شعور جميل يتسلل إلى قلبك وأنت ترى من يداوي جرح الآخر بما يمتلك من إمكانيات حتى وإن كانت بسيطة للغاية.. إحساس نبيل يتملكك عندما ترى حب الخير وعمله يتخلل أوساط الرجال والنساء.
أدركت وبفرح شديد أنه رغم حياتها المتعبة المليئة بالكدر والضيق الخانق لها، وهي التي دارت عليها المصائب من كل ناحية؛ أن هناك أناساً ما زالوا يحملون بين أضلعهم قلوباً نقية مليئة بالوفاء والإيثار.. ما زالوا يحملون ضمائرَ حيةً يقظة، فهم يقدمون الآخر على أنفسهم، أو هم على الأقل لم ينسوا يوماً أن هناك من هو محتاج يقيم بجوارهم.
يحاول العمل الخيري في بلدي الحبيب جاهداً أن يقف ضد الصعاب على كثرتها؛ فهو يبذل قصار جهده كي يكون صديقاً للمحتاج، وسنداً للمضطر، وعونا للقريب والبعيد معاً.
وعلى الرغم من تكاثر الهموم التي تَصبُ جحيمَها على قلوبنا وعقولنا معاً؛ ورغم المآسي والكوارث التي أصبحت حديث الأيام؛ بل حديث الصباح والمساء والوقت كله؛ ما زلنا نتنفس رائحة الحب.. رائحة الإخاء والإيثار.
ما زالت أعيننا تتمتع قليلاً برؤية ما يسر الفؤاد، لعل هذا البصيص من الأمل على صغره، هو من يشعرنا أننا -وإن كنا على شفا حفرة من الهلاك- ما زلنا بخير، حتى وإن كنا نرى من يأخذون الطعام من أفواه الجوعى، ويدوسون على جثثهم المتهالكة بأقدامهم الغليظة، فسنحاول أن نلتفت قليلاً إلى الجهة الأخرى لنرى من يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
ها أنا اليوم أجد ذاتي تارة بين نكدٍ وكدر عندما أرى الباطل ينشب أظفاره في أجسادنا ونحن دُمى لا حراك لها.. وأجدني تارة أخرى أعيش لحظاتٍ كلها رضا وقناعة كلها فرح وسرور؛ عندما أرى الخير يقترب منا كثيراً، عندما أرى الأعمال الخيرية تزور المناطق من حولي، وأراها تقترب منا أكثر فأكثر.
هاهي بوادر الأعمال الخيرية تزور منطقتي (بني أحمد سامع) بمحافظة تعز، وتزور قريتي الحبيبة التي شاخت قبل أن تشب، بعد أن واجهت الفناء لمراحل كبيرة، وما زالت تبتسم وتكابر كأنها لم تصب يوماً ببلاء.
يقام اليوم صندوق خيري لبني أحمد مساندة ودعما للمحتاجين، وإلى جانبه تقام جمعيات لا تكاد تسمع باسمها لكنك ترى لها أعمالاً عظيمة في وجهة نظر من يحتاجونها، فمن الناس من ما يزال في قلبه إيثار الصحابة على بقية إخوانهم، تراهم يبذلون أوقاتهم في خدمة المجتمع من حولهم، يعملون بكل سرور لكأنهم يخدمون ذواتهم.
شعور جميل يتسلل إلى قلبك وأنت ترى من يداوي جرح الآخر بما يمتلك من إمكانيات حتى وإن كانت بسيطة للغاية.. إحساس نبيل يتملكك عندما ترى حب الخير وعمله يتخلل أوساط الرجال والنساء، عندما ترى رجلاً يقدم لأخيه المضطر ما يستطع تقديمه، وامرأة تداوي جرح أختها بما تملك، تحس حقيقة أنك في بلد أرقاء القلوب وألين الأفئدة.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.