الفشل يطارد “اتفاق ستوكهولم” والسلام في اليمن بعيد المنال
كانت محادثات السلام في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول2018 بداية لما ثبت أنه عملية طويلة وصعبة في محاولة إيجاد حل وسط بين المسلحين الحوثيين والحكومة اليمنية.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
كانت محادثات السلام في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول2018 بداية لما ثبت أنه عملية طويلة وصعبة في محاولة إيجاد حل وسط بين المسلحين الحوثيين والحكومة اليمنية.
وفي العادة ما تنتهي محادثات سلام ويتم الاتفاق حتى تبدأ معركة جديدة طوال التاريخ اليمني الحديث المليء بالحروب. واجه مارتن غريفيث ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، هذه المخاوف بينما كان يعمل لإحضار الأطراف إلى الطاولة. كان الحوثيون قد انسحبوا سابقًا من محادثات السلام في سبتمبر/أيلول 2018. ولأجل إنجاح مشاورات ديسمبر/كانون الأول رتب غريفيث لـ50 مقاتلاً من الحوثيين للسفر إلى عُمان لتلقي العلاج. وأكد غريفيث أيضًا أنه على الرغم من الانتقادات بشأن النهج الثنائي للمحادثات، فسيتم ضم الانفصاليين الجنوبيين في المحادثات المستقبلية بعد وضع الأساس الأولي في اجتماع ستوكهولم.
يقدم ثيودور كاراسيك وإميلي تورجوسين وهما محللان بارزان مطلعان على الأوضاع في اليمن، تحليلاً على موقع “لوب لوج” الأمريكي عن محادثات السلام الهشة في اليمن.
وذهب التحليل، الذي ترجمه “يمن مونيتور” إلى أن الهدف من تلك المحادثات -التي وقعت في ديسمبر/كانون الأول- هو تبادل الثقة بين الطرفين. كان التركيز الرئيسي على ميناء الحديدة، حيث تصل معظم المساعدات الإنسانية. وتقع مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، والتي تضم آلاف الأطنان من القمح كجزء من دعم برنامج الغذاء العالمي. يعد الميناء أيضًا مصدرًا مهمًا لإيرادات البلاد، ويمكن أن تذهب الإيرادات الناتجة عن إعادة فتح الموانئ، وفقًا لاقتراح خرج من المفاوضات، إلى رواتب الموظفين المدنيين الذين لم يتسلموا رواتبهم.
انتهى أسبوع المحادثات مع حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للمساعدة في الاتفاقيات النهائية. أثبتت نتائج العملية أنها واعدة حيث وافق الطرفان على تبادل الأسرى، وخطة لتهدئة التوترات في تعز، واتفاق أساسي لوقف إطلاق النار وإعادة الانتشار من الحديدة.
اتفاق الحديدة
نص اتفاق الحديدة على أن تلعب الأمم المتحدة دورًا إشرافيًا في المدينة، بينما تنظم لجنة تنسيق إعادة الانتشار (RCC) رحيل قوات الطرفين. كما تضمنت الاتفاقية نظامًا لدفع رواتب الموظفين المدنيين من خلال إيرادات الموانئ عبر البنك المركزي اليمني. بالإضافة إلى ذلك، تم تطبيق وقف فوري لإطلاق النار، والذي دخل حيز التنفيذ في 18 ديسمبر، على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، فضلاً عن بقية بلدات المحافظة.
ولفت التحليل، إلى أنه وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقيات تشير إلى تقدم كبير، إلا أنها زادت من المخاطر. كان بعض المحللين والعاملين في المجال الإنساني والمستشارين المشاركين في المفاوضات السابقة قلقين في البداية، وأشاروا إلى احتمال أن تنهار الاتفاقيات بسبب الطبيعة غير المستقرة لأصحاب المصلحة وعلاقاتهم مع الأطراف المعنية الأخرى أو القوى الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، كان على الحوثيين أنفسهم أن يتصرفوا بطريقة تفضي إلى مزيد من المحادثات.
لضمان المتابعة الناجحة، وصل اللواء المتقاعد باتريك كاميرت في 22 ديسمبر لقيادة مهمة المراقبة التابعة للأمم المتحدة. يبلغ عدد المراقبين في الحديدة حاليًا حوالي 20، وهو ما ينوي غريفيث زيادته إلى 75. وفي وقت لاحق وصل مايكل لويسيغارد بديلاً عن كاميرت.
على الرغم من أن وقف إطلاق النار ساري المفعول رسمياً، إلا أنه لا يزال هناك اشتباكات بين كلا الجانبين، وسط زيادة التوترات في الحديدة. بعد عقد اجتماعين على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، لم تجتمع اللجنة منذ ثلاثة أسابيع، ويبدو أن الوضع بلغ نقطة حرجة.
