بين رحيل (مقبل).. والمناضل اليوم
أحمد ناصر حميدان
لملم (عباد) شتات البيت الاشتراكي، واستعاد عافيته وصموده في وجه أعتى نظام يرفض التعددية السياسية والديمقراطية والتغيير لواقع يلبي احتياجات وتطلعات الناس في العيش الكريم والحرية والعدالة التي تحفظ الحقوق.
ترجل المناضل الوطني اليساري الجسور علي صالح عباد (مقبل) إلى مثواه الاخير، تغشاه الله بمغفرته ورحمته، تاركا ارث ثمانية عقود من النضال في مواجهة الاستبداد السياسي والديني، والارتهان لأجندات غير وطنية، من أجل التحرر والاستقلال والسيادة.
لملم (عباد) شتات البيت الاشتراكي، واستعاد عافيته وصموده في وجه أعتى نظام يرفض التعددية السياسية والديمقراطية والتغيير لواقع يلبي احتياجات وتطلعات الناس في العيش الكريم والحرية والعدالة التي تحفظ الحقوق.
ترجل بين أوساط الناس البسطاء الذي عاش بينهم متطلعا لتطلعاتهم وطموحاتهم وآمالهم؛ كان عصيّ على الاستقطاب للعمل كموظف لدى سلطة تكن العداء لقضيته الوطنية والانسانية، ترجل شامخا ثابتا بقيمه ومبادئه.
اثبت أنه رجل التحول الديمقراطي، مارسه سلوكا في قيادته للحزب، وراسخ في ثقافته، لا يحتاج منا اليوم أن نتحدث عن مناقبة ونمتدحه ونرثيه، ولكن ما نحتاجه أن نتعمق فيه كمثال يحتذى به رفاقه وسياسي اليوم والغد.
نقارن اليوم بين المناضل عباد رحمة الله عليه ورفاقه الذي صاروا موظفين يتنافسون على أعلى الرواتب، وإذا بهم ضحايا أجندات من يدفع لهم.
ضحايا التدخلات الخارجية التي هددت مصالحها ثورة الربيع اليمني، قوى متعددة لها ارتباطاتها بالأجندات الاقليمية والدولية والشركات واحتكارات الأموال المنهوبة، هي التي تدير الحرب اليوم وتمونها.
التموين معناه نثر الأموال لجعل النضال وظيفة مدفوعة الأجر، استقطب لها بعض السياسيين الذين صاروا شقاه في أدوار سيناريو مخطط بعناية لإدارة الحرب وتداعياتها ومكوناتها الطارئة التي تستوعب هذه الأموال والأجندات، انشئت هذه المكونات من خليط من قوى المصالح وموظفين الدولة الكبار محترفي النفاق السياسي، الذين انتابهم شعور فقدان المصالح من مسار التغيير والتحول، ولهم مشاريعهم الخاصة، وحدث التصادم الذي أدى لإقالتهم، فجمعتهم معارضة للتغيير والتحول السياسي.
تعدد الأجندات ونثر الأموال فتح المجال للمنافق السياسي أن يلعب بالبيضة والحجر، مستثمرا الصراع والانقسام الحاد ليجعل من الوطن حلبة للمنافسة عن السلطة مع استقطاب مناضلي اليسار واليمين، لا فرق، يجمعهم الأجر المدفوع، ورهن من يدفع، في مكونات طارئة فقدت روح النضال الوطني والانساني، وبالتالي تفقد بالتدريج عقلانيتها وشعبيتها. تتفوق فيها المشاعر الخالية من جوهر القيم منافسه حميمة بتقديم الطاعة واستعراض الشعارات والبيانات والتصريحات التي يعدها المخرج مسبقا؛ تلونوا وتغيرت مواقفهم وفق مصالحهم.
المناضلون الحقيقيون كالمغفور له (عباد) يقبعون اليوم بين مكونات الشعب معا مغلوب على أمرهم، يموتون بهدوء دون أن يلتفت لهم الساسة، فقراء المعيشة، أغنياء المواقف والقيم، بينما احترف المنافقون اليوم الفساد، وأغرتهم السلطة، وبيعت ضمائرهم لأجندات لا وطنية ولا انسانية، أثرياء أصحاب أملاك وحسابات بنكية، وشركاء للطامعين من رؤوس الأموال والاحتكارات الخارجية.
احترفوا الوظيفة البيروقراطية، يجيدون الترويج والتلميع والمغالطة وقلب الحقائق وصناعة الأوهام في خدمة قضية تعطي لحياته معنى ما بفردانية لا انسانية.
يعترف “ماكس فيبير” في كتابه الرائد رجل العلم، رجل السياسة بأن البيروقراطية لا يمكن أن تنتج لنا سياسيين، لأن البيروقراطي تلقى تكوينا من أجل الوظيفة، والوظيفة هي ارتهان للأجر والأجندات، كموظف يطبق القرارات بفردانية وسرية تامة وروح تغلب عليها مشاعر الصراع، مما يقود للتوجه البيروقراطي للدولة التي يسيرها بعض الموظفين الكبار، ويتحكم فيها محترفو السياسة الذين تجدهم في كل حكومة وكل مرحلة، يعيقون حركة التغيير والتحول لخدمة اعداء الوطن والثورة.
رحم الله فقيدنا المناضل الجسور علي صالح عباد مقبل وتغشاه الله بمغفرته، مات فقير المال كعامة الشعب غني المواقف والقيم، بينما بعض رفاقه اليوم في كنف السلطة والمعارضة أثرياء، ولكنهم فقراء قيم ومبادئ ومواقف وطنية.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.