كتابات خاصة

فراشةٌ في فم الغار

إفتخار عبده

ما أجملها وهي تحاول أن تخفي وجهها بقطعة من ذلك  القماش الملفوف على رأسها، ما أروعها من فتاة بعينيها الحوراويتين بذلك الاسمرار الذي سيطر على وجهها في الفترة القريبة من الآن.

كان عليها ألا تقف هناك هذه الفترة الزمنية الطويلة، لقد أصبحث مثاراً للجدل ومجالا للشك والسؤال، لم يعرف أحد لماذا ينبغي عليها أن تقف هناك طوال هذه المدة؛ فالناس قد أصبحوا لا يمكثون بمكان واحد فترة طويلة من الزمن؛ كي يأمنوا شر الحياة لا أكثر.
 ترتدي اللباس الأسود وهذا ليس بغريب عنها فقد ألفته منذ وفاة جدها الذي كان سندا لأبيها في زمن من الأزمان الماضية، تطرق رأسها تارة وترفعه بكل شموخ وكبرياء تارة أخرى، تلك المليحة قد جمعت بين القسوة والدلال ، وحاولت أن تؤلف بين الغنج والعنف الكبير.
ما أجملها وهي تحاول أن تخفي وجهها بقطعة من ذلك  القماش الملفوف على رأسها، ما أروعها من فتاة بعينيها الحوراويتين بذلك الاسمرار الذي سيطر على وجهها في الفترة القريبة من الآن.
 وما أوجعه ذلك الوقت الذي تقضيه وأنت تراها بذلك المكان، تقاوم الدمع وتحاول أن تفسح مجالا للابتسام.
فمن عادات النساء أن لا يخفين ما بقلوبهن، فالنساء لا يستطعن كتم الوجع لوقت طويل، إلا تلك الفتاة فأنت عندما تراها تعرف من الوهلة الأولى أن بها وجعاً عظيما وما إن تحاول أن تعرف نوعية ذلك الوجع لا تدري إلا وقد أحالتك إلى غير ذلك بابتسامتها بكبريائها بصمتها الطويل العظيم، برفضها التجاوب لأي أحد قد يسألها عن سبب ذلك.
 تُرى ما الذي تخفيه تلك؟ ولمَ هي هناك طوال الوقت، لماذا تتردد على هذا المكان فقط وبهذا الجنون العظيم، أيكون لها بهذا المكان ذكريات هي الآن تحاول أن تستعديها، بمجيئها إليه بالعشي والإبكار؟؟؟ هل ترك لها أحدٌ ما يسمى بوعد اللقاء هناك؟، ولمَ لم يأتِ إلى إلآن؟، أتراه خالف الوعد أم أن مكروهاً أصابه قبل مجيئه إليها لذا هي تعيش ذلك النكد العظيم وتكابر كي لا تكون عرضة للضحك والاستهزاء، أتراها فارقته إلى الأبد؟،  ومن هو يا ترى؟، من منكم يمتلك القدرة على سؤالها عن سبب ذلك الحزن وعن عظم الكبرياء الذي تحمله؟
من منكم يحاول معي أن يحل اللغز الذي داهمني منذ رؤيتها هناك؟، في فم ذاك الغار، حيث تتجمع الأشواق وتسقط حرارة الشمس المحرقة عليها وهي لا تبالي، لا تكل ولا تمل.
 أنا فتاة كهي تماماً لدي ما يمكنني قراءة ذلك الوجع الذي هو فيها الآن سأحاول قليلاً، لكنها  جعلتني في حيرة من أمري أتخبط بين سؤال وبحث عن جواب، هل هي حقيقة تشكو البعد والفراق؟ إن ملامحها تنبئ عن يتم.. عن فقد.. عن فراق من كان معينا لها، إن ملامحها تنبئ عن أنها كانت فتاة الدلال والجمال وما الحزن الذي هو فيها الآن وذلك الاسمرار الناتج عن ألم إلا حديث في عهده وقريب في محاولته للسيطرة عليها، أين هويا ترى ذلك الشخص الذي تبحث عنه؟ أحقا قد بات تحت هذه الأتربة التي هي الآن تحدق النظر فيها تسائلها وتنعيه لها توصها به أن ترفق وتحن عليه،  هل إطراقها الرأس حديث مع المفقود؟ ورفعه هو استسلام لما يقوله لها (أن كوني قوية) أم أنها تشكو للإله بعده وتسأله أن يجمعها به قريبا؟
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى