الدولة حلمنا القديم والجديد حلم الشهداء والمناضلين منذ أكثر من نصف قرن، دولة التوافق السياسي والحوار الوطني، الذي لا فيه غالب ولا مغلوب، فيه ارادة الشعب هي مصدر التوثيق والتشريع والسلطات.
السيد غريفيث يشعر بالأسف لحادثة الطائرة المسيرة للعند، أسف يحد من توجيه اللوم لعصابة الحوثي التي لا تكترث للاتفاقات والعهود ولا تضبطها قوانين ومواثيق الامم، عصابة ترسل أو تزرع ادوات الموت، لتبرهن وجودها، كلما صمتت المدافع والطائرات، وبدأ السياسيين يتحدثون عن تسويات لترسيخ دولة، وبدأ الناس المتضررين من الحرب يتنفسون الصعداء، تشعر هذه العصابة انها على وشك السقوط، لأن الدولة لا تستقيم واهوائها في السيادة و تمايز الطائفة خزعبلات والسحر والشعوذة والمهدي المنتظر.
الدولة حلمنا القديم والجديد حلم الشهداء والمناضلين منذ أكثر من نصف قرن، دولة التوافق السياسي والحوار الوطني، الذي لا فيه غالب ولا مغلوب، فيه ارادة الشعب هي مصدر التوثيق والتشريع والسلطات.
الحوار الوطني هو الفرصة المثلى لبناء هذه الدولة الحلم، حوارا لم يستثني غير من رفض أن يكون جزءا منه، لأن مشروعه صغير سيذوب في اطار مشروع الحوار الوطني، كان بابه مفتوح للجميع بما فيهم عصابة الحوثي وهي تحمل البندقية وتلوح من حين لآخر بالعنف كجماعة شاردة عن الاجماع، كانت الضرورة تتطلب دمجها بهذا الاجماع، عسى أن تتعلم وتعي أن الوطن يتسع لكل ابنائه وأفكارهم وتوجهاتهم. كنا نراها فرصة لتعافي وطن، وهم أرادوها فرصة لابتلاع وطن، باحثين عن مبرراتهم العقيمة للانقلاب، بدعم من المتضررين من الدولة الناشئة، وأصحاب المصالح والأطماع، فرضوا على الجميع حربهم التي عطلت مسار التحول، وفرضت واقع البؤس، والتدخل الاقليمي.
ومن سخريات هذه الجماعة التي لا تهتم لوطن يدمر، وهي تبحث بين نتائج انقلابها عن مبررات الاستمرار حربها في تدمير ما تبقى من وطن.
كان الحوار يؤسس لدولة وطنية عصرية تتولد من رحم الثورة، تحسم كل الصراعات السلبية المدمرة حول السلطة والثروة، مشروع يفرض على الديناصورات الكبيرة التي عبثت بالبلد سنوات ان تغادر مقاعدها، ويقطع الطريق أمام المشاريع الصغيرة طائفية مناطقية كانت أو أيدلوجية الفكر الواحد وصنمية الزعامة التي تهدف لتمزيق وطن وشرخ نسيجه الاجتماعي، وتعكير صفو تنوعه السياسي والفكري والثقافي.
أين نحن اليوم من هذا الحلم الذي كاد أن يكون حقيقة لولا عصابة الحوثي، التي يجن جنونها عندما تسمع مخرجات الحوار، والدولة الوطنية الاتحادية، التي لا تستقيم واهواءها بل أجنداتها، لا تستقيم بقناديلها وسيدها والمهدي المنتظر، الوهم الموعود لشعب بائس مستغل منهك، بخزعبلات الماضي وترهات الحاضر، ليرضي الطامعين بالمارد اليمن العظيم بتاريخه وحضارته وارثه وتراثه.
مؤسف أن يتطاول اليوم الأقزام على البلد الأصل في الجزيرة والعروبة اليمن الذي لن يستسلم لا للعصابات والأطماع، ومن يدعم هذه العصابات تحت وهم أن يبقى اليمن مريض سهل إدارته بالصراعات وتعطيل أي مشروع دولة وطنية تنهض به وترفع من شأنه بين الامم.
الرهان اليوم على الشعب اليمني العظيم، للقضاء على هذا الانقلاب، وما يحدث من انقلابات اخرى داخل صف الشرعية لهدف يخدم الطامعين باليمن، لابد من توحيد صف الشرعية كقيمة ممثلة بالدولة الوطنية ومخرجات الحوار والتحول لمستقبل منشود الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، لتسقط كل الرهانات على تفكيك الوطن واستلابه لهويته ومكانته بين الامم.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.