كتابات خاصة

الهدنة المقلوبة

سلمان الحميدي

الهدنة في قاموس المليشيا: هي الوقت المناسب لمباغتة الخصم في جبهة ما، طمعًا بهزيمة أو نصر معنوي، ومن الجميل أننا لم نسمع بالتوقيع على هدنة أثناء مفاوضات السويد، رغم توفر ما يشبه مؤشرات لهدنة، من قبيل: التهدئة، تبادل الأسرى، والإكليشة الدائمة: تحقيق السلام للشعب المنهوك.

كم عدد الهُدَن المخترقة منذ بداية الحرب؟ هدنة وراء هدنة، لم يستفد منها الشعب شيئًا، وكأنها وقت لإعادة موقعة المدافع والضرب من جديد..
الهدنة في قاموس المليشيا: هي الوقت المناسب لمباغتة الخصم في جبهة ما، طمعًا بهزيمة أو نصر معنوي، ومن الجميل أننا لم نسمع بالتوقيع على هدنة أثناء مفاوضات السويد، رغم توفر ما يشبه مؤشرات لهدنة، من قبيل: التهدئة، تبادل الأسرى، والإكليشة الدائمة: تحقيق السلام للشعب المنهوك.
مرة، عندما اتفقت المليشيا مع الجيش والمقاومة على هدنة في تعز، برعاية دولية، بقينا مترقبين بآذان صاغية لوقف إطلاق النار الذي سيبدأ عند الساعة الثامنة، مرة أخرى كان عند الساعة الحادية عشرة تقريبًا. عند الساعة السابعة والنصف كانت الاشتباكات خفيفة بالأسلحة المتوسطة، وذلك ما اعتبرناه الهدوء الممهد للسلام، في تمام الساعة السابعة وتسعة وخمسين دقيقة توقفت الاشتباكات تماماً، وعند الثامنة “موعد بدء الهدنة” إلتمعت السماء بلهب أحمر وارتجت الأرض بدوي كبير، قذيفة مدفع المليشيا أشعلت وطيس الليلة كاملة على مختلف الجبهات فيما بعد، لتبدو ليلة الهدنة أكثر حماسة مما قبلها، وحناجر الأسلحة أكثر صخبًا من صخب أيام الحرب العادية!.
واقع “الهُدن” الذي نعيشه، خلخل المعنى في رأسي، وساورني الشك بأني على خطأ في معنى الهدنة، ما جعلني مضطرًا  للبحث في القواميس.
 في معجم الوسيط، الهدنة: “المصالحة بعد الحرب، أو فترة تعقب الحرب يتهيأ فيها العدوان للصلح، والجمع “هدن”، الهدنة: الدعة والسكون”.. يا سلام على الدعة والسكون الذي نعيشه في اليمن عند الحديث عن التهدئة.
وفي معجم الغني: “اتفق المتحاربون على هدنة: وقف الحرب إلى حين، بهدف الاتفاق على صلح، اتفقوا على هدنة والأمل كبير أن يتبعها سلم دائم” للنظر في المعنى الوارد في المعجم، يمكن تفحص الواقع الذي نعيش، عقب مفاوضات السويد المفضية إلى تهدئة يتبعها سلم، شن الحوثيون هجومًا مباغتًا على صرواح، خسروه في نهاية المطاف، فلا حافظوا على حسن النوايا كما أبدوها لصميل المجتمع الدولي، ولا حافظوا على مقاتليهم.
في كل مرة تبدو الهدنة، مناسبة للتعبير عن الغل بأقبح صورة ممكنة، تبدو وهمًا ليس إلا، وهنا لا ننسى الإشارة للرازي بمعجمه مختار الصحاح، هـ د ن: هادنه: صالحه والاسم الهدنة، ومنه قولهم: هدنة على دخن، أي سكون على غل!.
المليشيا لا تسكن أبدًا عند أي اتفاق.. لا دعة، والمصالحة حبر مراق على ورق، لا يتهيأ أي طرف للصلح، والأمل الكبير أن يعقب أي اتفاق، سلم دائم، أمل يحتضر. متى ينتهي كل هذا الغل؟
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى