اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

(تحقيق حصري) كيف تحولت مدرسة “أرض الجنتين” إلى “جحيم” في صنعاء؟!

القصة الكاملة بالصور لانهيار مدرسة في صنعاء على 66 طالبة 
 يمن مونيتور/وحدة التحقيقات/خاص:
لم تحمي “شعارات الحوثيين” التي كُتبت على مبنى مدرسة في صنعاء من انهيارها على رؤوس الطالبات. لتدخل “نهال الكحلاني” في غيبوبة استمرت أربعة أسابيع بعد أن سقط سطح الفصل الدراسي على رأسها و66 طالبة أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
15 طالبة تعرضن لكسور وإعاقات دائمة في ذلك الفصل الدراسي. كان فشلاً ذريعاً للسلطة والإدارة في التنبؤ بالخطر بُنيت على النمط الشعبي، الطالبات ظللن مدفونات لساعات تحت التراب. انعكس هذا الانهيار على العملية التعليمية 500 طالب وطالبة توقفوا عن مواصلة التعليم، وثلاثة آلاف طالب يرفض أولياء أمورهم السماح لهم بالذهاب إلى المدرسة.
تحمل المدرسة اسم “أرض الجنتين” ولم تكن في ذلك اليوم “إلا جحيماً مقيماً” يقول المدرسون والطلبة.
فتح “يمن مونيتور” تحقيقاً صحافياً في الكارثة التي وقعت، تأسست المدرسة قبل 12 عاماً، في قرية “وادي عمد” بقاع القيضي في مديرية “سنحان وبني بهلول” تحديداً، التابعة إدارياً لمحافظة صنعاء.
وقال الحوثيون إن سبب انهيار المدرسة يعود إلى قصف جوي أدى إلى تعرض المدرسة إلى الانهيار لكن ذلك ليس الحقيقة، فالجماعة المسلحة سرقت أراضي المدرسة لصالح النافذين بداخلها، وتستخدم القصف كواحدة من أساليب التهرب من المساءلة المجتمعية.
 
سطح فصل دراسي في المدرسة-يمن مونيتور
سقوط السطح
التقى “يمن مونيتور” بجيران المدرسة في حارة “الاتحاد” وقال محمد الكحلاني: بدأت القصة على أساس أن هناك ترميم جديد وبدأت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وذلك بنقل الأتربة من سطح فصل إلى فصل آخر حيث وان الفصول هي في الأصل ترابية، وكانت الأخشاب الموضوعة في سطح الفصول مطروحة بشكل غير مثبت أي بشكل مؤقت، بدون أي تثبيت ومن فوق الأخشاب تم وضع الأتربة بكميات كبيرة، وأثناء قيام العاملين بنقل الأتربة بين من سطح فصل إلى آخر في الصباح الباكر وأثناء تواجد الطلاب في فصولهم,, لم يحتمل سطح الفصل مزيداً من الأتربة وفجأة طاح السقف منذ الوهلة الأولى على رؤوس الطلاب حيث وصل مستوى التراب إلى نصف الفصل فوق  رؤوس الطالبات.
 يقول محمد: في كل سنة يتم إطلاق الوعود على أساس أن هناك مبنى آخر جديد للمدرسة لأن أراضي المدرسة تم نهبها وسرقتها ويتم التنازع على لبنتين إلى ست لبن من أجل تعويض المدرسة وإسكات الحديث حول أرضية المدرسة المنهوبة.
 
فصول دراسية حيث وقعت الحادثة – يمن مونيتور
ساعة تحت التراب
يسرد علي، أحد المساهمين في عملية إنقاذ الطالبات بعد انهيار سقف المدرسة على روؤسهن من أبناء قاع القيضي وهو يحكي تفاصيل عملية الإنقاذ قائلاً لـ”يمن مونيتور”: مرضت أسبوعين جراء كمية الهواء التي دخل إلى صدري أثناء قيامنا بإزالة التراب والأخشاب من فوق رؤوس الطالبات، وكانت البداية أثناء ما كنا في المسجد المجاور للمدرسة وفجأة سمعنا صوت انفجار أشبه منه بانفجار قنبلة.
وتابع: “لنفاجئ بانهيار المدرسة، قُمنا بسرعة بالتحرك لإخراج الطالبات من تحت  الركام والخشب والتراب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.
مشيراً: ارتفع منسوب التراب الخاص بسقف المنزل إلى نصف الفصل المدرسي وما كنا نسمع سوى صراخ التلاميذ وكومة كبيرة من التراب حجبت عنا الرؤية تدافعنا إلى الفصل وبدئنا بإخراج الطالبات واحدة تلو أخرى حتى تمكنا بمساعدة جميع من في الحي بإخراج جميع الطالبات من الفصل المدمر.
 
طالب وطالبتان في المسجد المجاور
3 متر * 100 طالب
يقول المعلمون والطلبة وأهالي الطلاب إنه يتم حشر 100 طالب وطالبة في الفصل الدراسي الواحد الذي يصل مساحته إلى 3 *3 متر. لا تتوفر فيها كراسي أو أماكن لجلوس الطلبة، هذا في الفصول الجيدة أما البقية الأخرى فلا سقف يحميهم من المطر ولا أشعة الشمس.
يبلغ عدد الطلاب في المدرسة 1072 طالب وطالبة من فصل أول إلى فصل ثامن تشمل 6 شعب للفصول الثلاث الأولى وللكثافة السكانية التي تشهدها المنطقة.
 
صراخ مستمر
تقول إحدى المدرسات في مدرسة أرض الجنتين: هناك طالبات يبكين كلما حضرن إلى المدرسة حتى أن بعض الأهالي وصفو المشهد بالمرعب وتم اتخاذ قرار بالتدريس في العراء بالنسبة للطالبات اللتين يرفضن دخول الفصول المدرسية بعد الحادثة المؤسفة.
وقالت: نورا عبدالعزيز العميسي تلقت كسرين في الجمجمة وصديقتها فرح الرعيني أصيبت بكسر في العمود الفقر ولا تتحرك ساكناً من مكانها أما تسنيم الامري التي تلقت عدد من الكسور زميلات نهال التي دخلت في غيبوبة مستمرة و10 طالبات بإصابات بالغة الخطورة.. 4 في حالة خطرة و6 ما يزلن على قيد الحياة.
لم تتلقى الطالبات العلاج اللازم لا جراء حالتهن وجروحهن ولا علاج ما بعد الصدمة، بعض الطالبات يفقدن الوعي باستمرار، دون حراك. أهالي الطالبات لا يستطيعون مساعدتهن فلا يملكون المال، فالعائلات إما فقيرة أو مُعدمة.
 
طلبة يحملون أحد المفروشات للجلوس عليه- يمن مونيتور
شيء لا يصدق
تشتكي “ناهد” وهي معلمة أخرى في نفس المدرسة لـ”يمن مونيتور” من الوضع التعليمي للطلاب قائله: فعلاً شيء يدعو إلى الضحك والبكاء في نفس الوقت، عندما يقوم المدرس بشرح الدرس ونظراً لعدم وجود مساحة كافية بين كل فصل وآخر أثناء ما يقوم الفصل بالتصفيق فإن الفصل المجاور يصفق او يردد ما يقوله الفصل الأول فيقف المعلم حائراً كيف يمكن السيطرة على فصله الدراسي بعد خروجه عن السيطرة.
وأضافت: يتم الاستعانة بمساحة المسجد المجاور لاستيعاب الطلاب وفتح لهم مساحة لعدم قدرة المدرسة إيجاد فرص وبدائل أخرى للتدريس فيها بعد سرقة أرض المدرسة من قبل عناصر تتبع جماعة الحوثي.
وقالت المعلمة التي اشترطت ذكر الاسم الأول لـ”يمن مونيتور” “لوكان هناك فصول دراسية إن عدد الطلاب سيرتفع إلى ثلاثة ألف طالب وطالبة ونظراً لعدم وجود مساحة يضطر الطلاب إلى الانتقال إلى مدارس أهلية بعيدة بمبالغ باهظة الثمن يفوق قدرة الأسرة على التعليم ما يضطر المئات إلى ترك الدراسة ويفضل أولياء الأمور أن تقعد بناته في البيت بعد انعدام كافة الوسائل لتعليمهن”.
 
عزوف كبير
كانت هناك نتائج سلبية وكبيرة على الحادثة فأكثر من نصف الطلبة يرفض أولياء أمورهم مواصلة التعليم، لعدم وجود مكان للتعليم.
وقال “حسين جمعان” وهو معلم في الفصول الأولى لـ”يمن مونيتور”: أولياء الأمور رفضوا تدريس بقية أولادهم خوفاً من سقوط بقية أسطح الفصول الدراسية على أطفالهم وما يزال أكثر من نصف الأهالي يرفضون مواصلة أبنائهم التعليم بسبب الخوف عليهم من الموت ما أدى إلى انقطاع نصف طلاب المدرسة على مواصلة تعليمهم المدرسي.
وأضاف: تواصلنا مع مئات من أولياء الأمور بأن يسمحوا للطلاب بالعودة إلى المدرسة القليل فقط من استجاب والأغلبية رفضوا إرسال أطفالهم إلى المدرسة مجدداً.
وانقسم أولياء الأمور إلى قسمين منهم من تمكنوا من نقل أطفالهم إلى مدارس أخرى بعيدة والبعض الآخر لم يتمكن من القيام بتدريس أبنائه في أي مدرسة وفضل انقطاع أطفاله عن التعليم خشية أن يواجهوا نفس مصير الطلاب السابقين في المدرسة المجاورة من “أرض الجنتين”.
 
آيلة لسقوط كامل
يقول مدير مدرسة أرض الجنتين عبداللطيف دماج, في حديثه لـ “يمن مونيتور” ان جميع الفصول المدرسية آيلة للسقوط لأنها ترابية “شعبية” مكونة من تراب وأخشاب.
وكشف دماج أن المدرسة بنيت على حساب نفقه الأهالي وليس على حساب الدولة وان الفصل سقط على رؤوس 66 طالبة و15 طالبة تأثيرين تأثير مباشر وأضرار قوية تنوعت بين كسور في الجمجمة والعمود الفقري ورضوض وحالة من الرعب وإصابات في الوجه والجنب والأطراف.
ويبدو واضحاً في المدرسة الشقوق على الجدران والمبنى المهترئ المعرض للسقوط فوق رؤوس الطلاب والطالبات نتيجة للإهمال الواضح واللامبالاة من قبل وزارة التربية والتعليم الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي – في صنعاء-.
 يقول أحد المعلمين كنا نقوم بعملية التدريس في العراء تحت أشعة الشمس الحارقة وكنا نشتري طرابيل -غطاء بلاستيكي- إلا أن الرياح تقوم بتمزيقها لا يصمد سوى أسبوع فقط ومن ثم يتمزق، ما أضطر إلى مواصلة التدريس داخل هذه الفصول ولأن الفصول آيلة للسقوط فإن نصف الطلاب يحذرون التوجه عن المدرسة ويحضرون بين وقت وآخر، فيما نصف الطلاب انقطعوا عن المدرسة بشكل نهائي.
ولا يوجد ما يؤكد أن هذه الفاجعة لن تتكرر.
 
أمركة الأحداث
عقب الحادثة زار وفد من الحوثيين “المدرسة” المُنهارة، وتعلن أن قصفاً مجاوراً تسبب بانهيارها مع أن الأهالي نفوا ذلك.
وقام الوفد الزائر برئاسة وكيل وزارة التربية والتعليم الخاضعة للحوثيين عبدالكريم الجنداري برفع شعارات الجماعة “الموت لأمريكا..الخ” وكتابتها على جدران المدرسة المتبقية. ومضوا في طريقهم دون تقديم حلول.
 
أرض المدرسة المنهوبة
اطمأن سكان المنطقة أثناء قيام موفدين لـ”يمن مونيتور” بتصوير المدرسة وأثارها بعد أن عِلموا أن الوسيلة “محايدة” ولا تتبع جماعة الحوثي المسلحة.
وقال السكان لـ”يمن مونيتور” إن قيادياً حوثياً يدعى محمد المحاقري المحسوب على جماعة الحوثي قام ببيع أرض المدرسة المخصص 100 لبنة “اللبنة 44 متر” وأعلن عن تخصيص ست لبن كأرض لمدرسة ليتم بيعها من جديد، لتبقى المدرسة على “لبنتين” فقط.
مضيفين: بقيت هذه المدرسة على لبنتين فقط من أصل 100 لبنة كانت مخصصة لبناء مدرسة متكاملة لتكون هذه الدكاكين التي ترونها والتي كانت فيها الكارثة وحرمان منطقة وقرية بكاملة من التعليم للأسف الشديد.
تعود “نهال” إلى غيبوبتها لـ”ساعات” بعد أن توقفت عن المدرسة، لتخبرنا بمستقبل اليمن كـ”جحيم”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى