ترشيحات أوسكار 2019: مواجهة العنصرية وتكريم المرأة والحضور العربي
موسم الجوائز، الذي يبدأ بـ”غولدن غلوب”، يتوِّج عالميته بـ”أوسكار”، مساء 24 فبراير/شباط 2019، بينما الجوائز السنيمائية الأخرى خارج هوليوود، فيكاد معظمها يمرّ سريعًا يمن مونيتور / العربي الجديد
لا جديد مفاجئاً في الإعلان عن الترشيحات الرسمية لجوائز “أوسكار”، التي تمنحها “أكاديمية فنون الصورة المتحركة وعلومها” سنويًا منذ عام 1929. غالبية التوقّعات الخاصّة بالنسخة 91 متحقّقةٌ، والتمهيد حاصلٌ في جوائز “غولدن غلوبز”، الممنوحة من قِبل “جمعية الصحافيين الأجانب في هوليوود” للمرة الـ76، مساء 6 يناير/كانون الثاني 2019.
هذا عادي ومُكرَّر ومعروف.
موسم الجوائز، الذي يبدأ بـ”غولدن غلوب”، يتوِّج عالميته بـ”أوسكار”، مساء 24 فبراير/شباط 2019، بينما الجوائز السنيمائية الأخرى خارج هوليوود، فيكاد معظمها يمرّ سريعًا، من دون أضواء ومتابعات تُشبه تلك المرافقة لجوائز السينما الأميركية، التي تبدو كأنها مستمرّة في اعتماد آلية توفيقية في اختيارها الأفلام المُرشَّحة، وفقًا لمناخ اجتماعي ـ ثقافي ـ إعلامي يسود العالم حاليًا. فالترشيحات الرسمية لـ”أوسكار 2019″ تكشف شيئًا من انصياع الأكاديمية لهذا المناخ، بالنسبة إلى موقع السود في صناعة الترفيه، ومسألتي الهوية واللاجئين، والتحرّش الجنسي ضد المرأة، التي (المرأة) تُناهض التحرّشات، وتكافح للحصول على مساحة أوسع لها في عاصمة الفن السابع وخارجها.
فأن يمنح “بلاك بانتر” لراين كووغلر 7 ترشيحات رسمية ـ في فئات أفضل فيلم (المنتج كيفن فايغ) وأفضل موسيقى (لودفيغ غورانسّون) وأفضل أغنية أصلية (“هذه النجوم كلّها” لكندريك لامار وSZA ومارك سبيرز) وأفضل أزياء (روث إي. كارتر) وأفضل ديكور (هانا بيتشلر وجاي هارت) وأفضل ميكساج صوت (ستيف بوديكير وبراندن بروكتور وبيتر دفلن) وأفضل مونتاج صوت (بنجامن آي. بورت وستيف بوديكير) ـ فهذا نابعٌ من اختيار “مارفل” شخصية بطل خارق متحدّر من أصول أفروأميركية، للمرة الأولى في تاريخها.
في الإطار نفسه، لن يكون سهلاً التغاضي عن ترشيح “بلاك كلانسمان” لسبايك لي لـ6 جوائز، أبرزها في فئتي أفضل فيلم (جايزون بلوم وسبايك لي وريموند مانسفيلد وشون ماك كيتريك وجوردان بيل وشون ريديك) وأفضل إخراج، بالإضافة إلى أفضل ممثل ثانٍ لآدم درايفر. فالحكاية، المليئة بالسخرية المريرة والمواقف الحادة، مندرجة في سياق المواجهة السينمائية لفكر عنصري أبيض في الولايات المتحدة الأميركية، نهاية سبيعينيات القرن الـ20، في ظلّ موجة العنصرية الجديدة المنبثقة من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قبل عامين.
القصّة حقيقية، إذْ يتمكّن الشرطي الأسود رون ستالورث (جون ديفيد واشنطن) من اختراق منظمة “كو كلوكس كلان” العنصرية البيضاء، عبر اتصالات هاتفية، بينما يُرسل زميله اليهودي الأبيض فليب زيمرمان (درايفر) للقاء المسؤولين الذين يظنونه ستالورث.
والعنصرية البيضاء ضد الأفروأميركيين حاضرة في “كتاب أخضر” لبيتر فاريلّي أيضًا، الحاصل على 5 ترشيحات في فئات أفضل فيلم (جيم بورك وبراين هاينز كوري وفاريلي وآخرين) وأفضل ممثل (فيغو مورتنسن) وأفضل ممثل في دور ثان (ماهرشالا علي) وأفضل سيناريو أصلي (نِكْ فالّيلونغا وبراين كوري وفاريلي) وأفضل مونتاج (باتريك دون فيتو). فهو مأخوذ من قصة حقيقية، عن عازف جاز أسود (علي) يريد القيام برحلة فنية في الولايات الأميركية الجنوبية المحافظة والمتشدّدة، عام 1962، فيرافقه رجل أمن أبيض (مورتنسن).
وبالتالي، أن يُرشَّح “كفرناحوم” للّبنانية نادين لبكي في فئة أفضل فيلم ناطق بلغة غير الإنكليزية، للتنافس مع 4 أفلام أخرى أهم وأجمل وأعمق إنسانيًا وسينمائيًا ودراميًا وفنيًا، فهذا متأتٍ من تنبّه هوليوود إلى أحداث الشرق الأوسط، وإلى تعزيز موقفها الإيجابي من المرأة ونشاطها.
أما الأفلام الـ4 الأخرى، فهي: “حرب باردة” للبولندي بافل بافليكوفسكي و”عائلة السرقة” للياباني هيروكازو كوري ـ إيدا و”عمل من دون مؤلّف” للألماني فلوريان هانكل فون دونرسمارك و”روما” للمكسيكي ألفونسو كوارون، وهذا الأخير، لكون إنتاجه أميركيًا (منصة “نتفليكس”)، مُرشَّحٌ أيضًا في 9 فئات أخرى، أبرزها أفضل فيلم (كوارون ونيكولاس سيليس وغبرييلا رودريغز) وأفضل إخراج وأفضل ممثلة (ياليتزا أباريتشيو) وأفضل سيناريو أصلي (كوارون) وأفضل تصوير (كوارون أيضًا) وغيرها.
غير أن الحضور العربي غير مقتصر على “كفرناحوم”، فالوثائقي الطويل “عن الآباء والأبناء” للسوري طلال ديركي بات مُرشّحًا رسميًا في فئة أفضل وثائقي طويل، ما يُعزِّز موقف هوليوود من أحداث الشرق الأوسط، والانفتاح على تلك الجغرافيا الملتهبة بحروب وتمزّقات وأهوالٍ. فالوثائقي منشغل بمرافقة أصولي منتمٍ إلى “جبهة النصرة” في إدلب، ومحاولاً التقاط يومياته الموزّعة على عائلة وأبناء وعمل (تفكيك الألغام والقنص) وأصدقاء.
لائحة الترشيحات طويلة. لكن حصول الأميركي المصري الأصل رامي مالك على ترشيح في فئة أفضل ممثل، عن دوره الجميل في Bohemian Rhapsody لبراين سينغر، مُثير للانتباه أيضًا. فمالك مبتدئ في السينما، ودوره هذا (شخصية فريدي ماركوري قائد فرقة “كوين”) متين الأداء والصُنعة. والفيلم ـ الحاصل على 4 ترشيحات أخرى، في فئات أفضل فيلم (جيم بيتش وغراهام كينغ) وأفضل مونتاج (جون أوتمان) وأفضل مونتاج صوت (جون وارهيرست ونينا هارتستون) وأفضل ميكساج صوت (بول ماسّي وتيم كافاجن وجون كاسالي) ـ يروي مقتطفات من سيرة ماركوري بلغة سينمائية مبهرة بإتقانها مفردات السرد المرتكز على الغناء والحاكايات والانشغالات.