تعطل اتفاق تبادل الأسرى، الذي يفرض إطلاق سراح ما يقرب من 15000 شخص. أُحبط الجانبان فمئات الأسماء إما فقدوا في القتال، أو مزيفين، أو أنكرهم الطرف الآخر. تشرف لجنة الصليب الأحمر الدولية على المفاوضات، لكن الحكومة اليمنية حافظت على نهج كل شيء أو لا شيء. فيما اقترح الحوثي الإفراج عن جزء من المعتقلين، إذ ينوون الإفراج عن قياداتهم. كما ترى الحكومة اليمنية إما أن يتم تحرير جميع الأسماء المقدمة أو فشل الاتفاق.
تنطوي اتفاقية ستوكهولم على أوجه غموض أخرى. تحدد اتفاقية الحديدة أن “قوات الأمن المحلية” ستحافظ على النظام في الحديدة بعد إعادة نشر الطرفين. ومع ذلك، نظرًا لأن هوية قوات الأمن هذه لا تزال مجهولة، فإن الحوثيين يشككون في حكمة التخلي عن المدينة الساحلية. بالإضافة إلى ذلك، كانت إيرادات الموانئ مخصصة للبنك المركزي اليمني لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية. لكن النقاش حول أي بنك سيتسلمها الذي في صنعاء أو عدن يؤدي إلى تعقيد الأمر.
بعيد المنال
في 10 يناير/كانون الثاني، قتلت طائرة بدون طيار من الحوثيين ضباط وجنود في قاعدة العند الجوية خلال عرض عسكري. استهدفت الغارة، التي وصفتها الحكومة اليمنية “الهجوم الإرهابي”، مسؤولو رفيعو المستوى، مما أدى إلى إصابة نائب رئيس أركان الجيش ورئيس وحدة الاستخبارات وقائد الشرطة العسكرية وقائد المنطقة الرابع. ما يمثل هذا الحادث انتهاكًا كبيرًا لمحادثات السلام.
في يناير/كانون الثاني عاد غريفيث إلى اليمن للمرة الثانية في نفس الشهر من أجل إنقاذ اتفاق الحديدة. ورداً على عملية “العند” رد التحالف بسلسلة من الغارات الجوية في 19 يناير/كانون الثاني. ورد الحوثيون بالقصف بقذائف أدت إلى إتلاف اثنين من صوامع الحبوب الأساسية، مما أدى إلى تدمير أطنان من القمح. وقد استخدم التحالف هذه الحوادث لدعوة الأمم المتحدة والقوى الدولية للضغط على الحوثيين للالتزام باتفاقية ستوكهولم.
على الرغم من استمرار مفاوضات تبادل الأسرى، فقد حدث أول تبادل فعلي في 29 يناير بمساعدة اللجنة الدولية التي نظمت إطلاق سراح أسير سعودي من صنعاء مقابل سبعة حوثيين من الرياض. نجاح هذه التبادلات هو المفتاح لتنفيذ بقية اتفاق ستوكهولم الذي تأخر عن الجدول الزمني.
في الأصل كان من المفترض أن تتم عملية إعادة الانتشار من الحديدة خلال أسبوعين بعد 18 ديسمبر عندما دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. لكن ذلك لم يحدث.
وقالت الأمم المتحدة إن من الممكن التوصل قريباً إلى حل وسط بشأن إعادة الانتشار. واجتمعت لجنة إعادة الانتشار مايكل لوليسجارد، الذي قدم اقتراحًا “أثبت أنه مقبول من حيث المبدأ”، وفقًا لما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوياريك. وفي حال وافق الطرفان على التسوية، فستكون هناك محادثات أخرى تحت رعاية الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من الفشل في لجنة تبادل الأسرى التي عقدت في عمّان إلى أن لجنة فرعية من الطرفين اتفقتا على تبادل 1000 جثة من كل طرف.
واختتم الكاتبان التحليل بالقول: “هناك علامات متزايدة على أن الحوثيين لن يتخلوا عن الحديدة، مما سيؤدي على الأرجح إلى موجة جديدة من العنف. تهدد وسائل الإعلام الحوثية مرة أخرى الرياض وأبو ظبي بضربات الصواريخ البالستية. علاوة على ذلك، فإن الحركة الانفصالية الجنوبية تشهد فرصة أكبر للمضي قدماً في أجندتها الخاصة بالانفصال عن اليمن بمساعدة موسكو. بالنظر إلى العدد الهائل من جبهات المعارك في الحرب في اليمن، وكذلك تورط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، يبدو السلام بعيد المنال في البلاد”.
المصدر الرئيس
Yemen’s Fragile Peace Talks