غير مصنففكر وثقافة

حملة منظمة لمحو الذاكرة.. تراث اليمن في مرمى نيران الحرب ونهب الجماعات الإرهابية

أهم المخطوطات الإسلامية النادرة الموجودة باليمن معرضة للزوال يمن مونيتور/تقرير خاص

تعرض إرث اليمن الحضاري والتاريخي والأثري، لأكبر عملية نهب منظمة منذُ انقلاب جماعة الحوثي المسلحة على السلطة الشرعية في سبتمبر/ أيلول من العام .
فالمواقع المعالم التاريخية والمخطوطات التي لم تطالها أيادي النهب والسرقة، تعرضت لضربات جوية من قبل طائرات التحالف العربي المؤيد لشرعية جراء تمركز مسلحي الحوثي بداخلها أو بالقرب منها.
وكان آخر أعمال النهب المنظم ما أوردته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ، عن إقدام مسلحي جماعة الحوثي الأحد الماضي على نهب المخطوطات والكتب التاريخية والعلمية، وبينها نفائس نادرة، من مكتبة مدينة زبيد التاريخية الواقعة بالقلعة التاريخية بالمدينة التابعة لمحافظة الحديدة، غربي اليمن.
ودانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”  نهب المخطوطات والكتب التاريخية والعلمية ونفائس نادرة من مكتبة زبيد ذات التراث العريق.
وقال المدير العام للإيسيسكو، عبد العزيز “المخطوطات والكتب المنهوبة تمثل تراثا نفيسا يوثق تاريخ مدينة زبيد التي كانت عاصمة اليمن من القرن الـ13 إلى القرن الـ15 الميلادي”.
وأكد أن سرقة هذا التراث تعتبر عملا إجراميا بحق التراث الحضاري اليمني، ومخالفة خطيرة للمواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحماية التراث الحضاري والمحافظة عليه.
ودعا التويجري، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وبخاصة اليونسكو، إلى التدخّل لإجبار الحوثيين على إعادة ما نهبته من مكتبة مدينة زبيد، باعتباره جزءا من التراث الثقافي للإنسانية جمعاء، والذي تنص اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاعات المسلحة على تجريم الاعتداء عليه.
حملة منظمة لاستهداف الذاكرة
من جانبه اعتبر الكاتب اليمني “محمد جميح”، سرقة الحوثيين للمخطوطات من مكتبة زبيد التاريخية جزءاً من حملة منظمة لاستهداف الذاكرة.
وأشار في تغريدة بصفحته على موقع التدوين المصغر “تويتر”، إلى أن مدينة زبيد إحدى أقدم المدن الإسلامية، واستهداف مكتبتها يشير لجهود الحوثيين الطائفية لمحو الذاكرة.
ودعا المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” ومنظمة الأمم المتحدة للتراث “اليونسكو” للقيام بما هو أكثر من الإدانة للحفاظ على التراث اليمني.
ووجه الصحفي اليمني “مأرب الورد” رسالة عبر حسابه الرسمي على موقع التدوين المصغر “تويتر”، إلى مكتب منظمة اليونسكو باليمن والخليج قائلا: السادة في مكتب اليونسكو باليمن والخليج  نحيطكم علما -إن كنتم لا تعلمون- بأن مليشيات الحوثي نهبت أمس مخطوطات وكتب تاريخية وعلمية ونفائس نادرة من مكتبة مدينة زبيد الواقعة في القلعة التاريخية بالمدينة المصنفة لديكم بقائمة التراث العالمي، وعليه نأمل قيامكم بواجبكم.
ولفت “الورد” في تغريدة أخرى إلى أن مكتب اليونسكوا تواصل معه  وطلب تزويدهم بما لديه من معلومات، وأبلغوه بأنهم سيتحققون مما وصلهم من تقارير.
الحرب تهدد بفناء التراث اليمني
وفي أواخر ديسمبر الماضي قال كريستيان شاهنر الأستاذ المشارك بجامعة أوكسفورد البريطانية المتخصص في التاريخ الإسلامي، إن الحرب المدمرة في اليمن تعرض مخطوطات إسلامية نادرة للزوال.
ولفت في مقال له نشرته (وول ستريت جورنال) الأمريكية إلى أن الحرب المدمرة تهدد بفناء التراث الثقافي اليمني، وتجعل أهم المخطوطات الإسلامية النادرة الموجودة باليمن معرضة للزوال، لكن لا يزال هناك بصيص من الأمل لاستعادته عقب انتهاء الحرب.
وقال كريستيان إن الحرب في اليمن منذ اندلاعها عام 2015 سببت معاناة بشرية لا توصف حيث تم قتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين وانتشار المجاعة وتفشي وباء الكوليرا المميت، وفقدت البلاد في تلك الحرب البشعة كمية ضخمة من تراثها الثقافي الذي يعد الأغنى بين بلدان الشرق الأوسط.
وبين أن اليمن وقفت اليمن على مدار التاريخ على مفترق طرق شبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا والمحيط الهندي، ونظرا لما يحظى به من أمطار موسمية فقد ظل موطنا لحضارات عظيمة قبل الإسلام بفترة طويلة، وأصبح مقرا للعديد من الأسر الحاكمة بعد ذلك.
وأضاف: ساهمت كل هذه العوامل في تنوع الثقافات التي لا تزال موجودة في اليمن حتى اليوم، حيث تضم البلاد أربعة مواقع للتراث العالمي لليونسكو، بما فيها مدينة صنعاء القديمة، ذلك المكان الساحر الذي قال الروائي البريطاني المتخصص في أدب الرحلات والمقيم في اليمن “تيم ماكنتوش-سميث” إن بناياته تبدو كأنها “كعكة زنجبيل مثلجة مخبوزة، لا بنايات حقيقية قائمة”.
جماعات إرهابية تبيع الآثار في الأسواق الغربية
وفي السابع من شهر يناير الجاري قالت ديبورا لير مؤسس ورئيس ائتلاف الآثار الدولية، إنه لا توجد أرقام صحيحة وكاملة حول الآثار المهربة من البلاد التاريخية الغنية؛ لكن المستفيدين النشطين من تهريب هذه الآثار هي جماعة الحوثي والجماعات الإرهابية.
وأضافت رئيس ائتلاف الآثار وهي منظمة تعمل على وقف الاتجار بالآثار والحفاظ على التراث الثقافي في مقابلة مع إذاعة “NPR” الدولية تابعها يمن مونيتور، إن اليمن بلد تاريخي غني جداً كانت اليمن واحدة من مراكز التوابل وتجارة البخور القديمة مثل “منهاتن الصحراء”، تملك ناطحات السحاب الأولى من القرن السادس عشر وأحد السدود الرئيسية الأولى في القرن الثامن قبل الميلاد.
وأضافت لير: لقد تم استهداف كل هذا التاريخ لتدميره، نحن نخسر كميات كبيرة من التاريخ الغني حقاً لهؤلاء اللصوص. مع استمرار الحفر غير المشروع من يدري كم فقدت البلاد من كنوز. لقد فقدنا معلومات كانت تؤدي إلى إثبات وجود ملكة سبأ.
وقالت لير: مع التجارة غير المشروعة تتبعنا فقط نقاط خروجهم، يجتمع الرجال ليتم بيع الآثار مع جامعين آخرين من الأسواق الغربية الرئيسية. بعض هذه الأثار تظهر في الولايات المتحدة. هذه الأموال تعود مرة أخرى ليتم استخدامها من قِبل الحوثيين والمنظمات الإرهابية.
وأضافت لير: لدينا أدلة على غارات شنها تنظيم القاعدة على بعض المتاحف في اليمن ولدينا دليل على وجود الآثار في أوروبا حتى في بروكسل. يقوم تجار ببيع الآثار التي استولى عليها تنظيم القاعدة.
وتابعت لير: “هناك أدلة على استفادة تنظيم الدولة “داعش”، في هجوم على مقر المسؤول المالي لتنظيم الدولة وجدنا إيصالات بقيمة حوالي 5 ملايين دولار من الآثار التي تم بيعها على مدار السنة.
وحول مكافحة بيع الآثار في الأسواق الأمريكيَّة قالت لير: هناك قواعد دولية تحكم كيفية إيقاف الولايات المتحدة فعليًا من كونها سوقًا مستهدفة، ولكنها تتطلب أن تكون الدول موقعة على اتفاقية اليونسكو لعام 1970 للآثار. للأسف ، اليمن ليست كذلك.
واختتمت بالقول: “لذا يتعين علينا أن نكون مبدعين في التدابير التي نتخذها ونحن بحاجة أيضا إلى إجراء فوري بسبب هذه الأزمة المستمرة. ما اقترحناه هو أن تقوم [وزارة الخزانة] بتمديد صلاحيات الطوارئ التي يملكونها بموجب قانون الطوارئ والوسائل القانونية الأخرى التي يتعين عليهم إيقافها … بالفعل مع اليمن يمكنهم إيقاف استيراد النفط – أنهم يوسعون ذلك إلى تشمل الآثار لأن هذه المواد تستخدم لرعاية الإرهاب”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى