاضة.
وعلى غرار ذلك، تحركت “اللجنة الثورية” للحوثيين إلى طهران والتقت الثلاثاء الماضي بدبلوماسيين إيرانيين بالإضافة الى مواصلة الزيارات إلى الصين وروسيا والجزائر وكوبا.. الخ، حسب ما صدر من إعلامهم. 
هذه التحركات تحاول استغلال التوجه العالمي خلف روسيا لحرب تنظم الدولة، واستغلال ضبابية الموقع الأمريكي من تمردهم في اليمن، وتلكؤ مجلس الأمن في تفعيل قراراته، من أجل استعادة أنفاسهم بعد الحصار المفروض من قبل قوات التحالف.
الجولة الجديدة من الصراع بعد التغيرات في الموقف الدولي تجاه سوريا، بقدر ما يصب في صالح إيران وحزب لله وبشار الاسد حلفاء الحوثيين، بقدر ما سيكون الحوثيون في الحلقة الأضعف تجاه ضربات التحالف في اليمن، إذ أن أي تسوية مع بشار الأسد ستغض إيران الطرف عن اليمن، وإبراز خطاب “الحلول السياسية” بديلا عن الصراخ والعويل الذي سبق وأن أطلقتها إيران تجاه اليمن طيلة الفترات السابقة. 
ليس عَرَضاً أن يلتقي، مؤخرا، الملك سلمان وولي العهد ووزير الدفاع، جميعهم، بالرئيس هادي، بل جاء تأكيداً لاستمرار وقوف السعودية مع اليمن حكومة وشعباً، أي استمرار الضربات ضد قوات صالح والحوثي رغم التغيرات الدولية لصالح ايران وروسيا.
تطورات الأحداث ميدانيا، نفسها، تؤكد مدى انكماش الحوثيين وصالح، ولا مجال لهم في صناعة انتصار للضغط لأي حوار قادم، لا سيما بعد فقدانهم لباب المندب ومأرب النفطية، وما قدموا من كتابة خطية لقبول قرار مجلس الأمن إلا دليل على تراجع موقفهم السياسي والعسكري.
لكن المعركة لا يبدو أنها قصيرة، بل طويلة الأمد باعتباره اليمن جُزء من تداخل دولي مع بعضه البعض، مع هذا أياً تكن المنعطفات القادمة فلن تكن جماعة الحوثي و”صالح” إلاَّ في الدائرة الأضيق والموقف الأضعف في آن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى