كيف استقبلت صنعاء العام الجديد؟! (تقرير خاص)
انبثاق مياه الصرف الصحي وتهدم أجزاء من أسوار صنعاء القديمة مع طغيان البناء الحديث على المدينة يمن مونيتور/صنعاء/خاص:
استقبلت العاصمة صنعاء 2019 بتهديد معالمها التي تقف في أعلى قائمة المدن القديمة العالمية، وبعد أربعة أعوام ونيف من سيطرة الحوثيين على المدينة أصبحت مظاهر الحياة سيئة مع انهيار الخدمات ووسائل السلامة.
فعلى مدى أربعة أعوام من سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء لم تتراجع الوسائل الخدمية بل توقفت بشكل شبه كامل، حيث أستقبل اليمنيون عامهم الجديد بتسرب لمياه المجاري في المدينة التاريخية “صنعاء القديمة”.
وانتشر الذباب والبعوض والروائح الكريهة بسبب مياه الصرف الصحي إثر انفجار في الشبكة الرئيسية تسبب في إغراق المدينة بمياه ملوثة خارجة من المنازل والمستشفيات بمحتواها من الدماء والمواد الكيماوية والعضوية الضارة ما تهدد بكارثة بيئية.
كان الحوثيون قد أعلنوا عن عام 2019 كعام للنظافة على أن يكون تاريخ 1 يناير/كانون الثاني بداية تدشين حملة نظافة، لكنها فشلت بعد غرق المدينة بمياه الصرف الصحي وعدم تمكن الفرق الهندسية من احتواء الموقف حتى نهاية الأسبوع الأول.
واتجهت الأنظار إلى طفح المجاري اللصيقة بالشوارع والمنازل في مدينة صنعاء القديمة الأكثر ازدحاماً بالسكان، ومشاهد انتشار النفايات في شوارع صنعاء ما تسبب في استياء واسع بظهور هالة إعلامية بإعلان يوم حملة للنظافة بينما السكان يخوضون صراعاً مع المجاري.
يقول محمد مرغم لـ”يمن مونيتور”: نعم طفح المجاري في الأحياء التابعة لمديرية شعوب وقمنا بإبلاغ عمليات المديرية لكن لم يصل أحد إلى المكان.
وأضاف: على مدى أسبوع منذ انطلاق حملة تدشين النظافة تحت مسمى 1-1 شهدنا طفح المجاري على مستوى عدد من المديريات وتسرب المجاري ما ينتج عنه تلوث بيئي وانتشار الأوبئة والأمراض بسبب عدم وجود حلول لمعالجتها.
طفح المجاري
وفيما اعتبر سكان أبناء مديرية شعوب تصريحات الجهات الرسمية الخاضعة لسيطرة الحوثيين أعذار واهية وغير مقبولة؛ قال أمين العاصمة حمود عباد المعين من قبل جماعة الحوثي أن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى طفح مياه المجاري يعود إلى انهيارات في خط السائلة أدت إلى تسرب مياه الصرف الصحي “المجاري”.
وحول عدم تمكن أمانة العاصمة من السيطرة على طفح المجاري أفاد: بأن الفرق الفنية بمؤسسة المياه تعمل على إعادة المجاري إلى ما كانت عليه خاصة بعد وصول معدات ودكاكات من وزارة المياه والبيئة.
حرمان صنعاء
وشكا عشرات الأهالي في تصريحات لـ”يمن مونيتور” الإهمال الكبير الحاصل على مدينة صنعاء مع بدء عام جديد، قائلين: هكذا بدت السائلة بصنعاء القديمة لليوم الثاني على التوالي المجاري والروائح الكريهة تبحر وتغرقها من كل اتجاه.
مؤكدين: ندخل عاماً جديداً في ظل حرمان صنعاء القديمة من ضمن الدخول في قائمة عجائب الدنيا السبع والتي من المفترض أن تدخل مدينة صنعاء اليمنية التاريخية احدى ابرز الواجهات العربية الحضارية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ والعاصمة الثقافية العربية معترك التنافس لانتزاع لقب أحدى عجائب الدنيا السبع في التصويت العالمي الواسع النطاق الذي تنظمه منظمة اليونسكو العالمية ويرجع السبب إلى السلطة المسيطرة على صنعاء – في إشارة إلى جماعة الحوثي-.
اليونيسكو
وأستقبل أهالي مدينة صنعاء القديمة عامهم الجديد 2019 بانهيار في بعض أسوار مدينة صنعاء القديمة مع زحف ومخالفات تؤدي للتشوهات المعمارية المخالفة للنمط الصنعاني التي تجاوزت ألفين مخالفة ما يهدد بقائها في قائمة التراث العالمي في اليونسكو.
واتجه عدد من أبناء مدينة صنعاء إلى استحداثات مخالفة للنمط الصنعاني والأبنية القديمة ولجوء الساكنين إلى استخدام أنواع الأحجار الأبيض منها والياجور التي يمنع استخدامها في بناء أو ترميم مدينة صنعاء القديمة.
وتشير مصادر محلية إلى أن أبناء مدينة صنعاء القديمة يقومون حالياً بالتوسع في المدينة واستحداث ابنيه وأدوار فوق الأبنية التراثية ويرفضون إزالة المخالفات والاستحداثات المشوهة للمدينة ومبانيها الأثرية.
وأضافت المصادر أنه في الوقت الذي يغيب فيها دور الدولة يضطر المواطنون إلى بناء منازلهم بعد تهدم أجزاء منها التي يزيد عمرها عن 2500 سنة.
وكان رئيس جمعية حرفي البناء التقليدي الصنعاني أحمد نواس قال في تصريح سابق لـ”يمن مونيتور”: نستنكر حصول هذه التجاوزات في عملية البناء في مدينة صنعاء القديمة في ظل استمرار حدوث تشوهات معمارية في المدينة القديمة ونحرص إلى إيقاف الاستحداث في أنماط مخالفة للبناء المعماري في المدينة.
وقال نواس إن المخالفات قد تصل حتى الآن إلى أكثر من الفي مخالفة في المدينة وهذا يهدد ويسهم في تشويه المعالم التاريخية في مدينة صنعاء القديمة ويهدد الحفاظ عليها في قائمة التراث العالمي في اليونسكو.
ودعا نواس كافة المعماريين الذين يقومون بالعمل في مدينة صنعاء القديمة بالوقوف إلى جانب كل من يدعم ويحرص على الحفاظ على التراث المعماري الفريد للمدينة.
وفي عام 2013 أمهلت منظمة اليونسكو الحكومة اليمنية فرصة أخيرة لإبقاء صنعاء القديمة في قائمة التراث العالمي مقابل إزالة المخالفات والاستحداثات المشوهة للمدينة ومبانيها الأثرية.
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة اليونسكو مدينة صنعاء ضمن قائمة مواقع التراث العالمي منذ عام 1986 في القرن الماضي لكنها تبدو اليوم على حافة الخطر بعد أن أطلقت المنظمة مؤخراً تهديداتها بشطبها من القائمة نتيجة تعرضها لتشوهات تتنافر مع نسقها المعماري.
ويعود تاريخ بناء صنعاء القديمة إلى القرن الخامس قبل الميلاد وهي مدينة مسورة بسبعة أبواب أشهرها “باب اليمن”؛ كما أنها تعد إحدى أقدم المدن في العالم وتتميز بأسواقها الشعبية وطابعها المعماري الفريد.
وما تعرضت له هذه المدينة التاريخية من إهمال وتشوهات لم يقتصر على جعلها مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي فحسب بل أثر أيضاً على حركة السياحة وتوافد الزائرين إليها خلال الآونة الأخيرة.