حرب اليمن وزواج القاصرات
إفتخار عبده
تسمع أن تم إرغام فتاة في سن الزهور على الزواج بمن لا ترضاه، يضيع وقتذاك ما يسمى بالدين أو الأخلاق، يقل النظر إلى هذا الجانب بل يكاد أن ينتهي تماما، ويبقى المال هو المسيطر وسيد المواقف كلها، مآس أخرى تحدثها الحرب ربما لا يعبه بها الناس على الرغم من خطورتها وسطوها على المجتمع.
عندما يضيع الضمير الإنساني ويتخلف العقل البشري وتعود الرحمة إلى الوراء وتصبح الرغبات هي الإله المقدس الذي يعبد بكل حين وزمن تلبى طلباته وتنفذ كل رغباته، يحدث أن تسمع بزواج طفلة في الثامنة من العمر، برجل غريب لا يُعرف عنه شيء سوى تلك الأوراق النقدية التي قدمها وبعض الهدايا والتحف التي زفت معه إلى بيت تلك الطفلة.
تسمع أن تم إرغام فتاة في سن الزهور على الزواج بمن لا ترضاه، يضيع وقتذاك ما يسمى بالدين أو الأخلاق، يقل النظر إلى هذا الجانب بل يكاد أن ينتهي تماما، ويبقى المال هو المسيطر وسيد المواقف كلها، مآس أخرى تحدثها الحرب ربما لا يعبه بها الناس على الرغم من خطورتها وسطوها على المجتمع.
مخاطرة كبيرة تدفع ثمنها الفتيات القصر، فمجتمعنا اليمني اليوم يشهد تفش كبير لظاهرة زواج الصغيرات؛ إذ كثرت الأموال لدى البعض من الناس وقلت لدى الطرف الآخر، والفتيات القصر هن ضحية ذلك الفقر والترف!
كثيرات هن الفتيات اللاتي تركن ألعابهن في بيوت آبائهن، واُخذن إلى بيت الزوجية رغما عنهن، تركن أفراحهن وضحكاتهن في بيوت آبائهن ، لتستقبلهن الأوجاع والمآسي والأحزان في بيوت أزواجهن.
هي الحرب التي أعلت فجأة من شأن البعض من الناس وأغنتهم إلى درجةٍ جعلتهم ينسون كل شيء إلا ذواتهم ورغباتهم، حتى وإن كان ذلك مهلكاً لأرواح الآخرين.
هي الحرب التي جعلت من كان غنياً بالأمس فقيراً اليوم، يضطر أن يزوج ابنته التي أقسم قبل ذلك أنه سيصنع منها الطبيبة الناجحة التي سيفتخر بها في ما بعد ويحملها اسمه في اللوحة التي ستعلق على المشفى الذي ستعمل به في المستقبل الموعود؛ ابنته التي قال عنها إنه سيوفر لها كل ما تحتاجه وسيهيئ لها الوقت والمكان كي يتسنى لها أن تهتم بدروسها وذاتها، وتكون كما تريد هي وكما يطمح هو.
وحدها الحاجة التي جعلته يسوق ابنته المدللة وهي تبكي، وهو الآخر مخنوق بالبكاء إلى غليظ لا يرحم، وعدو باسم قريب.
كان من العجيب أن تسمع بهذا الزواج، وإذا ما سمعت فإنك تسمع إلى جانب ذلك أن هناك من يحاربه ويقف له بالمرصاد، كثيراً ما كانت تنشر التوعية بخطر ذلك وبتأثيره سلباً على المجتمع.
لكن اليوم ومع قلة الرقابة تفشت هذه الظاهرة فتراهم اليوم بكل فخر يتحدثون عن ذلك، تجد هذا يقول إنه تزوج ابنة عشر سنوات وقد أتى بها من محافظة كذا وذاك يقول إنه قد تزوج ابنة الثانية عشرة سنة أتى بها من المكان البعيد، مباهاة كبيرة تحدث في هذا الجانب وفخر كبير لدى من يملك المال، وفي المقابل حزن عظيم يخيم على الفتيات وعلى أسرهن فيما بعد، ترى متى سنجد من يقف مناهضا لهذا؛ لا لشيء، لأجل الإنسانية فقط!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.