كتابات خاصة

فتاة الريف وجلب الماء

إفتخار عبده

ضجيج كبير في حياة الفتاة الريفية، تعيش صعوبة في التوفيق بين أعمالها في البيت وبين جلب الماء، وكيف ستستطيع التوفيق بينهما وهي تقضي ساعات طوال تذهب بها لجلب الماء من أماكنَ بعيدة، وإن كانت قريبة فماؤها غير متوفر.

أزمةٌ كبرى ربما تنافس الأزمة الاقتصادية التي يعانيها اليمن في ريفه والحضر  تدفع ثمنها الفتاة الريفية وحدها.. إنها أزمة جلب الماء.

بشكل غريب هذا العام، يشهد الريف اليمني قلة نزول الأمطار، مما أدى إلى شحة كبيرة في المياه، والفتاة  في الريف تجاهد وربما جهادها يفوق ذلك الجهاد في جبهات القتال أو يساويه، لا تنام الليل قط فهي تقضيه بتنقلاتها من مكان إلى آخر تسابق أخواتها علها تظفر بماء نقي تحت جنح الظلام وبين البرد القارس، مسافات طوال تقطعها في النهار تحت حرارة الشمس التي مسحت عنها أنوثتها تماما، وأحالت وجهها كله إلى هالات سوداء وشحوب مخيف، هي الآن لا يهمها شيء سوى أن تجد الماء الذي منه تستطيع أن تعيش حياتها بقليل من الهدوء، رغم أنها في ذهابها إلى جلب الماء تعيش الصخب كله ففي مناطق من ريفنا اليمني الذي يشهد شحةً كبيرة في المياه إذ لا يوجد بها سوى بئر واحدٍ، هو أقل من أن نصفه بالبير لقلة مائه، فقد تم تقسيم الماء فيه إلى مناطق وحارات ما وصل الحال إلى أن بعض البيوت لا يصلها ذلك الماء القليل إلا بعد أيام معدودة وهذا ما يحدث الصخب والضجيج عند ذلك البير، خوفٌ كبير يعتريهن من أن ينتهي ماؤه دون أن يصل دورهن إليه.
ضجيج كبير في حياة الفتاة الريفية، تعيش صعوبة في التوفيق بين أعمالها في البيت وبين جلب الماء، وكيف ستستطيع التوفيق بينهما وهي تقضي ساعات طوال تذهب بها لجلب الماء من أماكنَ بعيدة، وإن كانت قريبة فماؤها غير متوفر.
كثيرةٌ هي الخلافات التي تعيشها مع من حولها سواء عند الماء أو في بيتها فالوقت غير كاف لها كي توفق بين أمورها، والذي تتلقاه من كلام جارح إثر تأخرها كثير جداً جعلها في حالة من الاضطراب والضجيج الداخلي والارتباك الشديد.
يقولون لا طعم للحياة دون مشاكل أو تعب فهما ملح الحياة، ماذا لو كانت الحياة كلها تعبٌ ومشكلات.. أيُّ طعم سيكون لها وأي مذاق.
هكذا هي المرأة الريفية خصوصاً بهذا الفصل السنوي الذي جمع بين مرين البرد من ناحية وشحة الماء من ناحية أخرى.
تعاني الأمرين بصبر جميل وتفاؤل لطيف.
ترى هل سينظر إلى هذه القضية التي أرقت كثيراً من يعيشونها وأدخلتهم في جحيم الحياة، أم أن نظرتهم للريف أنه يعش الأمان المطلق تكفيه وتغنيه عن أن ينظر للعناء الذي يعيشه؟
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى